تكشف صحيفة "معاريف" العبرية اليوم محاولة إسرائيل الرسمية تنفيذ مخطط لترحيل عدد كبير من أهالي مدينة غزة، غداة احتلالها عام 1967، إلى أميركا اللاتينية، باشراف مباشر من مكتب رئيس الحكومة آنذاك ليفي اشكول. وتؤكد الصحافية سارة ليبوفتش، التي أعدت التحقيق، أن الحديث يدور عن "إحدى محاولات الترانسفير الأكثر مأسسة ونموذجية، وأكثر الفصول ظلاماً في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بعد عام 1948، استثمر فيها جهد كبير وأموال كثيرة". وتدعم تحقيقها بافادات بعض المتورطين بالمخطط، فيما آثر آخرون الصمت بناء على تعليمات "جهاز الاستخبارات الخارجية" موساد. وقضى المخطط بأن يتولى مسؤولون إسرائيليون وعملاء "موساد" اغراء فلسطينيين بمغادرة قطاع غزة، والسفر جواً إلى أميركا اللاتينية. ودفعت إسرائيل ثمن تذكرة السفر وأعطت كل من غادر أموالاً. وبينما ادعى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية سابقاً الذي كان آنذاك منسقاً لشؤون الاحتلال، ان عدد الذين سافروا لم يتعد 20 فلسطينياً، أكد القنصل في السفارة الإسرائيلية في باراغواي آنذاك موشيه بئير أن آلافاً من الفلسطينيين وصلوا إلى باراغواي. ويفيد التقرير أن عسكريين ورجال شرطة أوكلوا مهمة العثور على "مرشحين مناسبين" للترحيل، وان عملاء "موساد" في باراغواي استقبلوا الفلسطينيين المغادرين، بينما ساهمت الجالية اليهودية هناك بالأموال وباجراء الاتصالات مع المؤسسات والسلطات المحلية، ونقل الوافدين إلى مدينتين في المثلث الحدودي بين باراغواي والبرازيل والأرجنتين. ويروي بئير أن الفلسطينيين كانوا مقتنعين بنقلهم إلى مناطق زراعية "ويبدو أنهم وعدوا بامتلاك أراضٍ لكنهم بقوا معلقين هناك، لا أحد يسأل عنهم". ويضيف ان أحد الفلسطينيين اقتحم السفارة الإسرائيلية في باراغواي ليتحدث إلى السفير عما آل إليه وضعه فتجاهله، ما أثار غضبه واطلق النار على زوجة القنصل اي بئير فقتلها. ويتابع انه خلال أيام العزاء بزوجته زاره رجل من "موساد" وأمره بالتكتم على القضية ثلاثين سنة على الأقل. ويقول موشيه غورين، الذي عيّن أول حاكم عسكري إسرائيلي لقطاع غزة غداة احتلاله، ان ما حصل جاء بتعليمات من وزير الدفاع. ويضيف ارييه شاليف، وهو ضابط سابق في شعبة الاستخبارات العسكرية، ان ليفي اشكول عيّن عادة صوراني مديرة للعملية في مكتبه بعدما شغلت مناصب حساسة في "موساد". ويقول اريه عميت، رئيس جهاز "موساد" في عام 1967، إن الهدف من العملية كان "تشجيع الفلسطينيين على الهجرة طوعاً، وتمثلت غاية إسرائيل في تقليل العرب أكثر ما يمكن، إذ شكلوا دائماً خطراً عليها". وفي موازاة نشاط "موساد" في باراغواي، عملت في مقر الحكم العسكري في غزة وحدة خاصة قادها شلومو بن الكنه لتجميع فلسطينيين مرشحين ل"الترانسفير"، وكان بن الكنه مسؤولاً عن عمليات سرية كثيرة، منها عملية تهجير فلسطينيين من غزة والضفة الغربية إلى الأردن. وكتب المؤرخ بيني موريس في مؤلفه "ضحايا"، أن حوالى 70 ألف فلسطيني هجروا من قطاع غزة إلى مصر وأماكن أخرى في العالم بعد حرب 1967.