حين بدأ عمال البناء الذين يتقاضون ملاليم ضئيلة نظير عملهم اليومي في عملية الحفر الشاقة لإرساء أساسات مسجد جديد في حي عين شمس المتخم بالسكان في شمال شرق القاهرة لم يتخيلوا أن يكون السبب في وقف عملهم شخص انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل آلاف السنين هو السيد عنخ خنسو ديرت حور. والمسألة ببساطة هي أن أسرة السيد حور - وهي من الأسرة ال26 الفرعونية - اختارت هذا الموقع تحديداً ليكون مقبرة له. ولحسن الحظ أن عيون المجلس الأعلى للآثار الساهرة كانت تراقب موقع الحفر، الذي يقع ضمن منطقة خاضعة للمادة 20 من قانون حماية الآثار. وحين شعر العمال بوجود آثار بناء قديم رغم أنهم كانوا وصلوا إلى عمق يزيد على خمسة أمتار في عملية الحفر، بادرت "عيون" المجلس الأعلى للآثار إلى إرسال لجنة فنية وأثرية إلى الموقع للتأكد من كينونة "البناء القديم". لم يتعجب سكان المنطقة من سرعة المجلس في تشكيل اللجنة وإرسالها، فقبل نحو ثلاثة أعوام، تحديداً في تشرين الثاني نوفمبر عام 2001، وبينما كان أحد جيرانهم وهو المواطن حسن أبو الفتوح يهم بحفر أساسات لمنزل جديد له، اكتشف مقبرة فرعونية تحوي رفات كبير نجاري القصر الملكي في الأسرة ال26 بين عامي 400 و600 قبل الميلاد. ويبدو أن الأسرة ال26 كانت شديدة الإعجاب والالتصاق بالمنطقة، وبدا هذا أمس حين أعلن وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني أن البناء القديم الذي عُثر عليه عمال البناء البسطاء ما هو إلا مقبرة أثرية كاملة بالقرب من شارع عين شمس الرئيس. وعثر في داخل المقبرة على غرفة للدفن فيها تابوت من البازلت، وفي داخله هيكل عظمي للمتوفي، ومعه مجموعة من الرقائق الذهبية للمعبودة "إيزيس" والمعبود "حورس" ومجموعة أخرى من التمائم. ورغم أهمية الكشف الأثري، إلا أن الهيكل العظمي الذي عثر عليه في حالة سيئة جداً، وذلك لأن المياه الجوفية غمرت المقبرة إلى سقفها. وأعلن المجلس الأعلى للاثار أمس أن النقوش الموجودة على جدران المقبرة كشفت أن صاحبها يدعى "عنخ خنسو ديرت حور" ومعناه صنيعة الإله حورس. وعثرت اللجنة في داخل المقبرة على أوان فخارية تحوي الأعضاء الداخلية للمتوفي. ويبدو أن مصر مقبلة على عصر المتاحف المفتوحة، فهناك فكرة لإنشاء متحف مفتوح تنقل إليه المقابر المشابهة والتي تكتشف بالطريقة نفسها، وهي كثيرة. ومعروف أن منطقة عين شمس خضعت للمراقبة الأثرية نظراً الى قيمتها، وكانت تعرف قبل آلاف السنين باسم "أون" ثم أطلق عليها اليونانيون اسم "هليوبوليس" ومعناها "مدينة الشمس"، وكان لها دور ديني كبير في عصر ما قبل الأسرات وفي العصور التاريخية المختلفة. من جهة أخرى، كانت منطقة عين شمس قبل سنوات مسرحاً لأحداث عنف ذات صلة بالجماعات الإسلامية، كما أن نسبة كبيرة من سكانها نقلوا إليها في أواخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات من عشوائيات عشش الترجمان بحجة أن سكان عشش الترجمان ساهموا بقدر غير قليل في أحداث الشغب في عام 1977. والآثار بالآثر تذكّر، اذ اعلن امس اف ب عن العثور في اخميم 474 كلم جنوب في محافظة سوهاج على تمثال قد يكون الاكبر للفرعون رمسيس الثاني 1298-1235 ق م، صاحب أكبر كمية من التماثيل التي عثر عليها لملوك فراعنة في مناطق متفرقة في مصر. ويعتقد خبراء الاثار المصريون بأن قاعدة التمثال وحجم رأسه يشيران الى أنه الاكبر بين تماثيل رمسيس التي عثر عليها في مناطق مختلفة في مصر عدا التماثيل المنحوتة في معبد ابو سمبل.