يوقظني الطرق الخفيف على الباب. اتردد في القيام. يأخذني النوم مرة أخرى. يعود الطرق. هي جارتي على السطح، صوتها الهامس من ثقب المفتاح وكأنها لا تريد لغيري أن يسمعها، يتوقف الطرق اثر سعلتي وأنا أهمّ من الفراش، وأراها بالطرف الآخر من السطح أمام باب حجرتها تحيرني سرعة عودتها. أتمهل قليلاً حتى افيق. هي هناك تنتظرني. تلبس الروب فوق قميص النوم. الروب مفتوح منتفخ بالهواء وذيله يحلق وراءها. تجذبه وتضم طرفيه بيدها. لا يخطر لها أن تستخدم حزامه الذي يسقط على الارض. لا وقت لأغسل وجهي أو اشرب شاياً. اسير اليها. السطح واسع. لا يوجد به غير حجرتينا وحجرة اخرى مغلقة تنتظر من يستأجرها. العتمة خفيفة تسمح لي بتفادي الكراكيب المتناثرة وضجة الشارع هدأت عما كانت قبل نومي، تسبقني الى الداخل، تغلق الباب ورائي. حجرتها أكثر اتساعاً من حجرتي والصالة ايضاً، شعرها الطويل مبعثر وأطرافه مبتلة تلتصق بخديها ورقبتها وتستقر نظرتها القلقة على وجهي وتعتذر في همس عما تسببه لي من ازعاج. تعتصر يديها وتقول: كنا أمام التلفزيون... وانتهى المسلسل. بحبه. يسهر معي ليراه، واكتشف أنه وسخ نفسه. كان من قبل ينبهني بإشارة وأفهم. لم يعد ينبهني. يفعلها ويسكت. أنا لا أغضبه. نبرة البكاء في صوتها. تمسح انفها بظهر يدها: وحتى لو كان غاضباً... تتقدمني الى الحمام: وأردت أن اشطفه. يعاند ويهز رأسه ويدفع نفسه. المقعد ذو العجلتين في جانب، زوجها عارياً ممدد على ارض الحمام. ملابسه المتسخة مكومة تحت حوض الحنفية. جسده الميت ثقيل، حاولنا مرات من قبل أن نرفعه الى داخل البانيو ولم نستطع وكانت تستعين بوعاء تصب به الماء فوقه، ثم هداها تفكيرها الى استخدام خرطوم توصله بالحنفية، وكانت فرحة باكتشافها، تداعب انفه بإصبعها. مبسوط؟ أحسن من الدش... أرفع غطاء البالوعة حتى تنصرف المياه أولاً بأول، وأوجه فوهة الخرطوم الى المقعد، ثم استدير اليهما، وأكون خلعت جاكتة البيجامة وشمرت البنطلون، هي ايضاً خلعت الروب وقرفصت بجواره، اتحكم بأصابع يدي في تدفق المياه، يخرج سرسوباً حتى تدعك جسده بالصابون، اساعدها في تغيير رقدته، قميصها وقد ابتل التصق بجسدها كاشفاً عن تقاطيعه، هي على جانب من الجمال، على رغم ذلك لا اجدني افكر فيها كامرأة احياناً تميل بجسمها وتتعرى ساقاها، ارقمهما وأقول لنفسي انهما جميلتان وينتهي الامر، تخرج لمشاويرها من دون اهتمام بشكلها، ويحدث أن انبهها الى بقية ملابسها من دون اضطراب، تنصت الي وتمضي ومرات تنسى نفسها أمامي فترفع طرف جلبابها لتعصره او تمد يدها في صدرها لتعدّل وضع السوتيان" وهي تكلمني. اضع فوطة كبيرة على المقعد، ونسحبه من تحت ابطيه بعد أن جففناه ونرفعه الى المقعد وتدفعه الى الحجرة والماء يقطر من قميصها. تمدده في الفراش. اقف جانباً، هي لا تحتاجني عندما تلبسه، ثم تمشط شعره وتنحني لتبوسه في خده وتقول: عاوزك تبوسه يا استاذ عباس... أقترب وأبوسه في جبهته. تشير الى مقعد لأجلس وتقول: دقيقة اعمل الشاي. هو على ما يبدو ألفني وقد رآني كثيراً. جسده ممدد في الفراش بلا حراك وفمه ملتوٍ، ورعشة بشفتيه، عيناه فقط يقظتان، يصوبهما نحوي. تسألني امرأته البقاء معه حين تخرج لتقبض معاشه او تشتري احتياجاتها. تشير الى ما اعدته له من طعام، عادة يكون شوربة خضار ومهلبية، اتصفح جريدة تكون معي. هو في مقعده ذي العجلتين غير بعيد عني ويداه ساكنتان في حجره، اطيل القراءة متحاشياً نظرته التي احس وطأتها على وجهي. يطلب مني احياناً أن اخرج به. كنت بدأت أفهم ما يطلقه من اشارات بشفتيه المرتعشتين، ادفع مقعده وأتجول به فوق السطح، وأقف به قليلاً في ظل وأعود به. ومرات يرغب في تناول طعامه خارج الحجرة، اختار مكاناً على السطح بعيداً عن تيارات الهواء، كما توصيني امرأته، وأضع فوطة على صدره، أناوله الطعام ملعقة بعد الاخرى، اجفف ما يسيل من فمه بعد كل ملعقة، اسهو أحياناً ولا اجفف فمه، يدير وجهه بعيداً عن الملعقة. تأتي امرأته بعد أن استبدلت قميص النوم. تحمل صينية الشاي، تضعها على المنضدة الصغيرة وتجلس على مقعد بجواري، تتوقف قليلاً وهي تصب الشاي وتشرد عيناها مع البخار المتصاعد من الكوب ويكون في فراشه مستديراً بوجهه ينظر إلينا. * روائي مصري