لولا رحابة صدر الوزير المفوض الفرنسي عزوز بيغاغ ومرونته، لكانت المعاملة السيئة التي لقيها في مطار اتلانتا في الولاياتالمتحدة تسببت بأزمة ديبلوماسية بين واشنطن وباريس. فلدى توقفه في مطار اتلانتا، وهو في طريقه الى فلوريدا لإلقاء محاضرة شاءت الصدف ان يكون عنوانها"السياسات الفرنسية الجديدة لمكافحة العنصرية"، وجد بيغاغ نفسه عرضة لأحد فصول التمييز العنصري التي باتت تلازم العرب في تجوالهم، خصوصاً في الولاياتالمتحدة. وبيغاغ الجزائري الأصل العربي الملامح اثار ريبة رجال شرطة مطار اتلانتا، الذين طوقوه لدى ترجله من الطائرة وطلبوا منه ابراز جواز سفره الذي يحمل تأشيرة من نوع"أ واحد"وهي التأشيرات التي تمنح للديبلوماسيين والوزراء. لكن حيازة بيغاغ لمثل هذه التأشيرة، عزز ريبة الشرطة بدلاً من طمأنتها، وجعلتها تعتبر ان في الأمر خدعة، اذ كيف يمكن لعربي مثله ان يكون وزيراً او ديبلوماسياً في فرنسا؟ واصطحب بيغاغ الى غرفة خاصة، حيث اخضع لاستجواب مفصل، شرح خلاله انه يتولى حقيبة وزارية كلف من خلالها بالعمل على تعميم المساواة في الفرص بين الفرنسيين بمعزل عن أعراقهم، وانه بالأصل عالم اجتماع وكاتب كثيراً ما تردد بصفته هذه على الولاياتالمتحدة. ووصف بيغاغ الأجواء التي سادت خلال استجوابه بأنها كانت"متوترة وغريبة الى حد ما"لأنه في نظر الموظف الذي تولى هذا الاستجواب هناك"عدم تطابق بين شكلي ومنصبي". وبعد التدقيق في جواز السفر للتثبت من صحته وتفحص التأشيرات المختلفة التي يحملها، اخطر الموظف الى إعادة الجواز والترحيب بصاحبه في الولاياتالمتحدة. وتكتم بيغاغ المولود في ضاحية فيلوربان الباريسية على الحادث، وتجنب إثارته كونه ألف منذ الصغر هذا النوع من الحوادث، كما انه يواجه منذ اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 المتاعب لدى كل سفرة يقوم بها الى الولاياتالمتحدة. وبالتالي، فإن أي وهم لم يساوره حيال الحصانة التي يفترض ان يتمتع بها، كونه أحد اعضاء الفريق الحكومي الفرنسي. وكان يمكن للحادث الذي تعرض له ان يبقى قيد الكتمان لولا التصريح الذي صدر عن الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، الذي اشار الى عملية تدقيق قاسية اخضع لها بيغاغ في اتلانتا، حملت وزارة الخارجية على الاحتجاج رسمياً لدى السلطات الأميركية والحصول على إيضاحات بهذا الشأن. من جانبه، عبر السفير الاميركي في فرنسا عن اسفه لما تعرض له بيغاغ. لكن الوزير الذي كان جذب الرئيس الفرنسي جاك شيراك، عندما حدثه بلا مواربة عما يتعرض له الشباب من اصل عربي، من تمييز في فرنسا، حريص على التخفيف من شأن حادث اتلانتا، خصوصاً انه ليس الاول ولن يكون الأخير، والا عندها لن يكون هناك أي مبرر للحقيبة الوزارية التي يتولاها. ويروي بيغاغ، فصولاً عدة حدثت له منذ الصغر وكان لها دور في حمله على الاهتمام عن كثب بموضوع التمييز، ومنها احتجازه في فرع احد المصارف الفرنسية، نتيجة التباس جعل احد العاملين في المصرف يعتبر انه جاء للسطو وليس لانجاز معاملة. وهو لا يشعر بأي حقد على الشرطة الاميركية التي استجوبته، وشككت بكونه وزيراً بالفعل، فيقول انه في مرات عدة، عومل في فرنسا من قبل اشخاص لا يعرفونه كما لو انه مرافق الوزير وليس الوزير نفسه.