أكد عدد من الاقتصاديين والمستثمرين السعوديين ان الاقتصاد الوطني السعودي استطاع خلال العام الجاري ان يحقق نتائج جيدة في مختلف قطاعاته بفضل التخطيط الجيد والقرارات المناسبة التي تتبعها الحكومة السعودية، على رغم الظروف والاحداث التي شهدها العالم في الفترة الماضية وانعكست سلباً على أداء اقتصاديات عدد من الدول في العالم. وأشاد هؤلاء بما تحقق من تطور ونهضة في مختلف القطاعات بفضل التوجيهات التي تعمل الحكومة على إقرارها من وقت الى آخر، والتي آخرها قرار ولي العهد الامير عبدالله بن عبدالعزيز تخصيص نحو 41 بليون ريال من الفائض البالغ 141 بليون ريال لدعم المشاريع ذات الأثر المباشر على المواطن. وذكروا أن توجيه ولي العهد بتخصيص الجزء الأكبر من الفائض لسداد جزء من الدين العام سينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني، إضافة الى انه سيمنح السعودية المزيد من المرونة في الميزانيات المقبلة لتحويل جزء من المبالغ المخصصة لخدمة الدين الى الانفاق التنموي بما في ذلك بناء التجهيزات الاساسية وصيانتها وتجديدها. وأشاروا الى أن التوجيه بتخصيص جزء من تلك المبالغ لبرنامج مشاريع شبكات المياه والصرف الصحي وتصريف السيول، وجزء لاقامة الطرق السريعة وفتح الطرق المزدوجة داخل المدن والقرى، وجزء لبرنامج الرعاية الصحية الاولية، وكذلك استكمال بناء المدارس ودعم التعليم الفني والتقني وزيادة طاقته الاستيعابية وتطويره وفقاً لحاجة سوق العمل، اضافة الى دعم كل من صندوق التنمية العقاري وزيادة رأسماله بنحو 9 بلايين ريال وزيادة رأسمال بنك التسليف السعودي بنحو 3 بلايين ريال، سوف تسهم جميعها في نمو القطاع الاقتصادي ورفاهية المواطن بشكل مباشر. وفي حديثه ل"الحياة" بمناسبة اليوم الوطني، قال الأمين العام لمجلس الغرف السعودية الدكتور فهد السلطان ان الاقتصاد السعودي جزء من الاقتصاد العالمي الذي يواجه تحديات كبيرة لم يواجهها من قبل. وأشار الى ان الاقتصاد السعودي بفضل الخطط التي وضعتها الحكومة السعودية استطاع تخطي هذه التحديات العالمية، والدليل على ذلك انه خلال السنوات القليلة الماضية تم بلورة ثلاث منظومات اقتصادية عالمية هي الاتحاد الخليجي الجمركي الموحد، ثم المنطقة العربية الحرة الكبرى، ثم المنطقة العربية الكبرى، والآن نحن في طور الانضمام الى منظمة التجارة العالمية التي ستمكن السعودية من الدخول الى 147 سوقاً عالمية. وذكرالسلطان ان الاقتصاد السعودي حقق خلال السنوات الماضية خطوات متقدمة، وهناك جهود تبذل لاعادة هيكلته ومن ذلك انشاء المجلس الاقتصادي وهيئة عليا للسياحة وهيئة للاستثمار وهيئة للسوق المالية واستحداث نظام السوق المالية. كما عدل كثير من الانظمة، وكل ذلك يعكس النشاط والتطور والتخطيط التي يشهدها الاقتصاد السعودي، ما انعكس على حركة الاقتصاد التي تنسجم مع معطيات الفترة الحالية خصوصاً ان السعودية تعيش في فترة حرجة من تاريخ البشرية مثلها مثل دول العالم والتي لم تشهد مثيلاً لها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وأوضح ان اداء الاقتصاد السعودي كان في هذه السنة ممتازاً خصوصاً في ظل ارتفاع اسعار النفط، حيث ساعد ذلك في تعزيز ايرادات الدولة وأوجد فائضاً كبيراً في الميزانية. وأضاف السلطان ان قرارات ولي العهد الامير عبدالله بن عبدالعزيز بتخصيص 41 بليون ريال لدعم عدد من القطاعات يعتبر من القرارات التاريخية في مسيرة الوطن، خصوصاً ان القطاع الخاص سيستفيد بشكل أكبر من هذا التوجه الذي وجه لبرامج تنموية ستضخ سيولة في السوق من شأنها ان تنعش كل القطاعات الاقتصادية، ومن امثلة ذلك دعم الصندوق العقاري بنحو 9 بلايين ريال حيث سيؤدي ذلك الى بناء عشرات الآلاف من المساكن فينعكس ايجاباً على سوق القطاع الانشائي وقطاع البناء والمقاولات والقطاعات ذات العلاقة بموارد البناء وغيرها من القطاعات الأخرى. وبذلك فان القرارات الموجهة نحو البرامج التنموية، اضافة الى التوجه نحو تسديد جزء من الدين العام، هي توجه مناسب يدعم الاقتصاد بصفة عامة وستظهر آثاره الايجابية ويلحظها المواطن في القريب العاجل. واضاف ان التكامل بين القطاعين العام والخاص يسير بشكل جيد، وهناك توجه كبير من الدولة في التركيز على القطاع الخاص وهذا جيد، والدليل على ذلك ان مجلس الغرف بدأ يساهم مساهمة فاعلة وقوية في إعداد الكثير من الانظمة الاقتصادية وبدأ يشارك في مناقشات مجلس الشورى بشكل اقوى. كذلك ساهم مساهمة فاعلة في اللجان السعودية الاجنبية المشتركة حيث اصبحت مجالس الاعمال يُنظر اليها على انها المحور في العلاقات الدولية التي تربط السعودية بالدول الاخرى من النواحي الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، لذلك فهناك تحسن كبير بما يتعلق بمشاركة القطاع الخاص في صياغة التوجهات والسياسات الاقتصادية. ودعا السلطان الجهات التنفيذية في الدولة الى السماح للقطاع الخاص بالمشاركة في اعداد الخطط التنموية والاستراتيجية من نقاطها الاولى. وأكد ضرورة "مهننة" الشباب أكثر من "سعودة" القطاعات. وشدد على ضرورة الكفاءة الاقتصادية والتركيز على الجودة في القطاعين العام والخاص لأنها جواز السفر الذي يوصل الى اسواق العالم، ومراعاة اعادة هيكلة الاجراءات الحكومية المتعلقة بالصناعة والتجارة والاستثمار والخدمات لضمان بقاء المستثمر السعودي في بلده وجذب الاستثمارات الاجنبية الى السوق السعودية. من جهته، قال رئيس دار الدراسات الاقتصادية في الرياض الدكتور عبدالعزيز اسماعيل داغستاني ان السعوديين لا يحتفلون باليوم الوطني لذاته بل لمضامينه ومدلولاته. فاليوم الوطني يجسد ذكرى توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي جمع شتات هذه البلاد وأرسى فيها قواعد الامن والاستقرار وكوّن مملكة تمكنت في فترة زمنية قياسية من بناء اقتصاد متكامل يعتبر الأول عربياً والسادس والعشرين على مستوى العالم. ولعل هذا الانجاز هو ما يسيطر على مخيلة الانسان السعودي في احتفالية اليوم الوطني التي يعيد فيها اسباب هذا الانجاز الى عوامل الامن والاستقرار التي وفرت المناخ الملائم لاستثمار ثروات البلاد ومواردها الطبيعية وتفعيل عناصر انتاجها لبناء الاقتصاد ودعم ركائز نموه وازدهاره. واشار داغستاني الى انه في كل عام يسترجع السعوديون ما تم تحقيقه من انجازات تبدو وكأنها امتداد طبيعي لمسيرة التنمية التي اخذت شكلها المؤسسي منذ صدور خطة التنمية الاولى العام 1970 إذ يتطلع السعوديون الى صدور خطة التنمية الثامنة للسنوات 2005 - 2010 قريباً وهي الخطة التي صدر مؤخراً تبيان اهدافها واستراتيجياتها والتي جاءت متلائمة مع المرحلة التنموية المتقدمة التي يمر بها الاقتصاد السعودي حالياً. وأكد ان العام 2004 حفل بالعديد من الانجازات الاقتصادية التي جاءت في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحكومة منذ سنوات بهدف تفعيل اداء الاقتصاد السعودي وزيادة اسهام القطاع الخاص في العملية الاقتصادية. وجاء أهم تلك الانجازات في اصدار انظمة جديدة او تطوير وتحديث أنظمة قائمة ترتبط بالشأن الاقتصادي ومنها على سبيل المثال لا الحصر الاعلان عن انشاء هيئة سوق المال بعد صدور نظام سوق الاوراق المالية، وبهذا تدخل هذه السوق في اطار مؤسسي يليق بها باعتبارها السوق الكبرى على المستوى العربي وإحدى أهم الأسواق الناشئة في العالم. ولعل هذه الخطوة تعزز مناخ وقنوات الاستثمار في الاقتصاد السعودي بما ينسجم مع استحقاقات العولمة والانضمام المرتقب الى منظمة التجارة العالمية. وتجدر الاشارة هنا الى ان فريق العمل السعودي المفاوض في مسألة الانضمام الى منظمة التجارة العالمية يجري مفاوضاته حالياً مع الجانب الاميركي وهي المفاوضات الاخيرة التي ستفضي الى انضمام المملكة العربية السعودية الى المنظمة العالمية، حيث اعرب الفريق الاميركي المفاوض عن ارتياحه للتقدم الملحوظ في الملف السعودي. ولعل ما حققته خطوات الاصلاح الاقتصادي قد اسهمت بشكل مباشر في تذليل العقبات التي واجهها الملف السعودي من قبل. وسيسهم الانضمام الى منظمة التجارة العالمية في ازكاء روح المنافسة في السوق السعودية الامر الذي سيدعم جودة المنتجات السعودية ويتيح لها النفاذ الى الاسواق العالمية، خصوصاً تلك المنتجات التي ترتكز على الميزة النسبية للاقتصاد السعودي ومنها تحديداً المنتجات البتروكيماوية التي استطاعت في فترة زمنية قصيرة ان تتجاوز حصتها من اجمالي الانتاج العالمي الى اكثر من 5 في المئة. ومن المؤكد ان انضمام السعودية الى منظمة التجارة العالمية سيسهم بشكل كبير في تفعيل نظام استثمار رأس المال الاجنبي الذي عدل في مطلع العام 2001 وأصبح يتميز بمرونة عالية، وتزامن ذلك مع صدور نظام ضريبة الدخل الجديد الذي اعطى الاقتصاد السعودي قوة تنافسية على المستويين الاقليمي والعالمي الأمر الذي سيؤدي الى زيادة ارتباط الاقتصاد السعودي بالعالم و تفاعله مع متطلبات المرحلة التي يمر بها اقليمياً ودولياً خصوصاً ان للاقتصاد السعودي دوراً فاعلاً على الصعيد العالمي من ناحية سوق البترول باعتبار ان السعودية تمتلك اكبر احتياط نفطي في العالم، اضافة الى انها المنتج الاكبر على مستوى العالم وهي عضو فاعل في منظمة الاوبك ولها دورمؤثر في توازن السوق واستقرار الاسعار وضمان الامدادات. من جهة اخرى قال مدير عام شركة الصميعي والشتري للاستثمارات العقارية عبدالعزيز بن حسن الصميعي ان مسيرة القطاع العقاري خلال السنوات الماضية كانت جيدة وهي بداية طفرة عقارية بشكل منظم، وقد سجلت نمواً يصل الى نحو 15 في المئة، اما في العام الجاري فقد استطاع هذا القطاع ان يحقق نمواً عالياً والدليل الاقبال الكبير على المساهمة في العقار حيث سجلت صفقات عقارية كبرى في هذه المرحلة تجاوزت مئات البلايين. وأشار الى ان التطور العقاري في المرحلة الحالية جاء من اتجاهين: الاول توفير الاراضي السكنية التي لم تسجل تراجعاً في الاسعار على رغم الاحداث التي شهدتها المملكة، والثاني جاء من خلال تنظيم وزارة التجارة في التعامل مع القطاع العقاري خصوصاً المساهمات العقارية حيث انخفضت مشاكل المساهمات بشكل كبير مقارنة بما حدث في الثمانينات. وأكد ان التنظيمات الجديدة لقطاع العقار أدت الى تطوره وأصبحت هناك استثمارات تجاوزت ال 900 بليون ريال وأدى ذلك الى ظهور مخططات جديدة ذات بنية تحتية متطورة. ولفت الصميعي الى ان مدينة الرياض شهدت تطوراً عمرانياً بلغت نسبته 8.1 في المئة وارتفع عدد السكان بنسبة 11.2 في المئة وسيصل في العام 2007 الى نحو 6 ملايين نسمة. واوضح انه من المتوقع ان يصل الطلب على الوحدات السكنية العام 2006 الى اكثر من 309 الاف وحدة سكنية. وشدد على ضرورة اعادة النظر في اساليب التمويل القائمة حالياً في صندوق التنمية العقاري كي تتناسب مع النمط المتغير لثقافة المسكن في المجتمع السعودي. وتوقع ان يزدهر قطاع العقار لفترة تمتد الى خمس سنوات مقبلة خصوصاً في ظل الرخاء والأمن اللذين تعيشهما السعودية وكذلك الاستقرار الاقتصادي الذي ساهم بشكل كبير في تطور مختلف القطاعات. وأكد ان السوق العقارية السعودية تعتبر أكبر سوق في المنطقة إذ يبلغ حجمها أكثر من 900 بليون ريال ما يؤكد على ان اتجاه الدولة في دعم هذا القطاع يعتبر من القرارات الحكيمة التي تهدف الى الرخاء للمواطن والنمو للاقتصاد الوطني بصفة عامة.