بعد اعتزال الأميركي الشهير بيت سامبراس، وأفول نجم مواطنه المخضرم أندريه أغاسي، وابتعاد اكثر من لاعب مميز عن مستواه لتقدمه في السن، ظهر السويسري روجيه فيدرر بموهبته الفذة وقدراته الكبيرة ليملأ الفراغ ويتربع على عرش التصنيف العالمي للمحترفين في كرة المضرب. وفرض فيدرر نفسه في العامين الأخيرين رقماً صعباً، لكن مستواه بلغ الذروة في العام الماضي الذي اعاد فيه أمجاد العمالقة، كالألماني بوريس بيكر والتشيخي ايفان ليندل، والاميركي جون ماكنرو، فضلاً عن سامبراس واغاسي وغيرهم، وتوج جهوده بالفوز ببطولة الماسترز وانهاء الموسم في المركز الاول عالمياً. وكان عام 2004 حافلاً جداً بالنسبة الى فيدرر البالغ من العمر 23 عاماً حيث فاز في 74 مباراة واحرز 11 لقباً منها ثلاثة ألقاب في بطولات الغران شيليم الأربع الكبرى هي ملبورن الاسترالية وويمبلدون الانكليزية وفلاشينغ ميدوز الأميركية، ولكنه فشل على الملاعب الترابية في رولان غاروس الفرنسية. ولم يفز اي لاعب بثلاثة ألقاب كبيرة في عام واحد منذ التشيخي ماتس فيلاندر عام 1988، وسبقه الاميركي جيمي كونورز بثلاثة ألقاب أيضاً عام 1974. ويملك النجم السويسري من المؤهلات ما يجعله يسير نحو كسر الارقام القياسية في هذه اللعبة، فيزخر رصيده ب22 لقباً حتى الآن في الفردي مع خسارته ثماني مرات في المباراة النهائية، وستة ألقاب في فئة الزوجي، وارتقى تصنيفه بشكل ملحوظ في الأعوام الاخيرة، فأنهى موسم 2002 في المركز السادس، وموسم 2003 في الثاني، قبل ان ينتزع صدارة التصنيف في نهاية الموسم الماضي. واذا كان المركز الاول الذي اعتلاه في شباط فبراير 2004 حلما عمل فيدرر كثيراً لتحقيقه، فإنه يأمل الآن في الحفاظ عليه "امام الطامحين" لانتزاعه. وبدأ فيدرر موسم 2005 على ايقاع 2004 فحقق ثلاثة انتصارات سريعة جداً في دورة قطر الدولية المفتوحة البالغة جوائزها مليون دولار. ويقول: "هدفي انهاء الموسم الحالي في الصدارة ايضاً كما فعلت في الموسم الماضي"، مضيفاً "آمل في الاستمرار على نفس المستوى الذي انهيت به العام الماضي". ولم يقدم فيدرر كل ما يملك حتى الآن لان تفوقه كان واضحاً على منافسيه، فتخطى في الدور الاول الاسباني دافيد فيرر 6-1 و6-1، وفي الثاني البريطاني غريغ روسيدسكي 6-3 و6-4، وفي ربع النهائي الاسباني فيليسيانو لوبيز 6-1 و6-2. ويمكن اعتبار مباريات فيدرر في بطولة قطر من طرف واحد حتى الآن، لكنه سواء احرز اللقب ام لا فإنه لم يفقد شيئاً من مستواه وبريقه، واعترف بنفسه "بعدم وجود منافسين اقوياء له في هذه البطولة وانه لم يواجه اي صعوبة تذكر في المباريات الثلاث الاولى". واللاعب الوحيد من المشاركين في الدورة الذي سبق ان تغلب على فيدرر العام الماضي كان الاسباني الصاعد رافايل نادال الذي سقط امس امام الكرواتي ايفان ليوبيسيتش في نصف النهائي. وخسر فيدرر ست مباريات فقط العام الماضي. ويلعب النجم السويسري بذكاء كبير ويملك جميع المقومات التي تجعله يسيطر على اي منافس يواجهه، فإرساله قوي ودقيق ويمكنه توجيهه في اي مكان من الملعب، وضرباته الخلفية متقنة من الجهتين اليمنى واليسرى، ويجيد الصعود السريع نحو الشبكة لإرباك الخصم وحسم الكرات السهلة، ولياقته البدنية مرتفعة جداً حيث يتحرك بسرعة كبيرة. ويمتاز فيدرر بأسلوب خاص لأنه يسرع من ايقاع اللعب ويبطء الوتيرة عندما يشاء وينوع كثيراً في ضرباته فيضع منافسه تحت الضغط وفي حالة دفاع في معظم الفترات، وهي من اسرار التفوق التي قادته الى صدارة التصنيف العالمي. ويتابع فيدرر "ان تكرار الانجاز الرائع الذي حققته عام 2004 ليس سهلاً خصوصاً بوجود بعض الطامحين للاطاحة بي واسقاطي عن عرشي"، معرباً في الوقت ذاته "عن ارتياحه لما قدمه حتى الآن في الدوحة لأنها مشاركته الاولى بعد راحة لنحو ثلاثة اسابيع رغم انه لم يبذل جهداً كبيراً لبلوغ نصف النهائي". ويعتبر فيدرر الالماني بوريس بيكر مثله الاعلى في الملاعب، اما لاعبه المفضل فهو بيت سامبراس، وسار على خطاهما بتحقيقه نتائج لافتة جداً في فئة الشباب حيث احتل المركز الأول في العالم عام 1998 بفوزه ببطولة ويمبلدون ووصوله إلى نهائي فلاشينغ ميدوز. وبدأ مسيرته في الألقاب في عالم المحترفين عام 2001 في دورة ميلانو الإيطالية، وكان لقبه الاول في الغران شيليم في بطولة ويمبلدون عام 2003 فانضم الى ثلاثة لاعبين فازوا بالبطولة الاسترالية في فئتي الشباب والرجال معا هم السويدي ستيفان ادبرغ والاسترالي بات كاش والسويدي بيورن بورغ.