من الادلة على سوء نيات حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ازاء اي امكانية للتوصل الى حل سلمي للنزاع مع الفلسطينيين، ان تلك الحكومة رفضت مبادرة سلمية من اكبر دولة عربية هي مصر التي كانت الدولة الاولى التي توقع معاهدة سلام مع الدولة العبرية بعد حروب عدة بينهما في 1948 و 1956 و1967 و 1973. وقد ابلغت الحكومة الاسرائيلية وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط وزميله رئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان في السادس من الشهر الجاري تراجعها عن قبول الافكار المصرية التي شكلت مبادرة للتهدئة بين الفلسطينيين واسرائيل تمهد للانسحاب الاسرائيلي المفترض من غزة وتشجعه على اساس ان يكون جزءاً من تنفيذ خطة"خريطة الطريق"للسلام التي تنص بدورها على قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة على اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة الى جانب اسرائيل. واستند ت تلك المبادرة الى عناصر عدة من ابرزها اقناع الفصائل الفلسطينية بوقف النار مقابل التزام اسرائيل بذلك، وتدريب عناصر امنية فلسطينية في مصر وفلسطين، وتشجيع الفصائل الفلسطينية على اتخاذ موقف موحد تجاه خطة شارون للانسحاب الاحادي الجانب من قطاع غزة والمحافظة على الوحدة الوطنية الفلسطينية. كما تراجعت اسرائيل عن قبولها سابقاً ان تقوم القاهرة بنشر قوات حرس حدود مصرية للحفاظ على الامن في ما يسمى"ممر فيلادلفي"المتاخم للحدود بين مصر وفلسطين عند رفح. وقد وجه وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز ضربة شديدة متعمدة للجهود الديبلوماسة المصرية بإعلانه في يوم وصول الوزيرين المصريين ابو الغيط وسليمان الى رام الله للقاء الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزرائه احمد قريع ومسؤولين آخرين عزم تل ابيب على"ازالة عرفات بالطريقة والتوقيت المناسبين"! وقد اختار موفاز كلمة"ازالة"تلك لإثارة اكبر وقع محرج للقاهرة التي ادركت فوراً ان شارون تراجع تماماً عن اي امكانية لوقف النار. وقبل تصريحات موفاز تلك وبعدها اتخذت حكومة شارون خطوات عملية لزيادة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية وبذلت مساعي لمحاولة زيادة عدد الطرق التي ستربط العنصرية الخاصة باليهود في الضفة الغربية لربط المستوطنات بعضها ببعض وباسرائيل، كما عملت على محاولة اقناع البنك الدولي بتمويل نقل معبر رفح بين قطاع غزة ومصر من حيث هو الآن الى موقع آخر الى الشرق منه لتستطيع التحكم اكثر بالحركة التجارية وللتمكن من اغلاق قطاع غزة في اي وقت تشاء لتبقيه سجناً كبيراً، ولتقصي المصريين عن الفلسطينيين وتفصل بينهم. وامعاناً في التملص من اي اتفاق سلام منصف للفلسطينيين"وافق"شارون قبل ايام على تعديل شكلي في مسار الجدار الفاصل يطاول بعض البؤر الاستيطانية الصغيرة لكنه يبقي داخل الجدار اضخم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، وهي"معاليه ادوميم"بين القدس واريحا، و"ارئيل"في وسط الضفة، و"غوش عتصيون"في جنوبها. والمؤسف انه بينما تبذل مصر جهوداً لتحقيق الاستقرار في المنطقة فان شارون يجد تشجيعاً من صديقه الرئيس الاميركي جورج بوش الذي الزم نفسه بقبول ال"حقائق الجديدة"الاسرائيلية على الارض الفلسطينية المتمثلة في"مراكز سكانية"على حد تعبيره.