أكمل مع القراء يوماً آخر، وأكتفي بموضوع أثار أكبر عدد من ردود القراء منذ اكثر من سنة، فقد تلقيت اول تعليق عليه يوم صدوره في 24 من الشهر الماضي، ولا أزال اتلقى رسائل كل يوم، إذ يبدو ان الموضوع اصاب وتراً حساساً عند القراء بالإنكليزية. رأيي الدائم، والمنشور حتى الملل، ان المحافظين الجدد شارونيون ليكوديون متطرفون دفعوا الولاياتالمتحدة نحو حرب غير مبررة مع العراق، قتل فيها زهرة شباب اميركا، لحماية امن اسرائيل، وتمهيداً للانتقال الى ايران ثم سورية ثم دول اخرى. في 24 من الشهر الماضي نشرت هذا الرأي بعد ان وجدته عند "مجهول"، اي عميل الاستخبارات المركزية الأميركية الذي ألّف الكتاب "الكبرياء الإمبريالي" وفيليب زيلكوف في ندوة له بصفته مستشار الرئيس لمعلومات الاستخبارات الخارجية، ومعهما آخرون. المتطرفون من انصار اسرائيل لا يناسبهم ان آتي بدليل عليهم من قلب الإدارة الأميركية، فعندما يكتب عربي او مسلم عن نازية حكومة شارون، وتآمر المحافظين الجدد معها، يوصف بأنه جاهل من دعاة نظرية "المؤامرة"، ورأيه بالتالي غير مهم. اليوم، سأبدأ بالرسائل المعترضة، لأثبت ديموقراطيتي، وأكمل برسائل مؤيدة، وأرجو من اصحاب الرسائل الأخرى الصبر عليّ، لأنني سأرد عليها جميعاً بالتدريج. القارئ مارك هور يتهمني وكل من اتهم المحافظين الجدد، بالتحريض على العنف، ويقول ان العراق لم يشكل خطراً على اسرائيل، وقد أزالت الحرب طاغية متسلطاً. وأقول له ان السكوت عن جرائم حكومة شارون هو شراكة فيها، وأن العراق فعلاً لم يكن يشكل خطراً على اسرائيل، ولكنه كان خطوة على طريق الوصول الى ايران وسورية وغيرهما. اما الحرب على طاغية فلماذا صدام حسين وليس آرييل شارون؟ رئيس وزراء اسرائيل انتخب بطريقة ديموقراطية، ولكن القتل هو القتل وجرائمه نازية إن لم تكن صدّامية. اما القارئ جين واريك ومعه القارئ ديف انونمس اي مجهول، فيقولان ان العراق لم يشكل خطراً على اسرائيل، وأكرر لهما ردي على القارئ السابق. ويسألني القارئ رينر شير هل خطر ببالي ان كره المسلمين اسرائيل واليهود يمنعهم من رؤية الصورة الأكبر؟ وسئلت فأرد ان الصورة الأكبر هي لخطف مجموعة غير منتخبة من المحافظين الجدد السياسة الخارجية الأميركية وتسخيرها لخدمة اسرائيل على حساب ارواح الأميركيين ومصالحهم الاقتصادية. القارئ شير من الوقاحة، او الجهل، ان يقارن الأردن بضفتيه قبل 1967، والضفة بعد الاحتلال، ويسأل: لماذا لم يقاتل العرب قبل ذلك؟ وكأن الأردن، اي نحن، وإسرائيل شيء واحد. هذه هي مشكلتنا مع صفاقتهم او جهلهم. القارئان سلام ادواردز وبن غورنش يعجبهما ما كتبت ويتهمانني باللاسامية. وأكرر ما سجلت قديماً من ان اللاسامي كان شخصاً يكره اليهود وأصبح في زمن المحافظين الجدد وليكود اي شخص يكرهه اليهود. اما القارئ جون كيرتس فأفضل قليلاً لأنه يتهمني بكره اسرائيل، لا اليهود كلهم، وأجد الكره شعوراً قوياً لا أملكه ضد احد، فأعترف له بأنني لا احب اسرائيل. القارئ مايك هدسون يعالج الموضوع من زاوية مختلفة ويسألني ما هو افضل للولايات المتحدة كشريك اليهود او المسلمون؟ ويرد مفضلاً اليهود. وأقول له انني لو خُيرت بين شراكة 2،1 بليون انسان، وشراكة 16 مليوناً لاخترت الرقم الأكبر، وأهم من ذلك ان شراكة اسرائيل ولن أقول اليهود جلبت على الولاياتالمتحدة عداوة نصف العالم على الأقل، فأين الحكمة في ذلك. اما القارئ ريك جونسون فيكتب رسالة طويلة مرتبكة حمل فيها على الإسلام وقال: "أنتم تكرهوننا"، وأتصور انه يقصد اليهود، "لأن عندنا تسامحاً دينياً ليس عندكم". وأكتفي بالرد على هذه العبارة من وسط ركام الرسالة وأقول له بمسؤولية ان كل دين يضم اسباباً للتسامح والتحامل، والمؤمن هو الذي يعرف طريقه نحو التسامح وتحمل "الآخر". بعد هذا الانتقاد أكمل برسالة وسطية، فالقارئ جون ماسدن يقول ان الحرب قامت على اسباب مختلقة، كما ذكرت، ولكنه يكمل ان هدفها كان حماية المملكة العربية السعودية. وبصراحة، لا اعتقد ذلك. والآن بعض الرسائل المؤيدة، فالقارئ ريتشارد سميث بعث إلي برسالة إلكترونية مختصرة هي كلها: نعم، فعلاً، هذا هو السبب الحقيقي للحرب. وأقول: "ثانكيو يا مستر سميث". اما القارئ شرابي عبدالقادر، وفي رسالة إلكترونية اخرى بالإنكليزية، فهو يقول انه يتفق معي مئة في المئة، ثم يقدم اسباب اميركا لضرب العراق، ومنها ما اظهر من قدرة في الحرب مع ايران، واستمرار طمعه في السيطرة على نفط الخليج، وضربه اسرائيل بالصواريخ خلال احتلال الكويت. والقارئ مارك ب. يبدأ رسالته بالقول "واو" وهي بمعنى "يا لطيف" عندنا، ويكمل "يا له من مقال" يعني وصلت إليّ حقوقي من اول سطر. الرسالة بعد ذلك عميقة والقارئ يعترف بأن صدام حسين لم يملك اسلحة دمار شامل إلا انه يعتبره خطراً على امن اميركا والعالم. وهو ينصح البلدان العربية بمكافحة الفساد وتجربة طعم الحرية لحل مشاكل شعوبها. وأقول للأخ مارك ان في فمي ماء. وأختتم بالقارئ جون ج. الذي يقول انه يتفق معي في ما ذهبت إليه في المقال، ويضيف ان جورج بوش عينته المحكمة العليا رئيساً، لا الشعب الأميركي، وهو متطرف ديني مسيحي محلي، وما يعادل طالبان في افغانستان، واليهود الأرثوذكس المتطرفين من المستوطنين. ويشن القارئ جون بعد ذلك حملة عنيفة على بوش لعلاقته بشركتي هالبرتون وايزون وغيرهما، ويقول انه "الحمل الأسود" في اسرته، وقد اساء الى سمعة الولاياتالمتحدة حول العالم. اما المحافظون الجدد الفاسدون حوله، فقد خطفوا السياسة الخارجية، وجلبوا العار على اميركا. لا أتصور ان جون حضر مؤتمر الحزب الجمهوري في نيويورك.