أثار تأكيد البطريرك الماروني نصرالله صفير معارضته تعديل الدستور لتجديد انتخاب رئيس الجمهورية وانتقاده المشاورات الجارية في دمشق جملة ردود فعل بعضها مؤيد لما قاله وبعضها الآخر مبرراً المشاورات التي تجريها القيادة السورية وشارحاً خلفياتها، خصوصاً بعد ان نفت مصادر متصلة بدمشق ليل اول من امس ان تكون اللقاءات التي يجريها الاسد مخصصة للاستحقاق الرئاسي. وهو نفي صدر إثر موقف صفير. التقى الرئيس اللبناني اميل لحود كلاً من رئيسي الحكومة السابقين سليم الحص وعمر كرامي وعرض معهما التطورات الداخلية ومستجدات المنطقة. والتقى لحود متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة واستبقاه الى مائدة الغداء. ورأى الحص في بيان سابق "ان المشاورات التي يجريها الرئيس بشار الأسد مع القيادات اللبنانية استثارت حفيظة لبنانيين كثر، من حيث ان موضوع المشاورات في الاستحقاق الرئاسي هو شأن لبناني يقرره اللبنانيون وحدهم وهذا كلام حق". وقال: "مع التسليم بأن الإخراج قد يكون خاطئاً، فإن هذا الواقع يستدعي ملاحظات، فالرئيس الأسد قال في تصريح له منذ امد غير بعيد ان الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني. وليس من ينكر ان لسورية نفوذاً في لبنان وهو صادق مع نفسه اذ يقول انه في المشاورات التي يجريها لا يرمي الى فرض رئيس على لبنان، معاذ الله بل هو يتمنى ان توظف سورية نفوذها على الوجه الذي يتجاوب مع الإرادة اللبنانية الحرة، وكيف له ان يقف على حقيقتها إلا عبر التشاور مع القيادات اللبنانية". وأضاف الحص: "ليس في لبنان من يصدق ان القول على هذا المستوى لا يتعرض لتأثيرات من الخارج حتى بعض الذين يعترضون على ما يسمى تدخلاً سورياً يراهنون على تدخل اميركي او فرنسي ما لفرض امر واقع مغاير، وكان في الماضي من كان يراهن على تدخل اسرائيلي، ولم تكن اسرائيل بريئة مما جرى على صعيد الاستحقاق الرئاسي خلال الأحداث، وكان لمصر عبدالناصر في وقت من الأوقات فعلها المشهود في التأثير على مسار الانتخابات الرئاسية، وليس سراً ان بين القيادات اللبنانية من يحرض اميركا وفرنسا على التدخل في لبنان على هذا الصعيد". وإذ توقف عند حرية النائب وقراره امل "ان يبقى الاستحقاق الرئاسي مهما قيل وجرى في الخفاء والعلن خياراً لبنانياً". وجدّد وزير البيئة فارس بويز موقفه بأنه "يجب ألا يعدل الدستور على قياس حالات خاصة". وقال في مؤتمر صحافي: "لا احد ينكر ان لبنان لا يزال في حاجة الى دعم سورية على كل المستويات، ولا نفهم كلام لبننة الاستحقاق إلا من زاوية رضى اللبنانيين وقبولهم بمن سيتولى رئاسة بلادهم". وقال وزير التنمية الإدارية كريم بقرادوني: "نريد الاستحقاق الرئاسي طريقاً الى الإصلاح، ولا نريده وسيلة لتصفية الحسابات او فرصة لتحقيق مكاسب فئوية، فالإصلاح يتعارض وسياسة الأحقاد، كما يتعارض والسياسات الفردية والمناطقية والمذهبية، وهو ليس ترفاً بل حاجة لمنع سقوط لبنان في الهاوية". وعلّق النائب مخايل الضاهر مرشح رئاسي على عظة صفير فذكر بأن الأخير "قال اكثر من مرة اذا كان هناك من تعديل دستوري وهذا امر مسموح في الدستور نفسه، فالتعديل يحصل لقضايا مبدئية وقضايا كبرى تهم كل الشعب اللبناني وهذه القضية بحاجة الى توافق وبحث طويل وليس عشية كل استحقاق لمصلحة الاستحقاق بالذات ومصلحة شخص معين". ورأى في حديث لإذاعة "صوت لبنان" ان هناك تقديراً لرئيس الجمهورية اميل لحود "فهو ذاهب ويجب ان تعطى له كل التقديرات اللازمة، لكن يمكن انه تم تحميل هذه التحركات اكثر مما تحتمل واعتقدوا ان هناك ميلاً للتعديل، وما أعرفه عن اجواء الاجتماعات التي اجراها الرئيس السوري بشار الأسد مع سياسيين لبنانيين ان الرئيس الأسد لا يزال مصراً على الكلام الذي اطلقه في البداية وهو لبننة الاستحقاق وهو بذلك يترك للبنانيين إقرار ما يريدون في هذا الموضوع". واعتبرت النائبة نايلة معوض المرشحة الى رئاسة الجمهورية "المس بالدستور مساً بالنظام الديموقراطي"، وقالت بعد لقائها البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي استبقاها الى مائدته: جئنا نؤيد تحذيرات البطريرك وكلامه بالأمس كان خطيراً جداً وأؤيده ليس لأنني اعلنت ترشيحي الى رئاسة الجمهورية وإنما لأن المس بالدستور يودي الى موت هذا النظام الديموقراطي ولأن المس بمسلمات الوفاق الوطني خطر". وزار المرشح الرئاسي النائب بطرس حرب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في اطار جولاته السياسية وأعلن ان البحث تركز "على المشكلات التي تعترض مسيرة البلاد والاستحقاق المقبل". ولفت الى "ان الافكار قريبة جداً لجهة كيفية ادارة شؤون البلاد والتصدي للمشكلات على كل الصعد". وقال: "كل ما أتمناه ان يكون شعار لبننة الاستحقاق هو شعار جدي وصحيح وان يتمكن اللبنانيون من اختيار رئيسهم بملء ارادتهم آخذين في الاعتبار العناصر الاقليمية والدولية، ونحن مدركون تماماً ان من غير الطبيعي ان يختار اللبنانيون رئيساً لهم لا يكن لسورية علاقات حبية. ورأى ان ترشيحه "غير مرتبط بالجو السياسي العام وانما باعلان رأي قسم كبير من اللبنانيين بوجوب احترام القواعد الديموقراطية للانتخابات الرئاسية وتمسكهم بأن يعود القرار لهم". ووصف المرشح الرئاسي النائب روبير غانم لقاءات الأسد بأنها "تشاورية"، واعتبر ان صفير "عبر عن هواجس أغلبية اللبنانيين". واعتبر رئيس "حركة التجدد الديموقراطي" النائب نسيب لحود "ان البلاد لا تزال تتخبط في متاهات تحريف هذا الاستحقاق وإبعاده عن مساره الدستوري وعن دوره الديموقراطي في تأمين تداول السلطة وتجديد الحياة السياسية وفي محاولات استغلاله لتحقيق اهداف سلطوية بحتة لا تمت بصلة الى اي من الذرائع الوطنية المزعومة ولا الى الشعارات الكبرى المرفوعة". ودعا الى "وقف هذه المحاولات البائسة وطي صفحة تعديل الدستور والتمديد والتجديد نهائياً والشروع في مشاورات ونقاشات جدية حول المرحلة المقبلة وتحدياتها من اجل بلورة ملامح البرنامج الإصلاحي - الإنقاذي الذي يجب ان يرعاه رئيس الجمهورية المقبل الذي تتوقف درجة نجاحه على مدى التفاف القوى السياسية الرئيسة في البلاد حوله وحول برنامج الإصلاح المذكور". ووصف النائب فارس سعيد "الاستدعاءات" التي تتم الى دمشق "مذلة للكرامة الوطنية". ووصف موقف صفير بأنه "تاريخي". وأكد "ان المطلوب اليوم هو مبادرة من قبل جميع النواب المخلصين الى إطلاق عريضة وطنية تؤكد عدم التعديل واحترام القوانين"، مشيراً الى انه لن يذهب الى دمشق حتى ولو طلب منه ذلك "لأن السوريين ليسوا في حاجة لأن يخبرهم احد ماذا يجري في لبنان وما هو موقف المعارضة". وشدد النائب بيار الجميل على "ان المطلوب انتخاب رئيس جديد وليس إجراء استفتاء رئاسي على غرار الدول العربية المجاورة". وقال في تصريح له: "لا مصلحة لنا بالقول ان الاستشارات الحكومية تتم في لبنان والاستشارات الرئاسية تتم في الشام، لأن هذا الأمر يعني اكثر فأكثر إلغاء دور لبنان". وشدد عضو "كتلة قرار بيروت" النائب نبيل دي فريج على وجوب "ان لا يعتبر احد موقف البطريرك صفير بأنه تحد بل هو صرخة وتنبيه بما يمكن ان يحصل"، مؤكداً "وجوب ان تؤخذ هذه الصرخة في الاعتبار بجدية كبرى". وقال ل"وكالة الأنباء المركزية": "لا بديل عن الحوار المباشر ولو وجد مناخ لهذا الحوار بين القيادة السورية والبطريرك صفير لما كنا وصلنا الى الأجواء المتشنجة السائدة حالياً".