دخلت ثمانون شخصية إسلامية من صفوة "عقول الأمة"، أمس، في جلسات نقاش فكري تمتد ثلاثة أيام، استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تمهيداً لصوغ "وثيقة مكة التاريخية" التي سترفع إلى مؤتمر القمة الإٍسلامي الاستثنائي المقرر انعقاده في مكة نهاية العام الحالي على بعد خطوات من الكعبة المشرفة. وتشتمل هذه الوثيقة على خريطة محددة المعالم من التحديات والمخاطر المحدقة بالمسلمين على المسارات كافة. وتتضمن الوثيقة توصيات ستكون بمثابة "خطة عمل شاملة" من المرجح أن يعتمدها القادة المسلمون، لتنفيذها على مدى سنوات العقد المقبل. وسيلوذ العلماء والمفكرون الذين يمثلون مختلف الطوائف والمذاهب الإسلامية بقاعات مغلقة أمام العموم ووسائل الإعلام: "تحقيقاً لصفاء الذهن وتحفيزاً للحديث بصراحة مطلقة"، بحسب تأكيد مسؤول في "منظمة المؤتمر الإسلامي" في تصريح إلى "الحياة" عن سرية الجلسات. وخاطبت السعودية منتدى العلماء والمفكرين الذي بدأت وقائعه في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، في قصر المؤتمرات في مكة بالقول إنه "انطلاقاً من مسؤوليتها واستشعارها التحديات الجسام والمخاطر الكبيرة المحيطة بالبلدان الإسلامية، رأى الملك عبدالله أن يلتقي وقادة العالم الإسلامي". وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار عبيد مدني في كلمة افتتاحية انه "تحضيراً لمؤتمر القمة الاستثنائي، بادرت المملكة العربية السعودية بالدعوة إلى عقد واستضافة هذا المنتدى". واضاف إن ذلك يأتي "إدراكاً منها وتقديراً للدور المهم والمكانة الرفيعة لعلماء الأمة الإسلامية ومفكريها، الذين هم ورثة الأنبياء في خدمة مصالح الأمة الإسلامية والحفاظ على وحدتها وائتلافها وجمع كلمتها ودرء المخاطر عنها". وكان الملك عبدالله وجه دعوته في موسم الحج الماضي لقادة العالم الإسلامي للتوافد على مكة "مهبط الوحي ومهوى المسلمين، للنظر في حال أمتهم والبت في ما يبعد عنها أخطاراً متعددة، تستهدف عقيدتها وثوابتها وثقافتها وتشويه حضارتها". وقدر الوزير السعودي في كلمته الافتتاحية التي حمل فيها تحيات الملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز أن يخرج مؤتمر القمة الاستثنائي ب "قرارات حيوية تمس مصير الأمة الإسلامية بأكملها". مشيراً إلى أن الحمل على علماء الأمة ومفكريها "كبير، والمسؤولية ثقيلة لإنجاح هذا المنتدى، الذي يمثل صفوة الفكر الإسلامي، ممن يعتمد عليهم في رسم منهج سير الأمة". من جهته، دعا الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي اكمل احسان اوغلي ا ف ب العلماء المسلمين الى نشر الاعتدال والتسامح لاحتواء "مظاهر الغلو والتطرف التي اخذ العالم الاسلامي يعاني منها"، ودعا الى "تدارس الوضع الاسلامي العام و التأمل في انجع الحلول والوسائل لتوحيد الكلمة والخروج من حالة العجز والتفرقة التى تعاني منها الامة الاسلامية". وأشار احسان اوغلي الى أن "اجتماع اليوم ... يهدف الى وضع أسس علمية وجدية للتضامن بين ابناء الامة الواحدة ولدرء الاضرار عنها وبلورة رؤية جديدة لمنظمة المؤتمر الاسلامي، وهي فرصة تاريخية قد لا تتكرر علينا ان نتشبث بها وان نسير بها الى غاياتها العلمية المنشودة". واكد احسان اوغلي في كلمته ان "فكرة الاتجاه الى علماء الامة ومفكريها لاستقصاء ارائهم وافكارهم بشأن مصير الامة ومستقبلها ووضع رؤية جديدة لمنظومة المؤتمر الاسلامي فكرة قيمة غير مسبوقة بل هي نقطة تحول جوهرية في طريق تلمس قادة المسلمين الحلول للمسائل التى يواجهونها وبادرة حميدة نرجو ان تطبع التفكير السياسي المعاصر". واعتبر ان "واقع التخلف الذي نعاني منه والامراض والازمات الاقتصادية والاجتماعية التي استشرت في مجتمعاتنا جرى استغلالها من بعض المتطرفين ليعيثوا في الارض فساداً ويسيئوا للاسلام والمسلمين ويقوموا بأعمال تتنافى مع تعاليم الدين وتدينها القوانين الدولية وتشيع كراهية الاسلام في ارجاء العالم". وختم: "من هذا المنطلق، صارت قضية مناهضة الغلو والتطرف تحتل اولوية خاصة في مجال بحثنا عن اصلاح الخلل الفكري الذي يعاني منه العالم الاسلامي".