فقدان التركيز آفة من آفات الرياضة، والفرحة الزائدة تماثل الغضب العارم وكلاهما يؤدي إلى ضياع التركيز، وهو الأمر الذي كلف لاعبي منتخب مصر لكرة القدم اهتزاز شباكهم بهدفين في دقيقتين في الوقت المحتسب بدل الضائع في ختام مباراتهم في القاهرة ضد الكاميرون في تصفيات كأس العالم 2006، ولولا أن المصريين أحرزوا 3 أهداف لما حققوا فوزهم التاريخي 3-2 وهو الفوز الذي كفل لهم بقاءهم في دائرة المنافسة في مجموعتهم بعد مرور أربع مراحل من التصفيات برصيد 7 نقاط بالتساوي مع ليبيا والكاميرون وتتصدر ساحل العاج المجموعة ولها 9 نقاط من الفوز على السودان 5-صفر. جماهير ولاعبو مصر عاشوا ساعة كاملة من السعادة بين الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع في الشوط الأول عندما سجل محمد شوقي الهدف الأول لمصر. وخلال تلك الساعة السعيدة سجل أحمد حسن من ركلة جزاء صحيحة وطارق السيد بمجهود فردي هدفي مصر الثاني والثالث وضاعت على المصريين سلسلة من الفرص السهلة لمحمد أبو تريكة وحسن مصطفى وعمرو زكي وأحمد حسن، ولم يصدق المصريون حجم سعادتهم من فرط تفوقهم وتقدمهم على الكاميرون التي لم تحقق مصر عليها أي فوز في 20 عاماً ولكن الفراعنة فرحوا بطريقة زائدة، وكان الثمن هدفين للنجم إيتو وتشانو في دقيقة واحدة وعاش المصريون رعباً هائلاً لمدة 4 دقائق بعد هدف الكاميرون الثاني، وتحولت كل الأنظار إلى الحكم الموريشيوسي ليم كي تشونغ انتظاراً لصافرة النهاية ورغم أن تشونغا أشار بإضافة 4 دقائق كوقت بدل ضائع إلا أنه أضاف 5 دقائق. الإيطالي ماركو تارديللي رد علمياً على منتقديه في الصحافة المصرية ونجح المدير الفني في عمل تشكيلة شابة وجيدة رغم غياب 5 من النجوم الأساسيين ودفع للمرة الأولى بالصاعدين رامي عادل وعمرو زكي، و أعطى الفرصة للصغار أحمد فتحي وحسني عبد ربه ومحمد عبد الوهاب في وسط الملعب وكلهم دون 22 عاماً. وعقب المباراة أعلن تارديللي في المؤتمر الصحافي سعادته بالنتيجة الكبيرة وأشار إلى فاعلية الهجوم المصري الذي سجل في مبارياته الأربع التي خاضها وسجل الفراعنة 10 أهداف في 4 مباريات وأثنى على الخمسة الجدد الذين قدموا مباراة كبيرة رغم نقص الخبرة، ووجه الشكر للمدافعين بشير التابعي ووائل جمعة على دورهما الكبير والصعب في الحد من خطورة مهاجمي الكاميرون أصحاب الأسماء اللامعة. وبرر تارديللي الهبوط المفاجئ في نهاية المباراة بالثقة الزائدة والفرحة العارمة التي اجتاحت اللاعبين بعد الهدف الجميل لطارق السيد. وحول اللاعب المصري المحترف في روما الإيطالي أحمد حسام الذي اعتذر عن عدم الانضمام إلى المنتخب في مباراة الكاميرون وفضل لعب مباراة ودية يوم السبت الماضي مع ناديه الجديد روما قال تارديللي: "ميدو ليس لاعباً في منتخب مصر في الوقت الحالي وهو ليس في حساباتي على الإطلاق ولدينا في مصر مهاجمون جيدون وشاهدتم الصاعد عمرو زكي نموذجاً لرأس الحربة الجيد ومعه الذكي محمد أبو تريكة وهناك محمد حسن أبو جريشة وأسامة حسني، ولدينا اثنان من المتميزين غابا عن المباراة هما عبد الحليم علي وأحمد بلال، وأتابع أيضاً باهتمام جمال حمزة وعماد متعب وآخرين في الأندية المحلية، ولن يجد ميدو مكاناً في المنتخب إلا إذا أصبح أساسياً في روما، وقدم المبادرة للانضمام إلى المنتخب برغبة داخلية منه وليس بضغوط أو تهديدات". المثير أن 30 ألفاً من جماهير مصر شاهدوا مباراة الكاميرون وهتفوا كثيراً ضد ميدو بسبب رفضه اللعب مع المنتخب، وارتفع الهتاف جداً ضد ميدو بعد كل هدف لمصر.