على صعيد الانتشار العالمي لانفلونزا الطيور، جاء في بيان لمنظمة الأممالمتحدة للزراعة والأغذية (الفاو) انه «مع ظهور انفلونزا الطيور في رومانيا وتركيا، تزايدت مخاطر انتشار المرض في الشرق الاوسط وافريقيا»، وان الطيور البرية هي العامل الرئيسي الذي ينقل انفلونزا الطيور من سلالة الفيروس (H5N1) البالغ الخطورة. وقال رئيس قسم الطب البيطري في المنظمة جوزف دومينيك ان «رصد انفلونزا الطيور في رومانيا وتركيا بعد ظهور بؤر في روسيا وقازاقستان ومنغوليا يؤكد تحذير الفاو الاخير من انتشار الفيروس على طول الطرق التي تسلكها الطيور المهاجرة انطلاقا من جنوب شرق آسيا». واوضح البيان إلى ان «المخاوف الرئيسية للفاو الآن تتركز على اخطار انتقال انفلونزا الطيور في اتجاه شرق افريقيا وشمالها». وسبق أن حذر علماء وخبراء اجتمعوا في ماليزيا من ان العالم وصل إلى مرحلة فاصلة في مكافحة انتشار مرض انفلونزا الطيور. وطالب العلماء الدول الغنية بتوفير الموارد التي تحتاجها الدول التي تكافح المرض لمساعدتها والا فان هناك مخاطر بتحوله إلى وباء عالمي. وأعلن في منتصف أكتوبر من هذا العام أن مجموعة من العلماء من مجلس الأبحاث الطبية البريطاني برئاسة البروفيسور كولين بلاكمور سوف تزور جنوب اسيا لدراسة امكانية مواجهة احتمال انتشار عدوى انفلونزا الطيور. وستعرض استنتاجات الفريق حول كيفية مواجهة احتمال انتشار عدوى فيروس انفلونزا الطيور على مؤتمر دولي سيعقد في لندن في كانون أول ديسمبر من العام الجاري. عدوى تنقلها الطيور المهاجرة : وهناك تشديد لدى الخبراء على دور الطيور المهاجرة في نقل انفلونزا الطيور بين دول ومناطق العالم، وثمة اعتقاد بان هذه الطيور ستلعب الدور الأكبر في نشر الوباء. وتهاجر الطيور للبحث عن ظروف معيشية أفضل ومناخ للراحة والاستجمام، وكذلك بهدف التزاوج والتوالد. ولا تنتظر الطيور بالطبع قله الطعام حتى تطير وألا فإنها لن تستطيع أن تقطع مثل هذه المسافات بدون الطاقة اللازمة، فبعض الطيور تضاعف من وزنها قبل السفر مثل الطيور المغردة وتخزن الدهون تحت الأجنحة.. أما الطيور الكبيرة الحجم كالأوز، فهي لا تستطيع أن تزيد من وزنها إلا قليلا وإلا فلن تستطيع الطيران. وعلى الرغم من المسارات التي تسلكها الطيور المهاجرة من الشمال إلى الجنوب بوجه العموم وايضا من الشرق نحو الغرب بالنسبة لبعض المجموعات، فان مخاطر انتقال العدوى المرتبطة بانفلونزا الطيور في المواقع التي تمضي فيها فصل الشتاء قد لا تكون مؤكدة برأي بعض الخبراء، فالطيور المصابة قد تتلاقى خلال فصل الشتاء مع الطيور السليمة لكن بما أن العدوى تمر مبدئيا عبر فضلات الطيور الراكدة في المياه فان ذلك «يقلل» من مخاطرها. ويرى الخبراء ان فيروس انفلونزا الطيور يبقى نشطا على ما يبدو اياما عدة في المياه الباردة (اقل من 10 درجات مئوية)، لكنه يموت في غضون بضع ساعات في المياه الاكثر سخونة. فضلا عن ذلك يبدو ان الفيروس لا يحب الملح، لذلك فانه يصعب عليه الصمود في المياه الشديدة الملوحة «ويرى هذا العالم ان خطر انتقال العدوى في المناطق الجنوبية خلال فصل الشتاء يقل كثيرا عن المناطق الشمالية، حيث رأى النور، الا في حال طرأ تغير أساسي غير متوقع على الفيروس (H5N1). وأي تكن المقاربات، فسوف تتوفر في الأشهر المقبلة فرص الالتقاء بين الطيور المهاجرة من مختلف الوجهات، خصوصا وان الطرق التي تسلكها تتشابك في بعض الاماكن في العالم.وتهاجر الطيور، خصوصاً الاوز البري، في اتجاه الهند وهضبة التيبيت، وكذلك نحو دول جنوب شرقي آسيا مثل فيتنام وكمبوديا واندونيسيا وتايلند. وتعبر الطيور التيبيت متجهة إلى السهب السيبيري الكبير. وقد صلت فعلياً، مع مطلع الخريف، إلى جبال الأورال التي تفصل روسيا الآسيوية عن روسيا الاوروبية، واصابت مناطق زراعية فيها، وواصلت سيرها فوصلت إلى تركيا ورومانيا.وهنا تصل الطيور إلى نقطة مفصلية مهمة بالنسبة إلى العالم العربي. فحسب العادة، تتوزع تلك الطيور على خطين رئيسيين، يواصل قسم منها السفر نحو اوروبا، ويتابع الآخر طيرانه من تركيا في اتجاه العراق ثم يعبره إلى دول الخليج العربي وايران، واحياناً، تصل بعض الاسراب إلى سورية ولبنان، وتحملها الرياح في اتجاه مصر. فرص انتقال العدوى : وتنتقل انفلونزا الطيور من الطيور البرية والمهاجرة، وأيضاً الطيور المائية، إلى الطيور المستأنسة، كالدجاج والرومى، من خلال الاحتكاك المباشر بالإفرازات الخارجة منها، وكذلك البراز أو الاحتكاك غير المباشر مثل المياه المحيطة بهذه الطيور أو وجود الطيور فى حظائر الدجاج. وينتقل فيروس الأنفلونزا من الطيور المصابة إلى الطيور السليمة من خلال التنفس . وتنتقل الإصابة أيضاً فى أسواق الدواجن الحية، إما بالاحتكاك المباشر أو غير المباشر عن طريق أقفاص الطيور الملوثة بالفيروس، وكذلك الأدوات المستخدمة فى هذه الأسواق. وتنتقل العدوى عن طريق الحشرات والعمال الذين يتعاملون مع الطيور المصابة حيث أن الفيروس يكون عالقاً بملابسهم وأحذيتهم. ويمكن للخنازير أن تنقل الفيروس إلى الرومى، حيث وجد أن الفيروس الخاص بالخنازير يمكن أن يتواجد فى الرومي، كما أن الخنازير تكون أكثر قابلية للعدوى بفيروس الطيور وفيروس الإنسان معاً، فيكون بذلك الخنزير عائل اختلطت به الصفات الوراثية لفيروس الإنسان وفيروس الطيور، وينتج عنه عترة شديدة الضراوة. ويمكن ان يحدث تطور لعملية انتقال الفيروس بشكل مباشر من الانسان إلى الانسان ودون ان يكون للحيوان أية علاقة في ذلك، وهي درجة خطيرة في سلم المخاطر يمكن ان تترجم على صورة وباء عام مهلك على غرار الأنفلونزا الأسبانية التي اجتاحت العالم سنة 1918 وراح ضحيتها نحو خمسين مليون شخص في آسيا وأوروبا وأميركا. والملاحظ ان عدداً كبيراً من الأمراض التي تصيب البشر ظهرت جراء انتقالها من الحيوان إلى الانسان، كما انها لم تتوقف عن التزايد المطرد خلال السنوات الاخيرة.و تترك هذه الأمراض خبراء علم الفيروسات وعلم الحيوانات والطب البيطري والطب العام في وضع محرج دون ان يملكوا في أيديهم أية علاجات ناجعة تعمل على الحد من انتشار المرض، ولنا ان نتذكر فقط ظهور فيروسات «ايبولا وهندرا ونيبا واخيرا سارس» لنعلم مدى الخطر المحدق بالعالم نتيجة عدم امتلاك الانسان لأي نوع من العلاجات او العقاقير الناجعة. ويشير البروفيسور دونيس راسشايرت المسؤول عن فريق «الفيروسات وحاجز الأنواع» في معهد البحث العلمي في مدينة تور الفرنسية، إلى ان مبدأ «حاجز الأنواع» حديث الظهور بين العلماء، فقد تم اختراعه في اللحظة التي أثبت فيها هؤلاء ان فيروس الايدز ظهر في البداية عند القردة. ويكمن الخطر الحقيقي في ان تكون الفيروسات الجديدة متلائمة مع مضيفها الجديد (الانسان) بمعنى ان تكون قادرة على احداث العدوى بين الاشخاص.ويتساءل البعض ما الذي يجعل هذا الحاجز الموجود بين المجموعات الحيوانية يتجسد بشكل مختلف في كل مرض، ومن النادر جداً ان يتم اجتيازه؟ في هذا الصدد يؤكد علماء البيولوجيا ان السبب في عدم اجتياز هذا الحاجز الا نادراً، يعود في جزء كبير منه إلى أنه يعتبر حاجزاً بيولوجياً قوياً يجبر الفيروسات على التأقلم على المستوى الجيني. ومن الناحية العملية نلاحظ ان غالبية هذه الفيروسات غير قادرة على عبور الحاجز، ولذا نجدها تتكاثر بشكل كبير. وفي المقابل، نجد ان بعض الفيروسات الاخرى كالايدز وأنفلونزا الطيور تشترك في القدرة على التبدل السريع، وهذا ما يمكّنها من تغيير اشكالها بأقصى سرعة، ونتيجة لذلك، نلاحظ ان عدداً كبيراً منها يختفي خلال التطورات المتتابعة ويترك المكان لفيروسات اخرى كي تطلق العنان لسمومها المهلكة. وتلك هي الطريقة التي استطاع بها الفيروس (H5N1) المسبب لأنفلونزا الطيور في دول شرق آسيا، ان يتعرف بها إلى الخلايا البشرية ويدخل اليها. ومع بداية الثمانينات، كان الظهور الأول لفيروس الايدز، تبعه بعد سنة بالضبط فيروس حمى ايبولا، وتوالت الفيروسات سنة بعد اخرى إلى أن ظهرالفيروس المسبب لمرض سارس في العام 2003، ثم تبعه مرض انفلونزا الطيور الذي ظهر في كوريا الجنوبية في منتصف كانون الاول - ديسمبر من العام الماضي إلى ان وصل إلى عشرات الدول المجاورة بدءاً من الصين ومروراً بتايلند وانتهاءً بباكستان، قبل أن تبدأ الموجة الراهنة من انتشاره. ولم يكن الفيروس في الأصل فتاكاً، بل كان يتضاعف عند البط البري دون ان يجعلها تصاب بأي مرض، وفجأة ودون سابق انذار، اصاب الدجاج وبدأ بالتغير في خلاياها، لأنه لم يكن متأقلماً مع البيئة الجديدة، الأمر الذي جعله يتطور بطريقته الخاصة، على حد قول فيرونيك جوستان المتخصصة في مرض أنفلونزا الطيور، والتي كانت ضمن الفريق الطبي الذي ارسل إلى فيتنام مع نهاية كانون الثاني يناير 2004.وترى جوستان ان الأشهر القليلة التي تغير فيها الفيروس عند الدجاج جعلته أشد فتكاً وخطورة إلى درجة ان نسبة نفوق الدجاج المصاب تقترب حثيثاً من 100٪ وتشير جوستان إلى ان فيروس انفلونزا الدجاج ليس الا في المرحلة الاستكشافية ولم يطب له المقام عند الانسان بعد، والدليل على ذلك انه غير قادر على التكاثر او التضاعف والانتقال من شخص لآخر، ومن هنا يمكن القول ان نسبة اجتيازه للحاجز النوعي البيولوجي بلغت النصف حتى الآن، ولابد له من ان يتعرض إلى بعض الطفرات الجينية كي يعبر النصف الآخر ويصيب الانسان بنفس طريقة الدجاج، وتتطلب هذه المرحلة عدة أشهر كي يبلغ هذا الهدف. وتحذر جوستان ان ثمة طريقة اسرع من هذه تتمثل في التزاوج في جسم الانسان بين هذا الفيروس وفيروس الانفلونزا الذي يصيب البشر، وهناك تقع الكارثة، لا قدر الله. وكما سبقت الإشارة، يمكن للفيروس ايضاً ان يقوم بهذه العملية عند الخنازير، حيث يمكن للخنزير ان يحتضن الفيروسين على شكل فيروس من نوع آخر أشد خطراً منهما، ويتم ذلك عن طريق انصهار الفيروسين في خلية واحدة ثم يقوم كل فيروس باطلاق مادته الوراثية، الامر الذي يؤدي في النهاية إلى امكانية تبادل الجينات من خلال كسر الأغشية النووية لكل منهما، وتكوين فيروس جديد يصعب على النظام المناعي لجسم الانسان التعرف إليه. ولكن متى يمكن ان يحدث ذلك؟ بالطبع لا يمكن لأحد ان يحدد هذا الأمر، الا عندما تحدث هذه الطفرة بالفعل. وكان تقرير للوكالة الفرنسية للأمن الصحي للمنتجات الصحية اشار في ايار مايو من العام 2003 إلى وجود خطر نظري يتعلق باعادة التصنيف الجيني بين الفيروسات البشرية وتلك الحيوانية لمرض الانفلونزا. ورأى التقرير ان هذه الظاهرة هي التي سببت الأوبئة العامة بمرض الانفلونزا خلال القرن العشرين. ويشير العاملون في الوكالة إلى انه اذا كان العالم قد استطاع تجنب هذا الوباء خلال الأعوام القليلة الماضية، فإنما يعود ذلك في جزء كبير منه إلى انخفاض معدل خطورة الفيروس( H7N7) عن نظيره (H5N1)، كما ان الوسائل المتوافرة للوقاية من هذا الفيروس في الدول المتقدمة اكثر فعالية من تلك الموجودة في دول شرق آسيا. ومن ناحية اخرى، يؤكد المسؤولون في منظمة الصحة العالمية ان الظروف المتوافرة حالياً لظهور انواع جديدة من الفيروسات على المستوى العالمي لم تكن متوافرة في الفترة الماضية ابداً، وتلقي المنظمة باللائمة على مسألة ارتفاع درجة حرارة الارض، ففي العام 2002 نشرت مجلة «العلوم» (Science )، مقالاً يظهر ان ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمعدل نصف درجة يكفي لانتشار بعض الأمراض بسرعة تصل إلى ضعف انتشارها في الاحوال العادية. ولاشك ان للانسان دوراً مهماً في أسباب ظهور الفيروسات الجديدة، فمع استصلاح الأراضي الزراعية الجديدة تجد الحيوانات الداجنة نفسها في اتصال مباشر مع الحيوانات البرية التي لم تتصل بها من قبل، فعلى سبيل المثال ادى ظهور فيروس «نيبا» عام 1998 في ماليزيا إلى قتل 105 اشخاص، والسبب في ذلك يعود إلى الخفافيش التي تعيش في الغابات، فقد نقلت هذه الطيور الفيروس للانسان عن طريق الخنازير المستأنسة. من جهته فضل فيروس «هندرا» اختيار الخيول كوسيلة للانتقال إلى الانسان، حيث ادى إلى قتل 3 أشخاص في استراليا عام 1994. ويرى الدكتور إيرك لوروا المتخصص في فيروس ايبولا، أن هذا الفيروس انتقل اولاً إلى القردة العليا والظباء التي يتعامل الانسان معها بشكل متكرر، وذلك قبل ان ينتقل اليه خلال عمليات الصيد التي تمت في ظروف غير ملائمة على الاطلاق، كالتعرض للجروح واللدغات العرضية من هذا الحيوان او ذاك. وبالنسبة إلى الانفلونزا، فإن العدوى بين البشر ستكون سريعة للغاية، لأن فيروس الانفلونزا يصيب الآخرين وهو لم يزل بعد في مرحلة الحضانة خلافاً لمرض سارس. ومن الناحية العملية، يعني ذلك انه لو أصيب شخص بالفيروس الجديد، فإنه سيصيب 20 شخصاً على الأقل قبل ان يكونوا قد تناولوا العقار او التطعيم المناسب. نموذج كمبيوتري لرد عالمي على الوباء : على مستوى مقاربات الرد المحتمل على انتشار انفلونزا الطيور على نطاق عالمي، تشير الدراسات المعنية إلى ان ردا يشمل توزيعا ممنهجا للأدوية المقاومة للفيروسات يمكن أن يحتوي الوباء ويمنع انتشاره الكوني. وتبين الأبحاث التي استندت إلى نماذج كومبيوتر انه يمكن منع انتشار الوباء من خلال الجمع بين تدابير صحة عامة يتم اختيارها بعناية ويباشر بتطبيقها فور ظهور هذه الحالات. وقد قام بهذه الأبحاث علماء من الولاياتالمتحدة وهونغ كونغ وتايلند وفرنسا، ومولته المؤسسة القومية للعلوم الطبية العامة، وهي جزء من هيئة مؤسسات الصحة القومية بالولاياتالمتحدة. وقد اختبر نموذجا كومبيوتر مختلفان سيناريوهات مختلفة لتفشي الفيروس. وكان محور احدهما 85 مليون نسمة في تايلند ومناطق محاذية من بلدان مجاورة لها. وهذه الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية «الطبيعة» (Nature) أظهرت ان 3 ملايين جرعة منتظمة من العقاقير المكافحة للفيروس والهادفة لعلاج أفراد يحملون العدوى وجميع من يتصلون بهم من أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء الدراسة وزملاء العمل وأصحاب المحلات يمكن أن تؤدي إلى وقف انتشار الفيروس في نسبة أكثر من تسعين في المائة من الحالات. اما نموذج الكومبيوتر الآخر فقد طور سيناريو يطال 500 الف شخص في جنوب شرق آسيا. وهذا النموذج، كما عرضته مجلة «العلوم» (Science )، يطبق علاجا مشابها واستراتيجيات رد على اولئك الذين شملتهم الدراسة الأولى، لكنه انطوى على تلقيح السكان قبل انتشار الوباء بلقاح مضاد للانفلونزا رغم ان هذا اللقاح كان يعتبر ذا كفاءة متدنية، وذات قيمة محدودة لأنه لن يكون قد طوّر تحديدا لاستهداف نوع فيروس مجهول وناشئ بسرعة. ومن شأن حملة تلقيح ان تساعد في تعزيز فعالية استراتيجيات احتواء أخرى مثل الحجز الصحي والمعالجة المكافحة للفيروس. وطبقا لهذا السيناريو، فإن انتشار الوباء يمكن تطويقه بحيث تنتشر اقل من حالة واحدة لدى 1000 نسمة. الأدوية المتاحة لعلاج انفلونزا الطيور : وعلى صعيد الأدوية المتاحة لعلاج انفلونزا الطيور، ينظر إلى العقار «تاميفلو» (Tamiflu) على أنه أكثر الأدوية المضادة للفيروسات فعالية في هذا الشأن. وبينت الابحاث ان عقار «تاميفلو» قادر على التخفيف من اعراض المرض، ومن مدته، وبالتالي من نسبة الوفيات التي قد تنجم عنه اذا ما تم تناوله في اليومين الاولين للاصابة. والعقار تاميفلو معروف أيضا باسمه التجاري «اوسيلتاميفير» (oseltamivir )، وقد ابتكرته مختبرات جيلياد ساينسز (Gilead) في ولاية كاليفورنيا الأميركية وتسوقه حاليا شركة «روش هولدينجز» (Roche) السويسرية، التي أخذت امتيازه الحصري. وعلى إثر موجة الذعر الحالية على صعيد عالمي، قالت شركة «روش» انها ستعزز الطاقة الانتاجية لعقار تاميفلو. واعلنت الشركة انها ستضاعف انتاجها من العقار بحلول العام 2006 بثماني إلى عشر مرات مقارنة مع العام 2003 وكان انتاج الشركة من الدواء قد بلغ في 2005 ضعف ما انتجته في العام 2004. وجاء اعلان «روش» عن زيادة انتاجها مع اعلان تايوان عزمها على انتاج دواء بديل لتاميفلو - حسبما قال مسؤول عن البحث الطبي في تصريح لصحيفة «فايننشال تايمز» .وأكد التايوانيون انهم انتجوا كميات صغيرة من تاميفلو وعرضوا على فرع «روش» في تايوان توقيع عقد للحصول على ترخيص بإنتاج الدواء. وحسب الصحيفة نفسها، فإن شركة الأدوية البديلة الهندية «سيبلا» ترغب في انتاج نسخة بديلة لتاميفلو، تأمل في تسويقه في غضون ثلاثة اشهر في البلدان النامية. وأكد المسؤول في «سيبلا» عمار لولا في تصريح اوردته الصحيفة البريطانية «ان العالم اجمع بحاجة لهذا الدواء وهناك نقص كبير». وقد تعرضت «روش» لضغوط كبيرة في الاسابيع الاخيرة لتخفيف قبضتها على حقوق الملكية التي تحمي انتاج العقار. وطالب عضو في مجلس الشيوخ الاميركي في رسالة مفتوحة إلى رئيس مجلس ادارة روش فرانز هومر بأن تتخلى المجموعة السويسرية موقتا عن حقوقها لانتاج تاميفلو بغية التمكن من توفير انتاج بديل كثيف من اجل مواجهة اي انتشار محتمل لوباء انفلونزا الطيور. واعتبر النائب الديمقراطي تشارلز شومر انه يتوجب ان تحصل روش على تعويضات عن الجرعات المنتجة من قبل منافسيها في مقابل تخليها موقتا عن حقوقها لانتاج تاميفلو. وقال وليام بيرنز رئيس قسم الأدوية في «روش» : «نحن جاهزون للبحث في جميع الخيارات المقبولة بما في ذلك منح تراخيص فرعية» لزيادة انتاج تاميفلو. واضاف ان المجموعة ستطلق في مرحلة اولى موقعا جديدا للانتاج في الولاياتالمتحدة في غضون بضعة اسابيع بعد ان تلقت الضوء الاخضر من الهيئة الاميركية للأدوية (اف دي ايه). وهذا الموقع الجديد سيضاف إلى نحو اثني عشر موقعا عاملا ومنتجا لهذا الدواء. وأضافت «روش» ان ادارة الاغذية والعقاقير الاميركية أقرت استخدام مصنع في الولاياتالمتحدة في انتاج العقار. وذكرت أن 40 دولة في شتى أنحاء العالم تقدمت بطلبات لشراء العقار. وتبلغ الطاقة الاجمالية للإنتاج حوالي 100 مليون كبسولة سنويا.