في أول احتكاك دولي منذ تولي المسؤولية في 14 تموز يوليو الماضي، قررت الحكومة المصرية حمل همومها وتطلعاتها الاستثمارية وملامح سياستها الاقتصادية الى منتدى دافوس الذي سيُعقد في منتجع دافوس السويسري من 26 الى 30 كانون الثاني يناير الجاري ويحضره مئات من اصحاب القرار الدولي والمسوؤلون الرسميون ورجال اعمال. وسيرأس رئيس الوزراء أحمد نظيف وفد بلاده إلى المنتدى ويرافقه وزراء المال والبترول والاستثمار والاتصالات والتجارة الخارجية والصناعة. شدد مصدر حكومي بارز على ضرورة حضور منتدى دافوس، مشيراً الى أن عدم المشاركة أو خفض عدد الحضور لم يعد في مصلحة البلاد بعدما ثبت ان المنتدى واجهة مهمة للاقتصاديين الدوليين. وقال عضو مجلس ادارة المنتدى شفيق جبر إن مصر ستطرح مشاريع في مجالات عدة على المستثمرين في المنتدى تتجاوز استثماراتها بليوني دولار، مشيراً الى أن لمصر فرصة مهمة لعرض مشاريعها الاستثمارية، إذ يخصص المنتدى سنوياً منذ تأسيسه عام 1973 يوماً لثلاث من الدول المشاركة تعرض فرصها الاستثمارية من خلال طاولات عمل مستديرة وحفل عشاء واختيرت مصر وروسيا وفرنسا لهذا العرض. وأضاف ان رئيس الوزراء سيبحث مع رئيس دافوس كلاوس شواب استضافة مصر للمؤتمر الاقليمي للمنتدى في آيار مايو سنة 2006، علماً أنه يعقد في الأردن للمرة الثالثة السنة الجارية. وأكد نظيف انه سيعرض على المنتدى خطة الحكومة لتشجيع الاستثمار وتوفير فرص عمل منتجة وزيادة الخدمات وتحسين ادائها، من خلال تطبيق حزمة متكاملة من الاجراءات والتيسيرات. وقال إن ارتفاع معدلات النمو السنوي، من 3.2 في المئة خلال الربع الاول من السنة المالية الجارية تموز - ايلول يوليو - سبتمبر الى 4.8 في المئة خلال الربع الثاني تشرين الاول - كانون الثاني اكتوبر - يناير يبشر بالوصول الى النمو المستهدف وهو خمسة المئة، وهو ما يؤدي الى ايجاد فرص عمل جديدة. اعتبر نظيف ان هذه الاجراءات اثرت ايجابياً في الاقتصاد وتغيرت نظرة المؤسسات المالية العالمية المختصة بقياس الجدارة الائتمانية تجاه مصر الى النظرة الايجابية. وأضاف ان ذلك انعكس على ما لمسه المواطن المصري من استقرار في المجالات الاقتصادية وانخفاض في اسعار القطع الاجنبية مقابل الجنيه المصري، مشيراً الى تفعيل سياسة"الشباك الواحد"للمستثمر وإعادة هيكلة هيئة الاستثمار والعمل بالاجراءات الجديدة والمسيرة بحزمة متكاملة أدت إلى اقبال المستثمرين للاستثمار في مصر بعدما اثبتت جدواها، وخصوصاً شركات البتروكيماويات والصناعات الثقيلة كقاطرات السكك الحديد، الى جانب السياحة وزيادة عدد الشركات المهتمة بالاستثمار بالساحل الشمالي الغربي والبحر الاحمر والتوجه الى الاستثمار العقاري من قبل الشركات الخليجية، اضافة الى زيادة الاستثمار في مجال الزراعة واستصلاح الاراضي. وستشمل كلمة نظيف أمام المنتدى برامج مصر في الاصلاح وتحديث المجتمع بصورة تنبع من حاجات الداخل من دون تقليد النموذج الغربي أو محاكاته، حفاظاً على الهوية الثقافية للمجتمع المصري، الى جانب برامج الإصلاح الاقتصادي والتشريعي وتطوير المناخ السياسي لتشجيع المشاركة السياسية بأشكالها المختلفة وتعميق الممارسات الديموقراطية وتطوير القوانين المرتبطة بالممارسة السياسية ونظمها وتنفيذ عدد من السياسات التي تهدف الى تمكين المرأة وتعظيم دورها في المجتمع. وتتضمن الكلمة عرضاً لرؤية تحديث المجتمع المصري من النواحي الاقتصادية والقوى البشرية والبرامج التعليمية والارتقاء بالخدمات الجماهيرية ودعم المشاركة المجتمعية في التحديث بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني وتشجيع البحث العلمي والابتكار. كما تتضمن الكلمة عدداً من الانجازات التي حققتها الحكومة على صعيد الإصلاح الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار في مصر وبرامج الإصلاح الضريبي والجمركي لدفع الاداء الاقتصادي وما حققته من اجراءات لزيادة الثقة بين قطاع الاعمال والمستهلك وزيادة الاحتياط من النقد الاجنبي وزيادة قوة الجنيه المصري في سوق الصرف الاجنبي وخطة الحكومة للتوسع في الاستثمارات السياحية على مدى السنوات العشر المقبلة لجذب نحو 16 مليون سائح سنوياً، وكذلك البرنامج الطموح للتوسع في صادرات الغاز الطبيعي، إذ تحتل مصر المرتبة السادسة على مستوى العالم في قائمة الدول المصدِّرة للغاز. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء الدكتور مجدي راضي إن الوفد المصري سيشارك في ندوات عدة يجري فيها حواراً مفتوحاً حول امكان زيادة قدرة البلاد التنافسية على المدى الطويل، ما يؤدي الى زيادة الصادرات ورفع مستوى المعيشة وجذب الاستثمارات والتنكولوجيا الى السوق المصرية. وأضاف ان الحوار في هذه الندوات يتسم بالشفافية والوضوح، مشيراً الى أن الوفد المصري سيعرض مجموعة من الفرص لتحسين وضع الاقتصاد المصري وتبني الادارة الرشيدة وتحسين البيئة التنظيمية للاعمال وازالة الاعباء البيروقراطية. كما سيعرض الوفد على الوفود المشاركة فرص إسراع وتيرة الإصلاح في سوق المال والسياسات المالية والجهاز المصرفي واستكمال تحرير التجارة وتشجيع الصادرات المصرية وتفعيل برامج التخصيص وتحسين مؤشرات صناعة تكنولوجيا المعلومات ونشر ثقافة الابتكار والعمل الحر والبحث العلمي. وسيلتقي نظيف على هامش المنتدى كبار السياسيين والاقتصاديين ورؤساء الشركات لاستعراض دعم العلاقات الاقتصادية بين مصر وهذه الدول واستكشاف فرص استثمار الشركات العالمية في مشاريع في السوق المصرية. ويعتبر منتدى دافوس ملتقى كبار الشخصيات السياسية والاقتصادية في العالم الى جانب رؤساء البنوك والشركات والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، ما يجعل مشاركة مصر فيه فرصة للقاء الشخصيات العالمية المرموقة وإجراء حوارات صريحة حول تحسين صورة مصر في العالم الى جانب إمكان الترويج لمصر سياحياً واستثمارياً واقتصادياً.