تزايدت المؤشرات الى ان دمشق حسمت خيارها وقررت دعم بقاء الرئيس اللبناني اميل لحود في سدّة الرئاسة، وأن قرار ترشحه المباغت أول من أمس، جاء بناء لهذه المؤشرات التي تلقاها هو وغيره في اليوم نفسه، على رغم ان نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي أعلن بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد أمس ان الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات. راجع ص5 و15 وينتظر ان يستكمل الأسد مشاوراته اليوم بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ما أدى الى إلغاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة اليوم. وفيما تركزت جهود عدد من حلفاء دمشق على تعبيد الطريق أمام سلوك التعديل الدستوري لإتاحة التمديد للحود في اتصالات بعيدة من الأضواء، خصوصاً مع الحريري وجنبلاط، المعارضين للخطوة، وكذلك مع نواب آخرين لا يوافقون عليها، فإن الحريري وجنبلاط أجّلا إعلان موقفيهما الى ما بعد اتصالات ولقاءات سيجريانها في الأيام المقبلة. إلا أن ذلك لم يمنع سيلاً من ردود الفعل من التدفق ضد التمديد، أو معه. وكان أعنف المواقف المعارضة التصريح الذي أدلى به عضو كتلة الحريري النائب عن المتن الجنوبي، الوزير السابق باسم السبع الذي اعتبر "اننا أمام وجبة سامة للنظام البرلماني الديموقراطي... ويخطئ من كان يعتقد ان الرئيس لحود كان يمكن ان يتصرف على مثال الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي عزف عن التجديد". وعلمت "الحياة" ان لحود أقدم على خطوة ترشحه بعدما نقل اليه موفدون أجواء دمشق، ومنهم صهره وزير الداخلية الياس المر الذي تردد أنه زارها أول من أمس. وقال حلفاء لدمشق، ان لقاءات ومهرجانات شعبية وحزبية سينظّمها مؤيدو التمديد للحود خلال الأيام المقبلة لدعم هذا الخيار وإبراز شعبيته لبنانياً، بعدما أدى ترشح الرئيس اللبناني الى تجنيب دمشق البقاء في الواجهة لجهة ترجيحه. وذكرت مصادر واسعة الاطلاع ل"الحياة" ان الحريري لم يتبلّغ من دمشق ان لحود سيرشح نفسه قبل صدور موقف رئيس الجمهورية، وان رسالة وصلته من دمشق باستمزاج رأيه "في حال حصل التجديد للحود"، فشرح وجهة نظره المعارضة لهذه الخطوة. وأوضحت المصادر ان ناقل الرسالة أشار الى الحريري بأنه "في حال حصل التجديد" فإن هناك سياسة جديدة ستتبع من جانب لحود، تقضي بعدم ترؤسه كل جلسات مجلس الوزراء، وبوقف المناكفات داخل الحكم ومع الحريري وبفسح المجال أمام مجلس الوزراء كي يمارس مهماته كمؤسسة ويتولى الوزراء ممارسة صلاحياتهم على وزاراتهم. وشددت الرسالة على ان هناك نيات جديدة سترافق التمديد أو التجديد للحود، وأن مناخاً جديداً من التعاون سينشأ وأن دمشق سترمي بثقلها من أجل ضمان ذلك. ومع ان الحريري ما زال يؤثر الصمت، فإن المعلومات أفادت انه بقي على موقفه المعارض للتجديد أو التمديد للحود. لكن الاتصالات التي أجريت معه جاءت في اطار استيعاب موقفه وموقف جنبلاط. وأوضحت المصادر نفسها ان رسالة كانت وصلت أول من أمس الى جنبلاط، الذي يلتقي رئيس الجمهورية مساء اليوم، ثم يجتمع مع رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان العميد الركن رستم غزالة الاثنين المقبل. وفهم من هذه الرسالة ان ترشح الرئيس اللبناني لإعادة انتخابه، هو اشارة الى ان دمشق قررت دعم بقائه في سدة الرئاسة. وأوضحت الرسالة لجنبلاط ان "الهواجس التي لديه من التمديد للحود، ستسعى دمشق الى تذليلها". وتحدثت اوساط اطلعت على فحواها وبعض جوانبها، عن "اغراءات كثيرة ستقدم الى جنبلاط كي يتناغم مع هذا الخيار، خصوصاً انه سبق ان قال قبل 4 أشهر انه اذا اقتضت الظروف الاقليمية دعم خيار لحود فلن يقف ضد سورية وان الأخيرة ترى الظروف الاقليمية ضاغطة بحيث رجحت خيار لحود"... وأوضحت الأوساط عينها ان "استيعاب جنبلاط ممكن بوعده بمعالجة ملف المهجرين والمصالحات في الجبل، وان حقائب أساسية ستسند الى الوزراء الذين يمثلون الطائفة الدرزية إذ لم يعد هناك من احتكار من أي طائفة لأي حقيبة وان تحالفات سياسية جدية ستؤمن قاعدة الحكم المقبل السياسية". وعلمت "الحياة" ان دمشق وبعض حلفائها ينصحون جنبلاط والحريري بمناقشة لحود باعتراضاتهما على ادائه لأنه أبدى انفتاحاً حين قبل بالاشتراك في تحمل مسؤولية تعثر الاصلاح مع الآخرين. لكن الاوساط نفسها أوضحت ل"الحياة" ان جنبلاط لم يكن قد غير موقفه بعد النقاش الذي أجري معه. وينتظر ان يعلن جنبلاط موقفه النهائي في اجتماع كتلته النيابية الاثنين المقبل. وتوقع حلفاء دمشق ان تستكمل المواقف المؤيدة للتمديد للحود على مدى الأيام العشرة، متوقعة ان يعلن بري تأييده هذا الخيار لأسباب تتعلق بالاعتبارات الاستراتيجية والاقليمية، خلال مهرجان ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه يوم الثلثاء 31 آب اغسطس.