في حين يجلس المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو مع فريقه تشلسي متربعاً براحة بال تامة على قمة الدوري الانكليزي وبفارق 10 نقاط و11 نقطة عن ارسنال ومانشستر يونايتد على التوالي، يبدو ان استسلام مدربي الاخيرين ارسين فينغر واليكس فيرغسون لسيطرة تشلسي قاد الى نبش جروح الماضي والعودة الى الحرب الكلامية والنفسية بكل بشاعتها. فبعد مرور نحو ثلاثة شهور على الحادثة الشهيرة في "اولد ترافورد" والتي عرفت باسم "معركة الطعام" بعدما قذف احد لاعبي ارسنال فيرغسون بشرحات بيتزا وشوربة في الممر الذي يفصل بين غرف تغيير ملابس الفريقين، عاد المدرب الاسكتلندي الى كشف بعض ما دار في ذلك اليوم متهماً فينغر بانه حاول الاعتداء عليه ويطالبه اليوم بالاعتذار بعد مرور 3 شهور، ما قاد المدرب الفرنسي الى الخروج عن طوره ووعد بانه لن يتحدث ابداً "عن هذا الرجل" او عن اي حادثة جمعتهما، في دليل واضح الى ان التركيز على المنافسة على بطولة الدوري بدأ يفقد تدريجاً، لكنه عاد عن وعده وهاجم فيرغسون بقوله: "انه فقد كل شعور بالواقع الى درجة انه بدأ يبحث عن مشاجرات ويطالب من يشاجره بالاعتذار له. انه فقد كل احترام اكنه له". وكان فيرغسون صرح السبت الماضي ان خسارة ارسنال امام فريقه في يوم الحادثة الشهيرة في تشرين الاول اكتوبر الماضي والتي قادت تلقائياً الى تجميد الرقم القياسي لارسنال بعدم الخسارة في الدوري عند 49 مباراة، "قادت الى سلوك همجي يظهر حقيقة فينغر... انا اطالب باعتذار فوري". ويبدو فيرغسون كمن يختلق الاعذار مسبقاً عن موسم فاشل، فعلى الورق ما زالت فرصة فريقه لاحراز الرباعية الفوز ببطولة الدوري وكأسي انكلترا والمحترفين ودوري ابطال اوروبا مساوية لفرصة تشلسي، لكن الامر الواقع وما يدور في ارض الملعب يشيران الى ان النادي اللندني اقرب الى احراز على الاقل ثلاثة من هذه الالقاب فيما سيكون فيرغسون وفريقه محظوظين اذا احرزوا واحدة منها. والمدرب الاسكتلندي يعلم هذه الحقيقة، كما انه يعلم ان افضل وسيلة الان للخروج بماء الوجه هي التهجم على خصومه لزعزعة ثقتهم بأنفسهم، مثلما برع في الماضي مع اكثر من منافس. والغريب ان فيرغسون لا يهاجم مدربي الفرق الاخرى، الا من يشكل تهديداً لفريقه. وتبدو الحرب الكلامية انها ستتصاعد اكثر في الايام المقبلة، خصوصاً مع العد التنازلي للقاء القمة بين ارسنال ومانشستر يونايتد على ملعب "هايبري" في الاول من الشهر المقبل، وبدأها فينغر حين اعلن انه اذا اعتمد الاتحاد الانكليزي الوسائل التكنولوجية في المساعدة بتحكيم المباريات ومراجعة قرارات الحكام منذ مطلع الموسم لاحتل مانشستر يونايتد مركزاً في وسط القائمة بدل مركزه الثالث الحالي، في اشارة الى العديد من القرارات التي خدمت فيرغسون وفريقه اشهرها هدف لاعب توتنهام الواضح قبل اسبوعين. وفي المقابل، فان مورينيو يعلم ان دوره سيأتي في هذه الحرب النفسية، لذا فهو يستبق الامور بكيل المديح على فيرغسون وانجازاته تارة وانتقاد انحياز الحكام لفريقه تارة اخرى، فيما يقلل من شأن انجازات ارسنال في السنوات الاخيرة معتبراً انه لم يكن هناك منافس حقيقي له، كما لا يألو جهداً في التفاخر بحارسي مرماه في ظل معاناة واضحة لارسنال ومانشستر يونايتد في هذا المركز. والغريب في كل هذه "المعمعة" والتي تعشقها الصحافة المحلية، ان الاتحاد الانكليزي يقف عاجزاً عن وضع حد لهذه الحرب، لانها ببساطة لا تتعارض مع قوانين اللعبة، فيما يحاول رئيسا الناديين واعضاء ادارتيهما لعب دور في تخفيف حدة الملاسنة، لكن سرعان ما يستغل كل مدرب اقرب فرصة صحافية لابداء رأيه، بصورة عفوية او مغرضة، حتى تنشر في اول الصفحات الرياضية، ليبدأ مسلسل الرد من جديد.