ما مدى إقبال طلبة الجامعات على مشاهدة الأفلام الأجنبية وما متوسط عدد الأفلام المشاهدة يومياً وأسبوعياً؟ وما نوع الأفلام التي يفضلونها؟ هل أفلام الكوميديا أم الخيال والرعب أم البوليسية أم المغامرات أم الإجتماعية والرومانسية؟ وما مدى تأثير مشاهدة الأفلام الأجنبية في أنماط سلوك وقيم طلبة الجامعة وتحصيلهم العلمي؟ هذه الأسئلة وغيرها سعت للإجابة عنها دراسة ميدانية تحليلية عن الإنعكاسات الثقافية للأفلام الأجنبية في القنوات الفضائية على طلبة الجامعة في اليمن. وتؤكد الدراسة الصادرة عن جامعة صنعاء بإشراف الدكتور وديع العزعزي الأستاذ المساعد في كلية الإعلام، إن حوالى 93 في المئة من طلبة الجامعة يشاهدون الأفلام الأجنبية في شكل منتظم. وبحسب الدراسة التي تعد الأولى من نوعها في اليمن، يشاهد 37 في المئة من الطلاب الجامعيين فيلماً واحداً يومياً في حين يشاهد 63 في المئة منهم ثلاثة أفلام أسبوعياً، كما يشاهد 32 في المئة منهم أفلاماً أجنبية. وتزداد نسبة من يشاهد الأفلام بمفرده عند الذكور، اذ تصل الى 39 في المئة مقابل 13 في المئة للإناث. أما الطلاب الذين يشاهدون الأفلام مع عائلاتهم أو أسرهم، فتبلغ نسبتهم 25 في المئة، على أن نسبة الإناث 47 في المئة أعلى من نسبة الذكور 30 في المئة. ويقول معد الدراسة إنها ارتكزت الى عينة عشوائية من طلاب وطالبات جامعتي صنعاء وذمار، وإنها تناولت في جانبها التحليلي ثلاثين فيلماً بثتها قناة"إم بي سي 2"لمدة شهر. وبحسب الدراسة، يفضل 79 في المئة من الشباب اليمنيين مشاهدة الأفلام الأميركية، خصوصاً البوليسية منها. وتزداد نسبة مشاهدتها لدى الذكور بنسبة 87 في المئة مقارنة بالإناث 57 في المئة. وتحظى أفلام الخيال والرعب بأفضلية مشاهدة الشباب والطلاب اليمنيين بنسبة 64 في المئة، تليها الأفلام البوليسية والكوميدية 58 في المئة، وأفلام المغامرات 57 في المئة، والأفلام الاجتماعية 56 في المئة. وترجع الدراسة أسباب مشاهدة الطلاب لهذه الأفلام إلى الرغبة في التسلية والترفيه،"فهي تخرج بأسلوب جذاب وتقنية عالية، وتشبع رغبتهم في مشاهدة لقطات رومانسية وعاطفية وإيحاءات جنسية". وقال بعض من شملتهم الدراسة انهم يميلون الى الافلام الأجنبية"لضعف مستوى الأفلام العربية شكلاً ومضموناً كون مضمونها الدرامي مكرراً وسطحياً ويفتقر في إخراجه إلى أساليب حديثة وتقنية تجعله جذاباً ومشوقاً". وأكد 38 في المئة من الطلاب أن مشاهدة الأفلام الأجنبية أثرت في أنماط سلوكهم وقيمهم الثقافية، فيما نفى 62 في المئة منهم وجود أي تأثير. وتخلص الدراسة إلى أن النسبة الأكبر من الطلبة تقر بوجود تأثير سلبي من مشاهدة الأفلام الأجنبية في أنماط سلوك بعض الطلبة الآخرين وليس على أنفسهم،"مما يعني أن بعضهم لم يجب بصدق ونفى وجود تأثير من مشاهدة الأفلام في أنماط سلوكه مما يزيد من احتمال التأثير في نسبة أكبر من طلبة الجامعة". ويشير العزعزي إلى أن أحد الأسباب الرئيسة لإقبال الشباب اليمني على مشاهدة الأفلام الأجنبية"هو الترفيه والتسلية، وهذا يثير الكثير من المخاوف لأن الترفيه المقدم في القنوات الفضائية هو ترفيه نمطي وسطحي وفي أحيان كثيرة يصل إلى حد الابتذال والإسفاف بعيداً من القضايا الجادة. كما أن المحور الذي تبرزه الأفلام الأميركية هو بدرجة أساسية محور الأخلاق والآداب العامة ويتعلق باللقطات المرئية والمشاهد اللفظية للتقبيل والتعري والاحتضان والشتائم والعنف. فحتى الأفلام الخيالية والبوليسية تعرض هذه المشاهد على الرغم من عدم وجود ما يبررها في السياق الفني، ما يؤثر سلبا على الشباب". ويؤكد العزعزي أن"التوافق بين ما تقدمه القنوات الفضائية من أفلام وبين رغبات المشاهدين يتولد عنه انعكاسات ثقافية خطيرة لأن الأفلام تحمل مضامين العنف والحركة والجنس واللقطات الرومانسية، وفي قضاياها الإجتماعية تعالج مواضيع الخيانة الزوجية والعلاقات خارج إطار الزواج وهذه القيم لا تنسجم مع قيم ومعتقدات وبيئة المجتمع العربي". ويطالب الباحث مؤسسات الإعلام العربي والقنوات الفضائية"بالتوازن في الأداء بين الوظائف المختلفة واختيار الأفلام التي تناقش قضايا جادة وتفعيل دور الرقابة في إدارتها وفحص الأفلام قبل عرضها". كما يطالب بإنتاج برامج وأفلام باللغة الإنكليزية"لمخاطبة الآخر الذي يقيم في الوطن العربي لتصحيح صورة العرب والإسلام".