كشفت الإحصائيات أن 49 بالمائة من سكان مدينة جدة عاطلون يبحثون عن عمل وأوضحت دراسة حديثة ممولة من شركة عبد اللطيف جميل المحدودة أن هناك 21,4% من إجمالي سكان جدة لا يرغبون في العمل بسبب التفرغ للدراسة بالنسبة للرجال والرغبة في رعاية الأسر بالنسبة للإناث ... وركزت الدراسة على مشكلة البطالة في مدينة جدة وأنها أحدى المشاكل التي تحتل مكانة متزايدة الأهمية في المجتمع الاقتصادي ، وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بالمملكة حول حجم هذه الظاهرة وخصائصها وأساليب معالجتها إلا أن هناك اتفاقا على أهمية القضية وضرورة بحثها وعلاجها بالاساليب العلمية السليمة ... (البطالة) تعتبر قضية البطالة من أهم وأعقد القضايا التي تواجه المجتمعات الاقتصادية على اختلاف مستويات تقدمها أو ثرواتها، وتتمثل الأسباب الرئيسية في أهميتها أنها تتصل مباشرة بالإنسان الذي يمثل المحرك الرئيسي والهدف الأساسي للتنمية والتقدم في أي مجتمع، كما أنها تمثل أحد المؤشرات الأساسية لمدى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في أي مجتمع وكذلك لمدى كفاءة هذا المجتمع الاقتصادي في إدارة موارده الاقتصادية، والتي يعد العنصر البشري من أهمها ، واستغلالها بالأسلوب الأمثل . وحتى يتمكن المجتمع من تقديم الحلول السليمة واتخاذ القرارات الفعالة لحل قضية البطالة، لابد أولا أن يتوفر لديه العلم التام بحجم هذه المشكلة وأبعادها وخصائصها ، ولهذا السبب نجد أن قضية البطالة تمثل خطورة في المجتمعات المتقدمة والأكثر تقدماً تماما مثل المجتمعات النامية الأقل تقدماً، كذلك عادة ما تأخذ مشكلة ارتفاع معدل البطالة في المجتمعات المتقدمة طابعا مؤقتا بينما تتميز في المجتمعات النامية بالطابع الهيكلي طويل الأجل، نظراً لتوفر قاعدة بيانات واضحة ومحدثة بصفة مستمرة لدى الأولى عن الثانية. وتعتبر قضية البطالة في المملكة أحدى المشاكل التي تحتل مكانة متزايدة الأهمية في المجتمع الاقتصادي، وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بالمملكة حول حجم هذه الظاهرة وخصائصها وأساليب معالجتها إلا أن هناك اتفاقا على أهمية القضية وضرورة بحثها وعلاجها بالأساليب العلمية السليمة. وتعتبر هذه الدراسة قياس وتحليل معدلات البطالة في مدينة جدة بمثابة أحد أهم الخطوات الأساسية للتعرف على حجم مشكلة البطالة وتحليلها وتشخيصها مما ساعد كثيراً بجانب الدراسات المتخصصة لسوق العمل والدراسات الاجتماعية المتخصصة في وضع أساليب الحل المثلى لعلاج قضية البطالة علاجاً جذرياً . أسلوب تنفيذ الدراسة اختيار الشوارع والمنازل @ تم تقسيم مدينة جدة إلى منطقتين شمالية وجنوبية . @ تم توزيع الأحياء على البلديات التابعة لها، وتم اختيار عينة مكونة من 2,500 مفردة مع تحديد نسبة احتياطي في حدود 10% لمواجهة أي خطأ . @ تم تحديد عدد الشوارع لكل حي بناء على الكثافة السكانية للحي . مرحلة الإعداد للمسح الميداني خلال مرحلة الإعداد التي سبقت المسح مباشرة تم إنجاز المهام التالية : @ الإعداد النهائي للاستمارة @ تكوين فريق العمل @ التدريب على العمل @ الطرح الاختباري للاستمارة مرحلة تنفيذ المسح الميداني @ تم طرح الاستبيانات حسب الأحياء والشوارع المختارة عشوائياً اعتباراً من يوم 14/9/2002م وانتهى العمل الميداني في 24/9/2002م . @ قام فريق عمل من الباحثين بالمركز بالمتابعة والإشراف المباشر على عملية طرح الاستمارة أثناء العمل الميداني وتمت مراجعة عينة عشوائية تمثل 10% من الاستبيانات مع المفردات المستبانة بشكل يومي . عملية تفريغ الاستمارات : @ قام فريق متخصص بإدخال البيانات على الحاسب الآلي وذلك بصفة يومية متتابعة مع عملية طرح الاستمارة. @ كانت هناك مراجعة يومية بالإضافة إلى عملية المراجعة الشاملة للبيانات المفرغة . عملية تحليل البيانات @ تم إجراء تحليل البيانات الواردة بالاستمارات بأسلوب مزدوج باستخدام تقنيات متطورة على برامج الحاسب الآلي ومن خلال فريقي عمل متخصصين على برنامج SPSS وبرنامج EXCEL وذلك للتأكد من صحة نتائج التحليل والاستفادة من عناصر تميز كل من برنامجي التحليل المذكورين . الخلاصة والاستنتاجات استهدفت هذه الدراسة في الأساس قياس معدل البطالة في مجتمع مدينة جدة وتحليل خصائصه الرئيسية , ونتيجة لحداثة مثل هذه النوعية من الدراسات على سوق العمل في المملكة بصفة عامة وعدم توافر أي بيانات حديثة عن علاقات السكان بالعمل , فقد كان من الضروري عند إجراء المسح الميداني بأسلوب المعاينة الإحصائية توفير أقصى قدر ممكن من البيانات عن اهم جوانب سوق العمل ذات الصلة بكل من المشتغلين والمتعطلين , إضافة الى ضرورة توفر قاعدة البيانات الضرورية عن إجمالي السكان. وقد امكن من خلال توفير هذه القاعدة من البيانات أن تطرقت الدراسة الى جانب هدفها الرئيسي المتمثل في قياس وتحليل معدل البطالة الى عدة جوانب أخرى تحليلية في سوق العمل من أهملها تحليل خصائص القوى العاملة ككل وكذلك الخصائص العامة لكل من المشتغلين والمتعطلين. وقد انتهت الدراسة الى العديد من الاستنتاجات التى نحاول عرض أهمها في هذه الخلاصة الموجزة للتقرير. اعتمدت الدراسة في قياس معدل البطالة في مدينة جدة على عينة مكونة من 6.175 مفردة من إجمالي السكان , وقد احتوت على 2,618 مفردة من قوة العمل , وبإجراء التحليلات الأولية المقارنة لبيانات العينة من آخر تعداد رسمي للسكان عام 1992 تبين ان هناك درجة كبيرة من التوافق بين هيكل العينة وهيكل المجتمع , خاصة في نسبة السكان في سن العمل ونسبة العاملين الى إجمالي السكان , وقد تباينت كثيرا نسبة الذين لا يعملون ويرغبون في العمل ( المتعطلون) حيث زادت نسبتهم الى إجمالي السكان من 2.2 % حسب تعداد عام 1992م , إلى 21.0 % في توزيعات هيكل العينة محل الدراسة (سبتمبر 2002م) الأمر الذي أدى الى معالجة بيانات هذه الفئة بقدر من التأني والتفصيل للتأكد من مدى انطباق مفهوم البطالة عليها وفقا للمعايير الدولية. بلغت نسبة السكان الذين لا يعملون من واقع بيانات العينة حوالي 76.6% من إجمالي السكان (كانت نسبتهم في تعداد سكان مدينة جدة عام 1992 حوالي 79.0 % ) وقد توزعت هذه النسبة على النحو التالي: بلغت نسبة السكان أقل من سن العمل في العينة حوالي 36.2 من إجمالي السكان , (بلغت 37.5 % عام 1992) أما السكان في سن العمل الذين لا يرغبون في العمل (لأسباب متعددة) فقد بلغت نسبتهم حوالي 21.4 % , (بلغت 39.4 % عام 1992) وكان من أهم أسباب عدم الرغبة في العمل التفرغ للتعليم بالنسبة للطلبة والطالبات , والراغبات في رعاية أسرهن من ربات البيوت. * ويتبقى نسبة 21.0 % من إجمالي السكان لا يعملون ويرغبون في العمل (حسب وصفهم الشخصي) وهم من يطلق عليهم المتعطلون بالمعنى العام , (بلغت 2.2 %عام 1992 !!) @ بغلت نسبة الذكور في قوة العمل حوالي 57.3% بينما بلغت نسبة الإناث حوالي 42.7 % من إجمالي قوة العمل ويتضح من هذه النسبة درجة قليلة من التحيز تجاه الذكور في قوة العمل عنها في إجمالي السكان , حيث كانت 50.6% من إجمالي العينة. @ هناك درجة عالية جدا من التوافق بين خصائص إجمالي العينة وخصائص قوة العمل , فباستثناء تحليل الفئات العمرية ( التي يخرج فيها السكان خارج سن العمل والطلبة من الفئات الأقل عمرا) تكاد تكون باقي التوزيعات متشابهة الى حد كبير بين قوة العمل وإجمالي السكان , مما يعني أنه ليست هناك خاصية محددة غير العمر تميز قوة العمل عن باقي السكان. @ تركزت الأغلبية العظمى من قوة العمل في الفئة العمرية ( 20 45 عاما) حيث مثلت تلك الفئة 83.3% من إجمالي قوة العمل , وهو ما ينطبق أيضا على قوة العمل لكل من الذكور والإناث كل على حدة. @ هناك أيضا درجة عالية جدا من التوافق بين خصائص كل من الذكور والإناث في قوة العمل , فيما عدا مستوى التعليم الذي تتفوق فيه الإناث عن الذكور نوعا ما, ويختص الذكور ببعض التخصصات التي لا تقبل عليها الإناث أولا يتاح لهن الالتحاق بها مثل الثانوي الصناعي. @ يعتبر القطاع الحكومي هو المستوعب الرئيسي للمشتغلين بصفة عامة حيث استأثر بما يقرب من ثلثي المشتغلين في مدينة جدة ويلاحظ تركز المشتغلات من الإناث في القطاع الحكومي بنسبة أكبر من تركز الذكور في هذا القطاع , بينما لم يستوعب القطاع الخاص سوى نسبة تقل عن ربع المشتغلين فقط سواء بالنسبة للذكور أو الإناث , في حين لم تزد نسبة المشتغلين لحسابهم الخاص على 11.8 % وقد تركز معظمهم في فئة الذكور. @ يتميز المشتغلون في جدة بصفة عامة بدرجة جيدة من الاستقرار في العمل حيث أن اكثر من ثلثي المشتغلين تزيد فترة استمرارهم في العمل على 5 سنوات ويبلغ متوسط فترة الاستمرار في العمل حوالي 8.1 سنة , وقد يرجع ذلك بصفة أساسية الى تركز نسبة كبيرة من المشتغلين في القطاع الحكومي , ويلاحظ أن ميل ألاناث إلى الاستمرار والاستقرار يقل بدرجة طفيفة عن ميل الذكور. @ يتميز المتعطلون بصفة عامة بارتفاع نسبة الإناث عن الذكور في هيكل المتعطلين عن نسبتهن في قوة العمل وكذلك عن نسبتهن بين المشتغلين بدرجة كبيرة , حيث تزيد نسبة النساء المتعطلات على ثلثي هيكل المتعطلين أو ما يعني أن عددهن ضعف عدد المتعطلين من الذكور. @ يتركز الجانب الأكبر من المتعطلين في المنطقة الجنوبية من مدينة جدة حيث تقترب حصتها من ثلثي إجمالي المتعطلين. @ هناك درجة واضحة من تركز المتعطلين في الأعمار المتوسطة مع ميلها أكثر الى الفئات الأقل سنا باستثناء الفئة العمرية (من 15 اقل من 20 سنة) التي انخفضت نسبتها إلى إجمالي المتعطلين نتيجة انشغال نسبة كبيرة من هذه الفئة بالتعليم. @ يشكل حملة الثانوية العامة والشهادات الجامعية أكثر من نصف المتعطلين وتزيد نسبتهم فيما بين الإناث وقد يعود ذلك الى زيادة نسبة هذه الفئات في قوة العمل بصفة عامة , ولكن يلاحظ ارتفاع نسبة حملة الثانوية بين المتعطلين عن نسبة حملة الثانوية في إجمالي قوة العمل. @ بلغت نسبة المتعطلين (الذين يرغبون في العمل ولا يعملون حسب وصفهم لأنفسهم) حوالي 49.5 % وهي نسبة تعتبر مرتفعة بكافة المقاييس , وهي أن لم تكن تمثل بدقة معدل البطالة الا أنها تشير الى خلل واضح في سوق العمل نظرا لوجود هذه النسبة من الراغبين في العمل ولا يعملون. @ اتضح من تحليل هيكل فئة المتعطلين ان نسبة كبيرة منهم بقيت متعطلة لفترات طويلة وأن نسبة كبيرة أيضا لم يسبق لها العمل ولا حتى توفرت لها فرصة عمل رغم فترة التعطل مما يشير الى احتمالية كبيرة لضيق فرص العمل المتاحة أمام المتعطلين , ولكنه أيضا يشكك في جدية نسبة من هذه الفئة في رغبتها في العمل. @ لا تنفى هذه الاستخلاصات أن هناك معدلات حقيقية ومرتفعة ولكنها تشير إلى أن قضية البطالة قد تبدو بمظهر أكبر من حقيقتها , حيث تم تصنيف كل الأشخاص الذين لا يعملون ويرغبون في العمل في عداد المتعطلين دون التحقق من انطباق تعريف البطالة عليهم مما أظهر الحاجة الى مزيد من التدقيق للتأكد من انطباق تعريف البطالة على هؤلاء المتعطلين , حتى يمكن الوصول إلى المعدلات الحقيقية ومنها: @ معدل البطالة العام. @ معدل البطالة الإجبارية. @ معدل البطالة العام 47.4% (شاملاً البطالة الاختيارية والإجبارية) وهو يأخذ في شرط البحث عن عمل كأحد الشروط الأساسية لاعتبار المفردات في حالة بطالة بالإضافة إلى توفر أركان الرغبة في العمل والقدرة عليه . ويعكس هذا المعدل البطالة الصريحة (اختيارية وإجبارية معا) ولكن تجدر الإشارة إلى أن معدل البطالة العام يغطي جانباً واحداً من تعريف المتعطل (الباحث الجاد عن عمل بأحد الأساليب الجادة) لكن لا يأخذ في اعتباره مدى قبول المتعطل لفرص العمل المتاحة وظروف العمل السائدة وهو ما يعني أن المتعطل وفقا للمفهوم المأخوذ به في هذا المعدل قد يكون متعطلا باختياره أو متعطلا إجباريا. @ معدل البطالة الإجبارية 20.1% وهو يأخذ في اعتباره بالإضافة إلى شروط معدل البطالة العام، شرط القبول بظروف العمل لاعتبار المفردات في حالة بطالة ويكونون في هذه الحالة متعطلين إجبارياً نظراً لاستيفائهم كافة الشروط بما فيها القبول بظروف العمل ومع ذلك لا يجدونه. @ يشير تحليل معدل البطالة الإجبارية إلى مؤشرات غاية في الأهمية. * ارتفاع معدل البطالة الإجبارية بين الإناث ارتفاعاً كبيراً عن مثيله بين الذكور إذ بلغ 42.0% بين الإناث مقابل 21.0% للذكور. * ارتفع معدل البطالة الإجبارية في المنطقة الجنوبية ( حوالي 23.3%) سواء على المستوى الإجمالي، أو على مستوى الذكور أو الإناث مقارنة بالمنطقة الشمالية ( حوالي 15.2%). * تزايد معدلات البطالة الإجبارية بين فئات الشباب خاصة في الأعمار التي تتراوح ما بين (15 عاماً- 30 عاماً). حيث تراوحت بين ( 34.0% - 60.0%). * فيما يتعلق بالحالة التعليمية، يلاحظ أن معدل البطالة الإجبارية يرتفع في الحالة التعليمية ما قبل المستوى الجامعي باستثناء الحاصلين على الدبلوم الفني بعد الثانوية. * تزايد معدلات البطالة الإجبارية بصورة أكبر فيما يتعلق بالحالة الاجتماعية في فئة "الأعزب" ( حوالي 40.5%) مقارنة بالفئات الأخرى، وهو ما يتسق مع ما سبق ذكره في ارتفاع معدل البطالة بين الفئات الشابة. @ تعد البطالة الإجبارية أهم وأخطر أنواع البطالة، حيث يقبل المتعطل الظروف السائدة في سوق العمل من حيث الأجر وطبيعة العمل وساعاته. وغير ذلك من الظروف ولكن لا يجد العمل. ومن تحليل خصائص هيكل فئة المتعطلين إجبارياً اتضحت مجموعة من الحقائق الهامة. * تتركز نسبة كبيرة من المتعطلين إجبارياً في الفئات العمرية أقل من 45عاماً (94.9% من الإجمالي). * تتركز نسبة كبيرة من المتعطلين إجبارياً في حملة المؤهلات المتوسطة والمؤهلات الأقل من المتوسطة ( نحو 71% من الإجمالي). * الجانب الأكبر من المتعطلين إجبارياً تزيد فترة تعطلهم على سنة ( نحو 75% من الإجمالي)، ونحو 46.1 %من الإجمالي تزيد فترة تعطلهم على 3 سنوات. * هناك نسبة كبيرة من المتعطلين إجبارياً، لم يسبق لهم العمل ( 76.5% من الإجمالي). @ قد يرجع السبب الرئيسي لعدم توفر العمل لفئة المتعطلين إجبارياً إلى ضآلة فرص العمل التي عرضت على المتعطلين، نظراً لتوفر العديد من الخصائص في فئة المتعطلين إجبارياً من أهمها. * سعيهم الجاد للبحث عن عمل بأسلوب أو أكثر. * استعداد جانب كبير من المتعطلين لقبول ظروف العمل المختلفة. @ أبدى 90.4% من إجمالي المتعطلين قبول العمل بأجر منخفض. @ أن نحو 88.6% من إجمالي المتعطلين على استعداد لقبول العمل في قطاع خاص صغير. @ كذلك أعرب 80.1% من إجمالي المتعطلين عن استعدادهم لقبول العمل في غير التخصص. وخلاصة لكل ما سبق وفي ضوء كافة التحليلات السابقة نجد أن أهم ما يمكن الإشارة إليه أن أي علاج فعال لقضية البطالة لابد وأن يأخذ عدداً من الحقائق في الاعتبار حتى يؤتى ثماره المرجوة في علاج هذه القضية الحساسة، ومن أهم الحقائق الواجبة الذكر. الحقيقة الأولى: أن قضية البطالة تبدو في حجم أكبر من حقيقتها، فنسبة المتعطلين تصل إلى 49.5% من إجمالي قوة العمل بينما معدل البطالة الإجبارية يصل إلى 20.1%. وقد يرجع هذا الفارق إلى عدد من الأسباب من أهمها ارتفاع أصوات فئة ليست قليلة من المتعطلين، يرغبون في العمل ولكن لا يعملون على ذلك بالقدر الكافي بل وقد يكونون غير مستعدين للتنازل عن مزايا أو ان يتحملوا مشقة هذا العمل أو يقبلوا بالتدرج في مراتب العمل بالصورة التي يمكن أن تتاح لأي عاملين جدد بدون خبرة أو خلفية عن طبيعة الأعمال بصفة عامة. ولا يعني ذلك أنه ليس هناك بطالة ولكن أهم ما يمكن استدراكه أن القضية ذات طبيعة غير ما تبدو عليها وتحتاج إلى المزيد من التدقيق لدراستها ومعالجتها. ومن أهم ما يجب دراسته العوامل المؤثرة على علاقات العمل المتبادلة بين العمالة وأصحاب الأعمال، ومن أهم هذه العوامل درجات الخبرة والمهارة المطلوبة ومستويات التدريب المتوفرة والفروق بين الأجور والمزايا العينية المقبولة والمتاحة وغيرها من الظروف التي يمكن أن تؤثر على علاقات العمل ولعل من أهمها العلاقات القانونية والتزامات كل طرف للآخر. الحقيقة الثانية: أن قضية البطالة تكاد تنقسم إلى شقين منفصلين تماماً ( الذكور والإناث) ولذا يجب بعد مناقشة هذين الشقين مجتمعين أن تتم مناقشة كل منهما باستقلالية عن الآخر، ودراسة مبرراته وأسبابه وأساليب علاجه، وقد يكون من الخطأ أن يتم تناول هذين الشقين كقضية واحدة تنبع من أسباب مشتركة وذات خصائص متماثلة وبالتالي تصلح لها نفس أساليب المعالجة، ولقد دفع هذا الاستنتاج منذ بداية التحليل إلى محاولة الفصل تماماً في قراءة كافة الخصائص بين الذكور والإناث بهدف بحث جوانب الاختلاف ونقاط الاتفاق بين هذين الطرفين ( الذكور والإناث). وإذا ما أخذنا كلا من عنصر الجدية ( الحقيقة الأولى) وعنصر الفصل بين الجنسين ( الحقيقة الثانية) ونظرنا بصفة خاصة إلى قضية البطالة بين الذكور نجد أن (معدل البطالة الإجبارية بين الذكور يصل إلى 12.1% )وهو معدل وأن كان مرتفعاً إلا أنه لا يعبر عن مشكلة ضخمة في قضية البطالة أو معدل لا يصدق في مثل هذه الظروف الاقتصادية. بينما يصل معدل البطالة الإجبارية بين الإناث إلى 42.0%، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدل البطالة الإجبارية الكلي إلى 20.1%. الحقيقة الثالثة: أن هناك أنواعا من الوظائف- لاسيما الوظائف المتدنية اجتماعياً- لا يقبل عليها الشباب السعودي حتى في ظل ظروف البطالة الإجبارية التي تعني قبولهم بمعظم الأحوال السائدة في سوق العمل، حيث تبين أن هناك نسبة تصل إلى 91.0% من المتعطلين إجبارياً لا يقبلون العمل في الوظائف المتدنية اجتماعياً رغم حاجتهم الشديدة للعمل وبحثهم الجاد عنه وقبولهم بمعظم الظروف السائدة في سوق العمل. الحقيقة الرابعة: أن مشكلة عدم الرغبة في الانتقال للعمل تظهر كأحد أهم العقبات أمام تشغيل المواطنين في المناطق الأقل نمواً- ضمن إطار التخطيط للتنمية الشاملة- وقد تجلى ذلك من انخفاض إمكانية التنازل عن المزايا المتعلقة بجوانب الانتقال في سبيل الحصول على عمل لدى جانب كبير من المتعطلين إجبارياً مثل التنازل عن مزايا البقاء في نفس المدينة (45.2%)، أو العمل في المدن الكبرى (73.5%) على الرغم من إعراب الأغلبية العظمى من هذه الفئة عن إمكانية التنازل عن كافة المزايا المذكورة في التحليل بمعدلات تزيد على 90% لكل ميزة. الحقيقة الأخيرة: أن أي جهود للتخفيف من ظاهرة البطالة أو تخفيض معدلاتها لابد وأن تنطلق في إطار الجهود المتكاملة للقضاء على التباطؤ الاقتصادي وعندها قد يكون رفع معدلات التشغيل في المجتمع ككل وحده كفيلاً بخفض معدلات البطالة في المدى القصير وأما على المدى الطويل فإن جهود التنمية المخططة ستكون الكفيلة بحل قضية البطالة ككل، فهناك حقيقة اقتصادية ثابتة مؤداها أن التشغيل يؤدي إلى التشغيل والتنمية تؤدي إلى التنمية. الباحثون عن العمل لهم شروط