يعتبر سوق"الهرج"من اشهر اسواق بغداد واكثرها ازدحاماً بالناس والبضائع وهو يتبع المدرسة المستنصرية. ويكفي اسمه ليدل على كثرة الزبائن وتعالي الاصوات فيه. يشهد السوق حركة شراء واسعة تعكسها كثرة الزحام فيه وكأن شيئاً لا يحدث خارجه من اضطراب للاوضاع الامنية. وتعود كثرة الزبائن الى تنوع ما يطرح فيه من مختلف البضائع والسلع، على رغم ارتفاع اسعارها مقارنة بمثيلاتها في الاسواق الاخرى. وتبقى صفة"المستعمل"ملتصقة بالبضائع المعروضة للبيع، الا ان هذه الصفة لم تحد من اقبال المستهلك العراقي عليها وتفضيلها على السلع الحديثة او المستوردة. ويؤكد الباعة في سوق الهرج ان ما يجذب الزبائن هو البضائع المستعملة، ويفسرون ذلك بأنها قديمة وأصلية المنشأ على عكس البضائع الجديدة التي يقولون ان معظمها مقلدة او طاول الغش صناعتها. يقول عدنان خليل، وقد افترش اجهزة كهربائية على الارض،:"جميع ما اعرضه مستعمل وقد اشتريه من اناس سافروا او استبدلوا اثاثهم بآخر حديث"، مؤكداً ان"الاجهزة المستعملة تنافس مثيلاتها المستوردة". ويشير الى ان اسعار معظم الاجهزة المستعملة اعلى من الحديثة لانها تشهد اقبالاً اكبر. واذا كان المستهلك يقصد سوق الهرج لشراء بضائع اصلية، فان عدداً كبيراً من الناس يرفض الذهاب اساساً الى السوق ويشكك بان بعض السلع المعروضة مسروقة. ويؤكد احد الباعة ان سيارات"بيك آب"ملأى بالاجهزة والاثاث يأتي بها اصحابها ليعرضوها للبيع، تدفعهم الحاجة الى لقمة العيش، وربما هذا هو ما يدفع البعض الى الاعتقاد بانها مسروقة. وتعرض في السوق مختلف السلع من اجهزة كهربائية واثاث ومستلزمات منزلية وملابس وصناعات فخارية وبلاستيكية وزجاجية ومستحضرات تجميل وعطور وسجاد. وتختلف الاسعار بحسب اختلاف السلعة، فمثلاً يصل سعر جهاز التلفزيون الى 400 الف دينار عراقي، اذا كان من منشأ الماني، في حين يباع مثيله المستورد في السوق بنحو 250 الف دينار. ويفسر التاجر سعدون ناهض هذا التناقض بان"الدولة كانت تستورد سابقاً الاجهزة الكهربائية، لذلك لا يشك الناس في منشأ صناعتها"، في اشارة الى ان المستهلك العراقي كان يشتري في سنوات السبعينات وبداية الثمانينات سلعاً منزلية من الاسواق المركزية، وحينما يفكر باستبدالها اليوم يشتريها منه التجار لبيعها في سوق الهرج. ويروي البعض قصصاً طريفة تحدث في السوق، مثل ان يذهب احد الزبائن احياناً لشراء ما يلزمه ليجد ما سُرق من داره معروضاً للبيع امام عينه. ويبقى سوق الهرج مزدحماً بالزبائن والباعة، وربما باللصوص ايضاً، وكثيراً ما يؤمه السياح ليطّلعوا على واحد من اشهر اسواق بغداد.