واصلت اسعار النفط ارتفاعها امس لتصل الى مستويات قياسية جديدة مع استمرار القلق من عدم توافر قدرات انتاجية فائضة لدى الدول المصدرة للخام. ومع استمرار نمو الطلب الدولي على النفط، يتوقع بعض المحللين ان يستمر ارتفاع الاسعار ليصل سعر البرميل الى 50 دولاراً. بلغ سعر خام القياس الاوروبي"برنت"في بورصة النفط الدولية في لندن امس مستوى قياسياً جديداً عند 40.96 دولار للبرميل تسليم ايلول سبتمبر، بزيادة 32 سنتاً على متوسط سعر اغلاق اول من امس الثلثاء. وكان اعلى مستوى سابق له عند 40.95 في تشرين الاول اكتوبر عام1990. ووصل سعر الخام الاميركي الخفيف الى مستوى قياسي جديد ايضاً ليبلغ 44.28 دولار للبرميل، بزيادة 13 سنتاً على اغلاق أول من امس، وهو اعلى سعر له منذ بدء التعامل في العقود الآجلة في نيويورك عام 1983. وذكرت وكالة"اوبكنا"امس ان سعر"سلة اوبك"واصل الارتفاع اول من أمس الثلثاء ليصل الى 39.33 دولار للبرميل من 39.04 دولار الاثنين. وتسارعت وتيرة صعود اسعار النفط هذا الاسبوع بعدما قال رئيس منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك بورنومو يوسيجانتورو ان المنظمة ليس لديها نفط اضافي لعرضه فوراً في السوق الدولية من اجل تهدئة الاسعار. وقال محللون ان وقف الاتجاه الصاعد في أسعار النفط، الذي دفعها الى مستويات جعلت وصولها الى مستوى 50 دولاراً للبرميل أمراً وارداً، يحتاج الى حدوث تحول كبير مثل ركود اقتصادي أو شتاء دافىء أو ربما تغيير الرئيس الاميركي. وتزداد التقديرات باستمرار ارتفاع الاسعار، التي ارتفعت باكثر من الثلث منذ نهاية العام الماضي، مع استمرار الطلب القوي الذي لا يترك أي ثغرة في نظام الامداد الدولي للتكيف مع الاضطرابات المحتملة في امدادات منتجين كبار مثل العراق وروسيا وفنزويلا. ويرى المحللون أنه مثلما أحدث النمو المفاجىء في الطلب على النفط في الصين ثورة في سوق النفط السنة الجارية، فان الامر يحتاج الى تغيير اقتصادي أو سياسي كبير لخفض الاسعار الان. وقال الاقتصادي في اسبين كولورادو فيليب فيرليغر:"لن يحدث التراجع عن المستويات الراهنة قريباً، ولن يكون سهلاً". وأضاف:"يجب أن نرى زيادة في المخزونات، ويحتاج ذلك بالفعل إما الى ركود كبير أو شتاء معتدل يجعل لدينا مخزوناً كبيراً من زيت التدفئة". وعززت المخاوف من أن يشن متشددون اسلاميون هجمات على البنية الاساسية للطاقة، ما شجع على عمليات شراء مكثفة من جانب صناديق استثمار كبرى تراهن على جني أرباح كبيرة اذا واصلت الاسعار ارتفاعها. وقال تقرير لمؤسسة"بي اف سي انرجي":"من دون توقع أي أنباء خافضة للاسعار ومع اقتراب الطلب على النفط الخام من ذروته، سيكون أمام المضاربين الفرصة لمواصلة دفع الاسعار لارتفاعات جديدة في الاسابيع المقبلة". وأشار محللون الى أن السبيل الوحيد لتهدئة اسعار النفط قد يكون ارتفاع الاسعار بدرجة كبيرة حتى تبلغ ذروتها فتنخفض كما يحدث في الدورات الاقتصادية. وحتى الان يبدو أن الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة لم يؤثر بدرجة تذكر في نمو الاقتصاد العالمي مع تباطؤ محدود في النمو الصيني وتحقيق الاقتصاد الاميركي لنمو قوي. وقال فيرليغر على سبيل المثال احتمال ان تتعطل صادرات الخام الايراني في اطار تداعيات الصراع مع الاممالمتحدة بسبب برنامج طهران النووي. وأضاف:"كل ما يتعين على ايران عمله لدفع أسعار النفط الى 60 و70 و80 دولاراً للبرميل هو أن تعلن وقف صادراتها كرد انتقامي على قرار لمجلس الامن". وربما يكون ذلك أمراً افتراضياً، لكنه يظل معبّراً عن المخاوف التقليدية لمشتري النفط الذين يرون سوقاً تنقصها الامدادات الى أقصى درجة ومستعدون لدفع المال لتأمين الامدادات. يذكر ان اسعار النفط لا تزال تقترب من مستوياتها في بداية السبعينات من القرن الماضي، وربما تبلغ الان نصف ما وصلت اليه في النصف الثاني من السبعينات وبداية الثمانينات لو عُدّلت حسب معامل التضخم في العقود الثلاثة الاخيرة.