تبذل على الساحة الفلسطينية مساع للتقريب بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء السابق محمود عباس ابو مازن قد تمهد لعودة الاخير الى العمل السياسي. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" صخر حبش ل"الحياة" ان الاتصالات بين اللجنة وابو مازن لم تتوقف منذ استقالته من رئاسة الحكومة في ايلول سبتمبر الماضي. واضاف ان الرئيس الفلسطيني "كلفني رسمياً قبل عشرة ايام ايصال رسالة محبة الى ابو مازن تدعوه الى العودة الى موقعه"، موضحاً ان المقصود هو "عودته لممارسة دوره كأمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة وكرجل ثان بعد عرفات". واضاف ان هذه الدعوة طرحت خلال اجتماع للجنة المركزية التي طلبت ايضاً من عرفات تضمين خطابه الاخير الذي ألقاه في المجلس التشريعي لفتة ازاء ابو مازن واشادة بحكومته، كما كلفت رئيس الحكومة احمد قريع لقاء ابو مازن، وهو لقاء تم في منزل الاخير في عمان وكان "حميماً" بين الرجلين اللذين قادا مسيرة اوسلو للسلام. وسألته "الحياة" عن الصيغة التي يجري التفاوض عليها مع ابو مازن، فقال: "هي ليست صيغة، بل مجموعة من اجراءات مفيدة من قبيل سيطرة وزير الداخلية على الامن الوقائي وتوحيد الاجهزة الامنية ووقف العبث الامني". واكد ان ابو مازن "لا يناقش مسألة الصلاحيات لأنه خارج السلطة، كما لا توجد خلافات شخصية بينه وبين عرفات، فأبو مازن يقرّ بأن الرئيس هو المسؤول وهو الذي يعين ويقيل، لكن هناك متطلبات في الشأن الامني يدور النقاش حولها". ونفى حبش ان يكون هناك توجه الى اجراء تغيير وزاري، وكرر ان المطروح عودة ابو مازن الى العمل الوطني الرسمي بصفته امين سر اللجنة التنفيذية، علما ان ابو مازن كان قاطع اجتماعاتها بعد استقالته. وقال حبش ان التنفيذية ستعقد اجتماعات مع الفصائل الفلسطينية تهدف الى اعادة اللحمة للشعب الفلسطيني وتحسين الوضع الداخلي من اجل مواجهة الفساد ومنع رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون من تمرير مخططاته. من جانبه، أفاد مسؤول فلسطيني لوكالة "فرانس برس" ان اللجنة المركزية بحثت تكليف ابو مازن مجدداً قيادة وفد حركة "فتح" الى الحوار مع القوى الفلسطينية المزمع عقده في القاهرة. ويرى مراقبون ان في مبادرة المصالحة وعودة ابو مازن الى العمل السياسي، رسالة الى اكثر من جهة تفيد بجدية القيادة الفلسطينية في تنفيذ الاصلاحات كما وردت في خطاب عرفات امام المجلس التشريعي. فهي رسالة الى الغرب، وتحديداً الولاياتالمتحدة، والى "كل المشككين من الفلسطينيين في نيات الاصلاح"، وفي الوقت نفسه هي محاولة لترميم الصدع في القيادة والمجتمع الفلسطينيين من خلال عودة الرجل الثاني في "فتح" وأحد مؤسسيها، خصوصاً ان المرحلة الحالية فلسطينياً هي مرحلة تعزيز الصف الوطني ومكافحة الفساد. وتتزامن مساعي عودة ابو مازن الى الساحة السياسية مع مساع مماثلة لعودة وزير الشؤون الامنية السابق محمد دحلان الذي تردد انه يصر على تولي وزارة الداخلية. وقال دحلان ل"الحياة" في غزة امس أنه لا علم له بمساعي المصالحة مع ابو مازن، مشيراً انه سيلتقيه اليوم للاطلاع على المستجدات.