من الواضح ان بعض اليهود لا يرتاح لدور المسيحيين الصهيونيين في السياسة الأميركية، وزيادة اعداد هؤلاء التبشيريين الأجانب داخل اسرائيل، وأظهر التناقض بين الجانبين حادث بطله المبشر التلفزيوني بات روبرتسون، وهو مؤسس شبكة الاذاعة المسيحية والتحالف المسيحي، وكان فاز سنة 2002"بجائزة صداقة اسرائيل"التي منحتها المنظمة الصهيونية الأميركية تقديراً لخدماته"الجُلّى"لإسرائيل. في تشرين الأول أكتوبر الماضي نظمت"السفارة المسيحية الدولية في القدس"احتفالات العيد الفضي 25 سنة للهيكل، أي عيدها هي لا عيد الهيكل، واستضافت أربعة آلاف مسيحي صهيوني من 70 بلداً. وامتدح روبرتسون اسرائيل على اعتبار انها جزء من خطة الله للبشر، وانتقد العرب والمسلمين لتفكيرهم في بناء دولة فلسطينية من"أراضي"اسرائيل. الا انه دعا أيضاً اليهود الى طلب المخلص، وقال انه في جولاته حول العالم كان في زيارته الرقم 35 لإسرائيل رأى يهوداً في سيبيريا والبرازيل والولاياتالمتحدة يقولون"نعم أيها المسيح أنت مخلصنا". وعلقت الصحافية جودي لاش بالنت ان روبرتسون طرق موضوعاً دينياً يشعر اليهود ازاءه بحساسية. وأعربت مجموعة التحالف المسيحي في الكنيست عن قلقها، وقال يوري شتيرن الرئيس المشارك للمجموعة انه كان يتمنى لو أن روبرتسون قبل اليهود كما هم، وكجزء من خطة الله. غير ان الصحافي اليميني الاسرائيلي مايكل فرويند كتب في 16 تشرين الثاني نوفمبر الماضي مقالاً بعنوان"الى الأمام أيها الناخبون المسيحيون"قال فيه"ان على اسرائيل شكر الله لصعود المسيحيين التبشيريين، فهم أفضل ضمانة لتأييد الولاياتالمتحدة اسرائيل في عالم يزداد عداء لها". ودعا فرويند الذي كان مستشاراً اعلامياً لحكومة نتانياهو الاسرائيليين واليهود الأميركيين الى طرح تحفظاتهم وشكوكهم جانباً وبدء تعامل صريح مع المسيحيين التبشيريين. وفي حين انه طالب باستمرار الحذر من المسيحيين الذين يريدون اخراج اليهود من دينهم، فإنه أصر على ان الجميع ليسوا من هذا النوع. وقال فرويند ان منظمات من نوع جسور السلام والسفارة المسيحية الدولية في القدس والمركز المسيحي الصهيوني الدولي تقود حملة تشجيع المسيحيين على السياحة في اسرائيل، وتجمع التبرعات لمشاريع خيرية، في حين يدافع أمثال بات روبرتسون عن اسرائيل بنشاط. وكانت مجلة"فيلدج فويس"كشفت في أيار مايو الماضي نصيراً آخر للمسيحيين الصهيونيين هو ايليوت ابرامز، مدير الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي، وهو من غلاة المحافظين الجدد، وله مواقف حاقدة على العرب والمسلمين، فقد نشر ريك بيرلستين تفاصيل اجتماع غير معلن بين ابرامز ومسيحيين صهيونيين من المؤتمر الرسولي في 25 آذار مارس السابق. وكتب بيرلستين"كانت رسالة الكترونية لم يفترض ان نراها، تتحدث عن اجتماع ساعتين بين موظفين من البيت الأبيض وأصوليين مسيحيين... ولم يكن يراد ان نعرف ان المسؤول عن الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي يتشاور مع مسيحيين يؤمنون بقرب نهاية العالم، ويريدون ان تلتزم اسرائيل فكرهم عن القيامة الوشيكة. الرسالة الالكترونية أوجزت اجتماعاً أبدى فيه أعضاء في المؤتمر الرسولي معارضتهم الشديدة لقيام دولة فلسطينية، وخوفهم من ان الانسحاب من غزة سيسهل ذلك. وأكد ابرامز لضيوفه ان قطاع غزة ليس مهماً من ناحية توراتية مثل مقام سيدنا يوسف، أو قبر راشيل، لذلك فهو قطعة أرض يمكن التضحية بها في سبيل السلام. بعد ثلاثة أسابيع من هذا الاجتماع، وفي 14 نيسان ابريل على وجه التحديد، تراجع جورج بوش عن سياسة قديمة معلنة للولايات المتحدة، وأعلن تأييد بقاء اسرائيل في أجزاء من الضفة الغربية مقابل انسحاب اسرائيل من غزة. المذكرة السرية في 25 آذار حملت توقيع القس روبرت ابتون. وهو نفى للمجلة ان يكون كتب المذكرة، مع انها أرسلت من حساب بريد الكتروني لأحد مساعديه، وتحمل شعار المؤتمر الرسولي الذي يشبه كثيراً الشعار الأميركي. إلا ان ابتون أكد صحة أكثر المعلومات في المذكرة. ولاحظ بيرلستين ان جورج بوش لا يستعمل لغة المبشرين بقرب نهاية العالم، مع انه أظهر حماسة للتعامل معهم. وقد فاخر ابتون بأنه على اتصال بالبيت الأبيض ويتلقى اتصالاً هاتفياً مرة في الأسبوع على الأقل، وقد زار البيت الأبيض قبل المقابلة بأسبوعين وقابل الرئيس. ويعارض المؤتمر الرسولي خريطة الطريق وزعم ابتون في"فيلدج فويس"انه مسؤول عن ارسال 50 ألف بطاقة الى البيت الأبيض تعارض الخريطة، وقال:"أنا أعارض كلياً قيام أي دولة فلسطينية. وإرسال 50 ألف بطاقة تقول هذا الكلام تماماً، خلال أسبوعين من انحاء مختلفة من البلاد، أثر في الرئيس، وجعله يتراجع عن خريطة الطريق". في اسرائيل، انعكس الاتصال المتزايد بين السياسيين الاسرائيليين والمسيحيين الصهيونيين في تأسيس تجمع الحلفاء المسيحيين في الكنيست في مطلع 2004، وهو أول تجمع في البرلمان الاسرائيلي يهدف الى تعزيز العلاقات مع التبشريين في العالم كله. والرئيسان المشاركان هما يوري شتيرن من حزب الاتحاد الوطني ويوري بيريتز من شاس. وحضر الافتتاح ممثلو المنظمات الصهيونية المسيحية الرئيسية الثلاث العاملة في اسرائيل، وهي جسور السلام، والأصدقاء المسيحيون لإسرائيل والسفارة المسيحية الدولية في القدس. كذلك شارك ممثلون عن الزمالة الدولية للمسيحيين واليهود، وتحالف الوحدة الوطنية لإسرائيل، وقمة القدس. وقال مالكولم هيدنغ، المدير التنفيذي للسفارة المسيحية، ان التجمع الجديد تلقى ألوف رسائل التأييد من حول العالم، ورحب بفرصة شرح مدى تأييد جماعته اسرائيل لأعضاء الكنيست، ووعد بأن يشجع التجمع المسيحيين على زيارة اسرائيل. وفي تموز يوليو أصبح السناتور سام براونبانك، وهو جمهوري من كانزاس يؤيد اسرائيل بقوة، أول مشترع أميركي يستضيفه تجمع الحلفاء المسيحيين، وهو تحدث الى أعضاء الكنيست والتبشريين في اسرائيل. وعقد التجمع مؤتمراً في القدس في تشرين الثاني نوفمبر تزامن مع قمة القدس ونشط في المناقشات. ودعا الدكتور مايلز مونرو، رئيس جمعية قادة العالم الثالث ومقرها جزر البهاما، الناطقين الاسرائيليين الى محطات الإذاعة المسيحية، وقال ان رسالة اسرائيل لا تصل بعد الى ملايين المسيحيين. وأكمل غداً.