إذا كانت الجمهورية الاسلامية الإيرانية راغبة في فوز الشيعة في الانتخابات العراقية، فإن هذا الفوز لا يعني حتماً ارساء نظام اسلامي على طريقتها. وتصر طهران منذ اسابيع على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها على رغم اعمال العنف. وسبب ذلك ان هذه الانتخابات التاريخية يفترض ان تسرع، بالنسبة اليها، انسحاب القوات المعادية لها والمنتشرة على حدودها، بعدما أطاحت عدوها الرئيس المخلوع صدام حسين. ومع الفوز المتوقع للشيعة الذين يشكلون أكثرية في العراقوايران، قد تجد طهران محاوراً لها في بغداد وللمرة الاولى منذ عقود. وأعرب المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية علي خامنئي عن قلقه من الخطر الذي يمثله وجود الاميركيين على هذه المسافة القريبة من ايران، في وقت يعلن الرئيس جورج بوش انه لا يستبعد الخيار العسكري ضد ايران". وقال خامنئي في رسالة موجهة الى الحجاج المسلمين إن"الدولة الصهيونية المتحالفة مع الامبريالية الفاسقة والمقيتة في الولاياتالمتحدة، تضع اليوم خططاً لكل المنطقة، لافريقيا الشمالية والعالم الاسلامي بأجمعه"، بعد افغانستان، الجار الثاني لإيران، والعراق. وأعرب عن أمله بألا يزوّر الاميركيون الانتخابات لايصال"مرتزقتهم"و"دماهم". وتعتبر لائحة"الائتلاف العراقي الموحد"الأكثر حظاً بالفوز، إلا أن أشخاصاً مثل وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان يرون انها لائحة"ايرانية". ويرأس اللائحة رئيس"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"في العراق عبدالعزيز الحكيم الذي عاش أكثر من عشرين سنة في المنفى في ايران. ويشكل المجلس الذي استضافته ايران على أراضيها خلال حكم النظام السابق، الى جانب حزب"الدعوة"و"المؤتمر الوطني"برئاسة أحمد الجلبي، العمود الفقري الشيعي للائحة. وفر رئيس حزب"الدعوة"، نائب الرئيس العراقي الحالي، ابراهيم الجعفري، بدوره من قمع صدام حسين الى ايران، فيما تسببت علاقات أحمد الجلبي بالجمهورية الاسلامية بتخلي الادارة الاميركية عن الجلبي للاشتباه به. ويرى الشعلان أن إيران هي"العدو الأكثر خطراً على العراق وعلى كل العرب"، وان الارهابيين الناشطين في العراق تدربهم وتمولهم ايران وسورية. واتهم الرئيس العراقي غازي الياور ايران بدفع"أموال كثيرة"في العراق مع اقتراب الانتخابات. وأكد العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ان ايران شجعت أكثر من مليون مواطن عراقي على الدخول الى العراق من أجل المشاركة في الانتخابات، لأن"من مصلحة ايران رؤية جمهورية اسلامية في العراق". ولم تتخذ إيران أي موقف علني مؤيد للائحة معينة، داعية باستمرار الى عودة الاستقلال العراقي. إلا أنها أيدت موقف آية الله علي السيستاني الذي يدعم اللائحة الشيعية البارزة. وقال وزير الخارجية كمال خرازي:"ليس لإيران جندي واحد في العراق، واذا كان لإيران تأثير طبيعي على بلد ما، فإن مثل هذا التأثير لا يعني التدخل في شؤون هذا البلد". ويعمل الشيعة العراقيون جاهدين لتأكيد المسافة بينهم وإيران متجنبين الترويج لنظام اسلامي على الطريقة الايرانية. إلا أن السيستاني، الذي تدخل مرات عدة خلال الاشهر الاخيرة في عدد من الأزمات في العراق للمساهمة في حلها، لا يؤيد أولوية الدين على السياسة في ادارة الدولة. ويرى المحللون ان الايرانيين لا يجدون في الشيعة العراقيين محاورين سهلين بالتأكيد. ولا تزال بين طهرانوبغداد اللتين اعادتا علاقاتهما الديبلوماسية أخيراً، خلافات عدة ومعقدة تعود الى الحرب بينهما 1980-1988، مثل مسألة عقد معاهدة سلام والاتفاق على التعويضات. ويشكل انعدام الأمن في العراق على مقربة من الحدود الايرانية، مصدر قلق كبير لطهران قد يستمر في التأثير سلباً على العلاقات بين الدولتين، إذا لم يؤد الى تدهورها اكثر.