اكد مصدر وزاري رفيع ان نتائج اللقاءين اللذين عقدهما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء منظمة التحرير وتلك المشكلة من تحالف القوى الفلسطينية الحليفة لسورية بقيت عند حدود تنفيس اجواء الاحتقان واستعادة الثقة بين الجانبين اللبناني والفلسطيني وفتح الباب امام معاودة الحوار على قاعدة ارساء معادلة جديدة للعلاقة الثنائية تقوم على تنظيم السلاح داخل المخيمات في مقابل تسليم الحكومة بالحقوق المدنية للشعب الفلسطيني. وكشف المصدر ان اللقاءات اللبنانية - الفلسطينية لم تكن لتعقد على وجه السرعة لولا مبادرة عدد من الدول العربية الى التدخل لدى سورية لإقناعها بجدوى الحوار بين الحكومة والفصائل المتعاونة معها، خصوصاً انه ليست هناك مشكلة مع فصائل منظمة التحرير على وجود السلاح خارج المخيمات خلافاً لموقف الجبهة الشعبية ? القيادة العامة بزعامة احمد جبريل. ولفت المصدر الى ان جبريل لم يبادر خلال اتصاله بالسنيورة اول من امس الى سحب البيان الذي كانت اصدرته الجبهة التي يتزعمها، إلا بعد ان تعاملت بعض الدول العربية مع دمشق على ان القرار بيدها وأن دور بعض الفصائل الحليفة لها يقتصر على التنفيذ من خلال التلويح باستخدام السلاح في محاولة لانتزاع موافقة الحكومة على تشريع هذا السلاح المنتشر خارج المخيمات وبالتالي الاعتراف لها بمواقع تتمركز فيها في عدد من المناطق اللبنانية. وإذ تجنب المصدر التأكيد ان لقاءي السنيورة مع الفصائل الفلسطينية اسهم بنزع فتيل التفجير اشار في المقابل الى جملة عوامل لا تمت مباشرة الى الوضع الفلسطيني على الساحة اللبنانية، كانت وراء تأزيم الأجواء، وهي بطبيعة الحال تتجاوز فحوى البيان الصادر عن تنظيم"حراس الأرز"ورد فعل عدد من النواب في الجلسة النيابية الأخيرة التي خصصت لمناقشة المستجدات الأمنية وتحديداً السلاح الفلسطيني في المخيمات. لكن المصدر لم يقلل من اهمية الدور الذي لعبه السنيورة في استيعاب المشكلة مستفيداً من المواقف المعترضة على بيان"حراس الأرز"من جهة والبيان الصادر عن"القيادة العامة"على رغم ان هناك من يضعه في خانة اختبار قدرة الدولة على اتخاذ تدابير للحد من نفوذ التمدد الفلسطيني خارج المخيمات. وفي هذا السياق سأل المصدر عن الأسباب الكامنة وراء التبدل في الموقف السوري من الوجود الفلسطيني في لبنان، بعدما كان الرئيس بشار الأسد ابلغ قادة الفصائل المقيمة في دمشق في حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن بضرورة التعاون معه، والعمل تحت قيادته. وأضاف ان الأسد خاطب هؤلاء في حينه بأنه ضد انتقالهم الى لبنان لأن مجرد السماح لهم بالتوجه إليه، سيدفع بالبعض الى شن حملة ضد دمشق تحت عنوان انها تريد توتير الأجواء اللبنانية - الفلسطينية. لكن الأسد - بحسب تأكيد المصدر - سرعان ما انقلب على موقفه ولو بصورة غير مباشرة وذلك عندما استقبل اخيراً قادة الفصائل الحليفة له. وأبلغهم انه لن يرمي الراية ولن يستسلم في اشارة الى الضغوط الأميركية والفرنسية التي تمارس عليه. واعتبر المصدر ان هناك من يحاول ان يربط بين التصعيد المفاجئ الذي لجأت إليه"القيادة العامة"بذريعة الاستعداد للرد على الحملة التي تشن ضد الفلسطينيين في لبنان وبين الموقف المستجد للرئيس السوري، مشيراً الى ان مسألة الربط تبقى مشروعة الى ان يظهر الموقف السوري على حقيقته، لجهة عدم وجود نية لدى دمشق بالإمساك بالورقة الفلسطينية، للضغط على لبنان خصوصاً ان حلفاءها اللبنانيين ليسوا قادرين حتى إشعار آخر على القيام بهجوم مضاد على الذين يتهمونها بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وأوضح المصدر أن ليس هناك في لبنان من يود اعلان الحرب سياسياً على سورية، لكن من حق اللبنانيين الإصرار على جلاء الحقيقة في جريمة الاغتيال، اضافة الى رفضهم العودة بالوضع الفلسطيني الى ما كان عليه قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران يونيو 1982. ورأى ان هناك صعوبة في استحضار مرجعية للفلسطينيين خارج اطار منظمة التحرير لأن الظروف العربية والدولية تبدلت، وقال:"في السابق كانت الظروف العربية والدولية تسمح بإنشاء جبهة رفض فلسطينية، اما الظروف الراهنة فلا تجيز لأي طرف عربي مجرد التفكير باللعب على التناقضات الفلسطينية، وصولاً الى إحداث مشكلة داخل المخيمات". وهكذا فإن القوى اللبنانية على اختلافها، ومنها الحليفة للفلسطينيين ضد العودة الى الوراء وبالتالي لا تبدي استعداداً لتوفير غطاء لبعض الفصائل للخروج عن ارادة الشرعية اللبنانية، اضافة الى ان ميزان القوى الفلسطيني لا يسمح لپ"القيادة العامة"بتوريط الفصائل الأخرى في معركة عسكرية وسياسية لا افق لها وسترتد سلباً على من يراهن على جر البلد الى مغامرة امنية غير محسوبة الأهداف. كما ان القوى اللبنانية الرافضة لتوفير غطاء لپ"القيادة العامة"للمضي في تفردها بالتمركز في مواقع خارج نطاق المخيمات ستجد نفسها مضطرة للتدخل لدى جبريل ودعوته الى مراجعة حساباته وهذا ما بادر إليه رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط ممثلاً بوزير الإعلام غازي العريضي الذي هو على تواصل مع كل الفصائل الفلسطينية مشجعاً إياها على اهمية الحوار مع الحكومة وعدم التفريط بهذه الورقة، كأساس للتوصل الى تفاهم حول الحقوق المدنية. وعليه لم يكن امام"القيادة العامة"وبدعم من القوى الفلسطينية الحليفة لها وبخاصة حركتي المقاومة الإسلامية حماس و"الجهاد الإسلامي"سوى العودة الى تنظيم تراجعها الأمني والتعبوي العسكري لمصلحة دعم الحوار اللبناني - الفلسطيني في ضوء استبعاد وجود اي رغبة لبنانية للصدام مع الفلسطينيين. وحاول جبريل قبل ان يتراجع ان يضغط باتجاه التسليم بمرجعيته الفلسطينية في لبنان وأن لا حل إلا بالتفاوض معه، اضافة الى انه سعى وبالنيابة عن سورية الى الضغط بكل الوسائل قبل ان يكتشف انه سيصل الى طريق مسدود اذا ما اراد انتزاع موافقة الحكومة على تشريع تمدده العسكري خارج المخيمات بغية احياء اتفاق القاهرة الذي كان بمثابة الناظم الوحيد للعلاقات اللبنانية - الفلسطينية، قبل ان يلغيه المجلس النيابي اللبناني، وإنما هذه المرة من خلال تمييز"القيادة العامة"عن سواها من الفصائل.