المتتبع لتوالي الأحداث السياسية في العراق وللحركة الديموقراطية العربية يلاحظ ان الانتخابات العراقية المقبلة ستؤثر في شكل كبير في الحركة الديموقراطية في العالم العربي، ويمكن اعتبار هذه الانتخابات الطفرة الحقيقية التي ستؤثر في شكل كبير في مستقبل الشعب العراقي الذي اصبح لا يعرف ماذا يجري في الساحة السياسية العراقية، فكل يوم نسمع مسميات جديدة في الأحزاب والائتلافات، فأخيراً سمعنا بالائتلاف الشيعي وظهر الكثير من الأحزاب المستقلة اضافة الى الحزب الإسلامي السني والأحزاب الكردية بل رأينا بعض رؤساء الأحزاب يعيدون تشكيلها من جديد، والأمور تزداد تعقيداً كلما اقترب موعد الانتخابات، فالعراق يتحول الآن بعد ان كان نظام طاغية ديكتاتوري قديم رئيسه يحاكم محاكمة غريبة في ظل احتلال يفرض ما يريد ويعين من يريد، والتحرك العربي الممثل في الجامعة العربية يبذل مجهودات تبدو غير مجدية لإصلاح الأوضاع، وهو محاصر من جهة بتشتت عربي وبسياسة خارجية للدول العربية غير واضحة، ويبدو ان الجامعة العربية تتخبط في مشاكل تجعلها غير قادرة على مساعدة العراق للخروج من ازمته وأن الحركة الديموقراطية العربية اجهضت بفعل توالي الأزمات. وما زاد من وتيرة الأزمة الضغوط الدولية على الدول العربية، فالولايات المتحدة الأميركية بعدما ارغمت سورية على الخروج من لبنان ها هي الآن تطالب الأممالمتحدة بتطبيق عقوبات اقتصادية عليها. ويزيد من وتيرة هذا الضغط الدعم الأوروبي وبخاصة من فرنسا. ومن هنا يبدو ان كل الأمور تسير في طريق ازمة شرق اوسطية المتضرر الوحيد فيها هو العالم العربي. وعلى رغم ان الانتخابات العراقية تجرى في ظل الاحتلال وبتخطيط من المحتل، فإن الانتخابات تبقى مهمة لاستقرار العراق بخاصة ان الهجمات الانتحارية انهكت المجتمع المدني العراقي على رغم انها أحرجت المحتل وأرغمته على الاعتراف بصعوبة الوضع في العراق، لكن يبدو ان الانتخابات ستحدث طفرة كبيرة في وقف هذه الهجمات الانتحارية التي لن تتوقف إلا اذا غادرت القوات الأميركية العراق. ان ملايين العرب الذين يتابعون هذه الانتخابات عبر الفضائيات سيواجهون صعوبات في فهم ما يجرى في العراق، فالوضع غريب، اذ كيف لهذه الديموقراطية المنشودة ان تطبق على ظهر دبابة. والمفروض الآن، على كل الأحزاب العراقية ان تسعى الى انشاء وحدة وطنية لأنها هي الوسيلة الوحيدة لإفشال المخطط الأميركي الهادف الى تقسيم العراق على اساس عرقي طائفي قد يقود المنطقة الى حرب اهلية، ويجب على الأحزاب والتنظيمات ان تسعى الى توحيد الصف مع اختلاف الرأي لأن العراق الآن في طور الإنشاء ولا بد من مواجهة مشاكل يصعب حلها بخاصة ان المجتمع العراقي متعدد الطوائف والأحزاب ما بين عرب وسنّة وأكراد وشيعة وغيرها من الطوائف، فكل هؤلاء الأطياف ينبغي ان يشاركوا في صنع القرار من دون الدخول في صراعات طائفية، ويجب على الأحزاب العراقية ان تستغل حرية الاقتراع وحرية التنظيم وحرية الرأي لخدمة الشعب العراقي وليس لإدخاله في مستنقع جديد يزيد من سفك الدماء لأن الصراع والتنافس النزيه هما الحل الوحيد لإخراج العراق الى بر الأمان ولإنشاء نظام ديموقراطي يحمل الأمل لغد افضل. الدار البيضاء - جلال بو شعيب فرحي