كتبت عن اقتراح اتفاق ثلاثي لحل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي يشمل مصر، واعتبرته محاولة لتوريط مصر، وتلقيت بعد ذلك اتصالات عدة ورسائل اصحابها يريدون ان يعرفوا مصدر معلوماتي، او ان ازودهم بالخريطة المقترحة للحل. اليوم اكتفي برسالة عن الموضوع تلقيتها بالبريد الالكتروني من القارئة آنا فيدير، وأعتقد بأنها اسرائيلية من انصار السلام. وهي قالت: اعتقد بأن معظم الاسرائيليين سيقبلون هذا الحل، وهو سيجعل الحياة اسهل لأهل غزة، الا انني لا اعتقد بأن الفلسطينيين، خصوصاً في القدس او وسط الضفة الغربية، سيقبلونه، هناك أكثر من 240 ألف عربي من دون جنسية في القدس حيث الغالبية ترفض الجنسية الاسرائيلية، ومصيرهم ومستقبل القدس كحاضرة للقرى المجاورة في الضفة مهمان للحل بقدر اهمية اللاجئين. في اختصار، اذا قبلت مصر مقايضة اراضٍ مع اسرائيل لفائدة سكان غزة فهي فكرة ممتازة يمكن ان تنفذ غداً، ولكن تغيير الحدود ومستقبل القدس يجب التفاوض عليهما مع الفلسطينيين، ومع اعتبار رغبات السكان المحليين وحاجاتهم، وإلا فما سيحدث لن يكون حلاً للنزاع بل تطويل له. آنا فيدير تمثل الجانب الاسرائيلي الذي يريد سلاماً حقيقياً، ولا يحاول تجنبه بمحاولة تحميل مصر اي مسؤولية، ورجائي ان يصبح هذا الجناح غالبية انتخابية اسرائيلية. كل ما اقول الآن هو انني سمعت ان الخريطة المرفقة بالحل الثلاثي المقترح ستتعرض لتعديل في الشهر المقبل، وسأنقل الى القراء في حينه ما يصل اليّ عن الموضوع. وأكمل ببريد آخر فقد تلقيت رسالة الكترونية بالانكليزية من القارئ أ. جاز يقول فيها: "كل انسان يحتاج الى مسيح. هذه المقالة هزت هزاً... قل لهم اصحاب العقول الضعيفة". كنت كتبت عن الحملات على الاسلام، وعن تطرف المسيحيين الصهيونيين، ولم اعرف هل القارئ يؤيدني أم يعارضني في رسالته المختصرة. القارئة ناتالي سبرا أبدت اهتماماً اوسع بالموضوع نفسه، وتحدثت عن الدستور الاميركي الذي يفصل الدين عن الدولة، وقالت ان من شأن ذلك حماية الاقليات من يهود ومسلمين وهندوس وسيخ وغيرهم. وهي اضافت ان اوروبا لم تعرف، مثل هذا الوضع قديماً، وانما قام الفصل في العقود الاخيرة. وأضافت انه لا يوجد مثل هذا الفصل بين الدين والدولة في البلدان العربية، لذلك فهذا هو اكبر خوف لاسرائيل من العالم الاسلامي، حيث لم تقبل الاقليات اليهودية وتعامل على قدم المساواة. وهي خلصت الى القول ان مع اعلان حماس عزمها على تدمير اسرائيل، فإن رد الفعل الاسرائيلي الحالي يصبح متوقعاً، او منطقياً. اعتقد بأن حماس تجاوزت موضوع تدمير اسرائيل، الا انني اريد ان اعلق على نقطة اهم في رسالة القارئة هي عن حماية الاقليات في البلدان العربية والاسلامية، خصوصاً اليهود. عندما يكون الحديث عن حقوق الانسان في بلداننا فالكل اقلية، لأن غياب الديموقراطية يعني اضطهاد الحكم المحكومين وأتصور ان القارئة بريئة، وتتحدث باخلاص، الا انني اقول لها ان اليهود عوملوا كما عومل بقية الناس، فنحن لسنا اسكندنافيين. وفي العراق اضطهد السنّة والشيعة والاكراد والآشوريون مع اليهود، لذلك ارجو القارئة ان تنظر الى الوضع ككل لا من وجهة نظر اي اقلية. وأكمل برسالتين عن موضوع واحد هو السلطة الوطنية الفلسطينية، والاصلاح المطلوب. القارئ جيمس سولز يقول انه وجد مقالي مفيداً فعلاً، وهو يرحب بالنقد الذاتي الفلسطيني، بدل تحميل الآخر المسؤولية دائماً. وهو يسأل كيف سيؤثر الصراع الداخلي الفلسطيني في اسرائيل بغض النظر عن نيات الحكومة الاسرائيلية، ويزيد ان الهدف يجب ان يكون السلام، واذا قامت قيادة فلسطينية تسعى اليه، فلا يجوز ان تعرقل اسرائيل مثل هذا التطور. اما القارئ جون غروفنر فهو يقول: نعم هناك فساد في السلطة الوطنية، وأنا اوافق على ان ياسر عرفات يجب ان يعطي الوزراء الصلاحيات اللازمة، الا انني ارفض بقوة الزعم ان الوضع الحالي وانهيار مؤسسات السلطة لا علاقة له باسرائيل. لقد تجولت مرتين اخيراً في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولم ارَ محطة شرطة واحدة غير مدمرة بفضل القنابل والصواريخ الاسرائيلية. اسرائيل جردت رجال الشرطة الفلسطينيين من سلاحهم منذ ثلاث سنوات، وهي منذ عشر سنوات تحصرهم على نقاط التفتيش. اي "سلطة" حقيقية هي هذه؟ ان الاحتلال الاسرائيلي الوحشي هو المسؤول عن المشكلة، والى ان يجد الفلسطينيون الامل فإن "السلطة" او خريطة الطريق لن تنجح. وأقول للقارئ شكراً، ومعك حق. وأكمل بالصديق عبدالهادي البكار، من القاهرة، ورسالته بالفاكس، وهي طويلة موضوعها مهم، فهو يكمل من حيث توقفت في الحديث عن المسيحيين الصهيونيين، ويزيد معلومات موثقة مع مراجع عربية وأجنبية. وكنت ارجو لو استطيع نشر الرسالة، الا انها تزيد طولاً على حجم هذه الزاوية، فلعلها تجد طريقها للنشر في "الحياة" او غيرها، مع شكري الأخ عبدالهادي على اهتمامه الدائم بما اكتب. وأختتم بالقارئ علي يوسف واريل، المقيم في جدة. وسأنشر من رسالته ما استطيع قبل ان اعلق عليها. هو يبدأ مسجلاً "اعجابه الشديد" الا انه يكمل بانتقاد اشد ويقول: انني اكرر عتبي وانزعاجي من تجاهلك قضايا سبق ان سألتك عنها، وكان الرد منك انك غير خبير في مشاكل القارة الافريقية، ولكن تكتب يومياً عن فلسطينوالعراق واسرائيل وأميركا، وفي ملحق "الوسط" عن المشاكل العاطفية والجنس. والرسائل التي نرسلها اليك لم يعد لها مكان بين رسائل الغربيين امثال ديفيد وستيفن وغيرهما من الاميركيين. هناك مجازر وانتهاكات وقضية شغلت العالم كله في دارفور الا انك للأسف حجبت عينيك عنها وأقفلت سمعك، وكأنك لا تعرف عنها. المصائب كثيرة، وليست فقط اسرائيل وحكومة شارون. مرة اخرى، اقول انني لست خبيراً في مأساة دارفور ولو كتبت عنها لكان مجرد تكرار لشيء منشور، لذلك فأنا اصر على ان اكتب فقط عما اعرف. وأرد على الأخ علي بعتب عليه، فقد تلقيت رسالته بعد ان نشرت "الحياة" سلسلة تحقيقات نادرة من قلب الحدث في دارفور، وكانت بين قلة قليلة من الصحف العربية فعلت ذلك. وكنت ارجو لو ان الأخ علي سجل جهدنا مع حقه الدائم في انتقادنا.