أعادت دراسة لكاتب مصري الفضل في تطوير الحركة المسرحية العربية الى الفرق المسرحية المستقلة التي تتابع ظهورها في العالم العربي على مدى نحو مئة عام. وجاء في دراسة الكاتب المسرحي نبيل بدران الذي رحل في نهاية العام الماضي أن تسعينات القرن العشرين شهدت ظاهرة انشاء فرق مسرحية مستقلة وأعادت الى الذاكرة دور الفرق التي وصفها بالمجاهدة في بداية القرن العشرين،"ولد المسرح عندنا حراً مستقلاً من دون وصاية رسمية أو قيود بيروقراطية". والكتاب الذي حمل عنوان"الفرق المسرحية المستقلة. مسرح المستقبل"صدر منذ أيام في 60 صفحة من القطع الكبير، في مناسبة الملتقى الابداعي الثاني للفرق المسرحية المستقلة الذي تنظمه مكتبة الاسكندرية بمشاركة مسرحيين يمثلون 12 دولة عربية وأجنبية. وتنتهي نشاطاته مساء أول من أمس اليوم الاربعاء. وأضاف بدران في الكتاب الذي صدر بعد رحيله، أن فرقة اللبناني جورج أبيض كانت من أولى الفرق المستقلة في مصر في بداية القرن العشرين، إذ قدمت أعمالاً من كلاسيكيات المسرح العالمي، منها ثلاث مسرحيات لشكسبير هي"أوديب"و"عطيل"و"لويس السادس عشر". وشدد على أن فرقة جورج أبيض الذي توفي عام 1959، كانت"من الفرق المجاهدة التي دافعت، بقدر ما استطاعت، عن الفن الاصيل، سابحة مثل غالبية الفرق الحرة المستقلة ضد تيار ما هو سائد ورائج وانها من الفرق التي حملت الرسالة". وأشار الى أن الفرق المسرحية المستقلة ظهرت في سنوات متقاربة في العالم العربي. ففي عشرينات القرن العشرين، أنشئت في العراق"جمعية التمثيل العربي"التي تعد"أول جمعية في العراق تستند الى موافقة رسمية بممارسة نشاطها الفني بموجب قانون الجمعيات". وقال ان الفرق المستقلة تمتلك حرية تقديم عروض متحررة من الشكل التقليدي للمسرح. فعلى سبيل المثال كان"مسرح الشوك"الذي أسسه في سورية عمر حجو ودريد لحام عام 1969،"مغامرة استهدفت تقديم مسرح ليس مميتاً وليس متاجراً بأحلام الناس وهمومهم بل مسرح شديد الجرأة لا يلجأ لتجميل الواقع ولتزييفه". وأشار الى تأسيس فرق سورية مستقلة في سنوات تالية منها فرقة"دبابيس"، وفرقة تحمل اسم الشاعر والمسرحي السوري البارز محمد الماغوط. وأضاف أن مسرحيين لبنانيين قدموا ما وصفه بالاجتهادات والمبادرات من أجل تأسيس فرق مسرحية مستقلة لا تعتمد على تمويل جهات رسمية بقدر اعتمادها على جهودها الذاتية مثل فرقة"مسرح الحلقة"لانطوان ملتقى وفرقة"محترف بيروت"،"بجهود روجيه عساف ونضال الاشقر. وقال الكاتب ان من دوافع نهوض المسرح في الجزائر بعد الاستقلال أن مفهوم الفرق الجزائرية الخاصة لم يقترن بالمفهوم الشائع للفرق الخاصة في بلدان أخرى مثل مصر، مشيراً الى ارتباط المسرح في مصر"بعناصر المشروع الاستثماري التجاري الذي يهدف في المقام الاول إلى مضاعفة رأس المال وعدم التضحية بالارباح المادية". ونوه بالفرق المستقلة في تونس، إذ تعد"الاوفر حظاً عن غيرها في البلدان العربية الاخرى بسبب التوجه العام للدولة في مساندة الفرق الجادة التي تقدم المستوى الرفيع من الفن المسرحي وتخوض التجارب المسرحية غير المألوفة". كما نوه بفرقتين من المغرب هما"مسرح اليوم"لمؤسسها عبد الواحد عوزوري وفرقة تحمل اسم المسرحي عبد الحق الزروالي الذي يلقبه زملاؤه برأس الفتنة. وتخصصت فرقته في تقديم عروض الممثل الواحد"المونودراما". كما ذكر ان دول الخليج لم تخل من ظهور مثل هذه الفرق المستقلة مشيراً الى فرقة واحدة هي"مسرح الناس"التي أسسها الكويتي عبد العزيز الحداد قبل 25 عاماً، كفرقة تغامر بتقديم غير السائد حتى لو عانت في البداية من سوء الفهم أو قلة الايرادات. ولكن بدران شدد على أن:"كل الفرق العربية المستقلة تواجه صعوبات وتحديات متشابهة ومتكررة، أولها غياب جهة التمويل المنتظمة وعدم توافر الاماكن التي تعرض فيها مسرحياتها". ولنبيل بدران الذي ولد في القاهرة عام 1941، مسرحيات منها"السود"و"انتبهوا أيها السادة"و"جحا باع حماره"و"أدهم الشرقاوي"و"المجرم المحترم".