أعلنت بريطانيا، مساء أول من أمس الأحد، انها ألغت من جانب واحد ديون الدول الأكثر فقراً المترتبة لها في البنك الدولي، في خطوة وصفها المحلّلون بأنها"جريئة"، حيث تهدف إلى الضغط على شركائها في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى للقيام بخطوات مماثلة. وأعلن هذا القرار وزير الخزانة البريطاني غوردون براون في خطاب أمام نحو 400 من ناشطي حزب العمال الحاكم الذي يعقد مؤتمره السنوي في برايتون جنوب شرق انكلترا. ويطالب هؤلاء الناشطون بإلغاء الديون وارساء الأسس لتجارة دولية عادلة. وقال براون:"على رغم غياب اتفاق دولي على الغاء كامل الديون، إلا ان بريطانيا ستذهب إلى أبعد من ذلك"، موضحاً ان بلاده"ستدفع حصتها من دفعات الديون المتعددة الأطراف للدول الفقيرة التي تطبّق اصلاحات". وأضاف:"سنسدّد هذه الدفعات بالنيابة عنهم إلى البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية بالقدر الذي يمثّل الحصة العائدة لبريطانيا من هذه الديون". وتابع براون:"نقوم بهذه المبادرة بمفردنا، لكني أدعو دولاً اخرى إلى القيام بالأمر نفسه لتخفيف الأعباء التي تشكّلها خدمة الديون المتعددة الأطراف". وأوضح الوزير ان بريطانيا تعتزم انفاق 100 مليون جنيه استرليني 180.2 مليون دولار إضافية سنوياً لتخفيف اعباء الديون عن أكثر من 30 دولة من أفقر دول العالم. وسيدعو براون أكبر الدول المانحة في العالم لأن تحذو حذو بريطانيا، في الاجتماع السنوي لصندوق النقد والبنك الدوليين. وسيطلب من المؤسستين إعادة تقييم احتياطاتهما من الذهب للافراج عن أموال لتخفيف اعباء الديون. وبموجب اتفاقية مبرمة في عام 1971 فإن معظم الذهب الذي يمتلكه صندوق النقد الدولي يثمّن بأقل من 40 دولاراً للاونصة أو ما يعادل عشر الأسعار الحالية للسوق. ويأتي اعلان براون أيضاً قبل أيام من اجتماع في واشنطن لوزراء المال في مجموعة الدول الصناعية السبع بريطانيا، كندا، فرنسا، ألمانيا، ايطاليا، اليابانوالولاياتالمتحدة. ويعود إلى بريطانيا نسبة 10 في المئة من مجمل الديون المستحقة للبنك الدولي ومصارف التنمية الاخرى، تشكّل بدورها 70 في المئة من الديون المترتبة على الدول الأكثر فقراً. وقال خبراء ان القرار البريطاني يعزّز الضغوط على دول اخرى في مجموعة السبع لتتخذ قرارات مماثلة. وتستهدف الضغوط خصوصاً الولاياتالمتحدةواليابانوألمانيا، وهي الدول الكبرى المساهمة في البنك الدولي، فيما تستعد كنداوفرنسا لاعلان اجراء مماثل. ويدخل اعلان براون في اطار خطة رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير لجعل مكافحة الفقر في أفريقيا الموضوع الرئيسي للرئاسة البريطانية للاتحاد الاوروبي ومجموعة الثماني السنة المقبلة. كما دان الوزير العمالي في خطاب ألقاه أمس في الموتمر وسط تصفيق حاد،"فضيحة"السياسة الزراعية المشتركة الاوروبية، متهماً الدول الغنية بعدم الغاء دعم الصادرات الزراعية وبالحمائية التي تبقي الدول الفقيرة على حالها. من جهة اخرى، أكد براون ان الاقتصاد البريطاني"قوي"وان الزيادات"الوقائية"في أسعار الفائدة ساعدت في درء شبح التضخم وأتاحت الفرصة لاستمرار النمو. وقال لشبكة"سكاي"التلفزيونية قبيل القاء الخطاب:"اقتصادنا قوي". وأضاف:"ما يريده الناس هو الاستقرار ... وعن طريق الاجراء الوقائي في أسعار الفائدة نحمي الاقتصاد من التضخم ونسمح له بمواصلة النمو بنجاح". واستبعد براون تقديم تخفيضات"غير مسؤولة"للضرائب أو رفع للأجور قبل الانتخابات المنتظرة السنة المقبلة، محذّراً من ان الاقتصاد العالمي لايزال هشاً. وأبلغ المؤتمر انه مع تضاعف أسعار النفط، سيكون من"الحماقة السياسية"تعريض الاقتصاد للمخاطر في"محاولة عبثية"لاكتساب أصوات الناخبين. وأكّد ان الرخاء الاقتصادي لايزال محورياً في تحقيق انتصار ثالث في الانتخابات لرئيس الوزراء توني بلير. وقال براون لأعضاء حزبه ان"حزب العمال اليوم هو الحزب الوحيد الجدير بالثقة في شأن الاقتصاد". وأضاف:"لكن في مواجهة حالة انتعاش دولية لا تزال غير مستقرة وهشة حيث تضاعفت أسعار النفط، سأقول لمجموعة السبع وصندوق النقد الدولي ... لن نخاطر باتفاقات رفع أجور تضخمية. ومن هذا الوزير وحزبه لن تكون هناك وعود قصيرة الأمد وخيارات سهلة ووعود غير مسؤولة سابقة على الانتخابات". وأشار استطلاع للرأي نشرت نتائجه الأحد ان حزب العمال يسير كتفاً لكتف مع خصومه المحافظين، وهي نتيجة إذا تجلت في انتخابات أيار مايو 2005 البرلمانية المنتظرة ستقلص غالبية بلير في مجلس العموم إلى حفنة من المقاعد.