تنتاب الكيانات السياسية العراقية التي قررت دخول ثاني انتخابات عامة في البلاد مخاوف، فالائتلاف الذي اختار قائمة مرشحيه على اساس التكونوقراط او البرامج الاقتصادية قلق للغاية من غلبة المؤثر الطائفي في توجيه اختيارات الناخبين، كما ان التحالفات التي اسست من منطلق الخط الوطني، كالقائمة"العراقية"بزعامة رئيس الحكومة السابق اياد علاوي لا تخفي خشيتها من تكرار سيناريو الانتخابات السابقة التي اختار فيها الناخبون قائمة"الائتلاف"الشيعية بزعامة عبدالعزيز الحكيم ورئيس الحكومة الحالية ابراهيم الجعفري. ويعترف عزت الشابندر مستشار رئيس الوزراء السابق اياد علاوي بخطورة قوائم الاستقطاب الطائفي على التيار الليبرالي والوطني، لكنه يؤكد ان فاعلية تأثيرها"لن تصل الى درجة إلغاء المشروع الوطني او تقويضه سيما ان غالبية برامج الاستقطاب الطائفي تنطلق من برامج سياسية محددة تهدف الى تقسيم البلاد الى دويلات صغيرة متناحرة"مؤكداً ان"المشروع الوطني بدأ يستعيد حضوره وان تعزيزه بات متاحاً في المراحل اللاحقة"موضحاً ان التيارات الطائفية فشلت في استيعاب ثقافة المشاركة في تقاليد الحكم الأمر الذي ادى الى تبعية الوزارات ومؤسسات الدولة الى جهات دينية محددة". ولم يستبعد الشابندر تحالف كتلة علاوي مع التيارات السنية في المجلس النيابي المقبل، على رغم وجود تقاطعات معها،"سيما انه يمثل حلاً وسطاً بين التطرف الشيعي من جانب والتطرف السني من جانب اخر". لكن الموقف الذي يعتقد انه صدر عن المرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني بعدم دعم اي قائمة انتخابية"من المرجح ان لا يشكل اي ضمانة لتجنب تكرار التصويت لصالح ائتلاف الحكيم لسببين: الاول ان الناخب في الشارع الشيعي لا يجد ما يمنع من الاستناد الى الدعم السابق للسيستاني لقائمة الائتلاف. والثاني، النفوذ الايراني التمنامي في جنوبالعراق والذي اكدته تقارير أمنية وسياسية في صدارتها تقارير القوات البريطانية الموجودة في البصرة وهذا النفوذ سيتطوع لمساندة قائمة الحكيم - الصدر- الجعفري بالطبع". الليبراليون العراقيون ما زالوا يوجهون انتقاداتهم الشديدة للحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بول بريمر وللأميركيين عموماً لمسؤوليتهم في توريط ديموقراطية العراق الوليدة بطائفية سياسية. تحذيرات هؤلاء لم تتوقف وغضبهم لم يهدأ بسبب الاجواء الطائفية التي وضعت فيها العملية الانتخابية العراقية من البداية. ويؤكد عصام الراوي، عضو"هيئة علماء المسلمين"ان القوائم الانتخابية التي قدمت الى المفوضية العليا"تعكس صورة التخندق الطائفي والعرقي في البلاد عند السنة والشيعة وبقية الأطراف". وقال ان الهيئة"لن تدعم قائمة انتخابية بسبب عدم توازن تلك القوائم في تشكيلها وانجرار غالبيتها الى التنوع المذهبي"معتبراً ان"قائمة علاوي بتشكيلتها الحالية باتت اكثر توازناً من بقية القوائم". لكنه قال ان"تباين وجهات النظر بين الأخير والهيئة حول العديد من القضايا ومنها حرب الفلوجة حينما كان رئيساً للحكومة يمنع الهيئة من إعلان هذا الموقف". ورغم خطابات او شعارات بعض السياسيين العراقيين المتفائلة بإمكان صعود الخط الوطني وانحسار الخط الطائفي، الا انه من الصعب التصور ان يصوت الناخبون في محافظة الانبار السنية لقائمة الائتلاف الشيعي بزعامة الحكيم، كما انه من شبه المستحيل ان يضع الناخب في محافظة النجف الشيعية اشارة صح على مربع قائمة التوافق العراقية السنية بزعامة عدنان الدليمي وطارق الهاشمي. دراسات سياسية عراقية اشارت الى حاجة العراق لعقد من الزمن للتحول من الديموقراطية الطائفية الى ديموقراطية معاصرة حديثة يصوت فيها الناخبون لمرشح ذي كفاءة سياسية او اقتصادية. ومع ان خروج احمد الجلبي من قائمة الحكيم - الجعفري فسره بعضهم على انه تكتيك سياسي انتخابي، قال اخرون ان خروج هذا الرجل التكونوقراط من قائمة انتخابية تتزعمها قيادات اصولية يمثل تعزيزاً للطائفية السياسية بشكلها ومضمونها المذهبي لمواجهة استحقاقات انتخابات كانون الاول ديسمبر المقبل. التكهنات الاولوية رجحت هزيمة اي برنامج انتخابي لأي قائمة امام المؤثر. فعمليات التصفية الطائفية التي شنها زعيم تنظيم"القاعدة"في العراق ابو مصعب الزرقاوي، والحرب التي اعلنها على شيعة العراق، واعمال القتل الغامضة التي تنفذ بعد الساعة الثامنة ليلاً وتتهم بها عناصر من وزارة الداخلية ، ساهمت الى حد كبير في تقوية النزعة الطائفية.