من مقره في القاهرة، حذّر"المكتب الإقليمي لدول شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية"، المعروف باسمه المختصر EMRO "إمرو"، من تعرض الاقليم لخطر انتشار فيروس إنفلونزا الطيور فيه. واشار المكتب المذكور إلى أن مسار الطيور المهاجرة يمر في دول إقليم شرق المتوسط التي تقع غالبيتها بين آسيا وأوروبا وأفريقيا والسواحل الشرقية للبحر الابيض المتوسط. ولذا، يبدو الاقليم محاطاً راهناً بأخطار من وباء انفلونزا الطيور التي تهز آسيا وأوروبا. ماذا عن الطيران وخطوطه؟ بيّن مسؤولون في"إمرو"ان في إمكان المسافرين على خطوط الطيران المختلفة أن يسرعوا بنشر الإنفلونزا. واوضحوا ان التفاعل اليومي بين مختلف بلدان العالم يمكن أن يؤدي بسهولة إلى دخول الإنفلونزا إلى الإقليم، وبالتالي نشر المرض في دوله كافة. وطالبوا دول الاقليم عينه بالتعاون مع بقية دول العالم لتجنب الوباء وفيروسه الفتّاك واحتوائهما. وشددوا على أهمية المشاركة في الجهد العالمي، وطالبوا برفع درجات تنسيق ذلك الجهد وجعله اكثر شفافية، من خلال تبادل جدي للمعلومات عن الوباء ومعطياته. وبيّن مكتب"إمرو"إن الإجراءات الاكثر اهمية تتمثل راهناً في التخلص الفوري والسريع من الطيور المصابة أو المعرضة للإصابة كلها، اضافة الى التخلص من البقايا بطريقة ملائمة. واعتبر ان تلك الاجراءات تشكّل خطوط الدفاع الاولى لحماية صحة البشر، وكذلك لتقليل الخسائر في القطاعين الزراعي والحيواني. وعزت"منظمة الصحة العالمية"النجاح في تجنب اندلاع وباء عالمي في عام 1997 إلى نجاح هونغ كونغ في التخلص من اعداد كبيرة من الطيور والدواجن فيها. وبيّنت المنظمة ان الموجة الراهنة من انتشار فيروس"اتش5آن1" H5NI المُسبب لانفلونزا الطيور من النوع الفتّاك بالدواجن، قطعت شوطاً في التحوّل الى وباء عالمي قد يُصيب البشر. واوضحت ان انتشار الفيروس بين البشر ربما يحصل، خصوصاً في حال حدوث طفرة جينية في تركيب الفيروس تجعله قادراً على ضرب جسم الانسان بصورة مباشرة، وبالتالي على الانتقال بين البشر انفسهم. كما يخشى بعض خبراء الفيروس في المنظمة المذكورة من احتمال امتزاج او تزاوج فيروس"اتش5آن1"مع فيروس الانفلونزا العادية، الذي يفد الى دول الاقليم سنوياً بين الشتاء والربيع. والجدير بالذكر ان ابحاثاً علمية مكثفة اثبتت أخيراً ان وباء الانفلونزا البشرية من النوع الفتّاك الذي ضرب دول العالم في العام 1918، نجم من فيروس طيور حدثت فيه طفرة جينية جعلته قادراً على اصابة البشر. ولم يحدث من امتزاج بين فيروسين حيواني وبشري. وقد قضى في تلك الموجة، التي عرفت باسم"الانفلونزا الاسبانية"، نحو 50 بليون شخص. وفي المقابل، أوضحت"منظمة الصحة العالمية"أنه إذا أمكن لهذا الفيروس أن يتبادل مع البشر بعض المواد الوراثية، فسيظهر نمط فيروسي جديد، يمكنه أن يتكاثر في اجسام البشر، ثم وينتشر بسرعة من شخص إلى آخر، ما قد يقود الى وباء عالمي فتّاك. الوقاية في الدواجن هي الاساس تتوجه استراتيجيات المنظمة راهناً لتشديد اجراءات الوقاية التي تقدر على المساهمة في تقليل خطر ظهور فيروس جديد. ولذا، تنسق مع منظمات دولية مثل"منظمة الأغذية والزراعة"فاوFAO وپ"المنظمة العالمية لصحة الحيوان"OIE. وتحاول تلك المنظمات تنسيق الجهود الدولية للقضاء على"مخازن"للفيروس في الدواجن، وتقليص فرص وصوله من الدواجن المصابة بالعدوى الى البشر. والمعلوم ان الدواجن، على انواعها، تُعد أكبر المستودعات للفيروس. لذا، يعتبر القتل الجماعي والسريع للدواجن المصابة من أهم الإجراءات الوقائية للحيلولة دون إصابة الإنسان بفيروس إنفلونزا الطيور. وغالباً ما يصاحب هذا الإجراء تطهير مستودعات الطيور من النفايات، اضافة الى تطعيم الدواجن السليمة، وتعزيز اجراءات رصد الوباء وتتبعه، سواء بين الحيوانات ام البشر. وطالب"إمرو"من الأفراد ضرورة تفهم هذا الوباء الذي يصيب العالم بأسره بين عشية وضحاها. واشار إلى أنه ستكون هناك سلسلة من الرسائل المكتوبة والمسموعة والمرئية لتثقيف المواطنين بما يجب اتباعه لتحقيق النظافة الشخصية الأساسية، وتجنب السعال والعطس في وجوه الآخرين، وسهولة انتقال الفيروس من اليد إلى الأغشية المخاطية. وناشد المكتب المذكور الجمهور تجنب لمس الطيور النافقة وصيد الطيور المهاجرة، والزيارات غير الضرورية لأسواق الطيور. وحثّه على الإبلاغ عن أي وفيات غير معتادة لأسراب الطيور البرية أو الداجنة. وحذر بشكل ملح المتعاملين مع الطيور الداجنة والعاملين في المزارع والعيادات البيطرية والمختبرات باعتبارهم الفئات الأكثر تعرضاً للإصابة. الحال مصرياً اعلنت مصر اخيراً عن نفوق طيور قدمت الى البلاد من فرنسا. وبعد انحسار الخشية من دخول الفيروس بواسطة الصيصان الالمانية، تجدد الخطر آتياً من فرنسا هذه المرة. وبدا الاعلان عن نفوق تلك الطيور وكأنه اطاح بحال من الاطمئنان، حاول المسؤولون تعميمها بوسائل شتى، منها الاعلان عن تخصيص 27 منطقة للحصول على عينات من الطيور المهاجرة، وتحليلها، والتأكد من عدم حملها للفيروس للتأكد من سلامتها، واتخاذ الإجراءات لمقاومتها وإبادتها في حال وجود إصابات. وصدر قرار بحظر عمليات الصيد لكل أنواع الطيور طوال العامين الجاري والمقبل. وكانت العينات التي تم الحصول عليها من الطيور المهاجرة من أوروبا عامي 2003 و2004 من مناطق الساحل الشمالي ومرسى مطروح ووادي الريان وبحيرة قارون أكدت خلوها من فيروس إنفلونزا الطيور. ولأن المسؤولين المصريين معروفون بإطلاق التصريحات المؤكدة بأن"كله تمام" قبل البدء في معرفة أبعاد المشكلة، فقد مال الرئيس حسني مبارك لقطع الشك باليقين. وطالب بضرورة اتخاذ"إجراءات شفافة واحترازية لمواجهة أي احتمال لانتقال إنفلونزا الطيور إلى مصر"، كما طالب ب"المصارحة الكاملة عند اكتشاف أي حال". ويذكر أن تاريخ أوبئة الأنفلونزا يبعث على القلق. فاضافة الى الانفلونزا الاسبانية، شهد القرن الماضي موجتين مشابهتين، لكنهما اقل فتكاً. حدثت اولاهما بين عامي 1957 و 1958 . وسميّت بموجة الانفلونزا الآسيوية. وفتكت بنحو مليون إلى أربعة ملايين شخص. كما توفي العدد نفسه في عام 1968 متأثرين، حينها، بأنفلونزا هونغ كونغ.