مدينة برنو واحدة من أشهر المدن المورافية التي تشتهر بسياحتها المزدهرة منذ القدم، حيث كانت أهم مناطق الاصطياف إبان الحضارة الرومانية وما بعدها، وهي تحتفظ الآن بمكانتها السياحية المتميزة بين المدن الأوروبية لما تتمتع به من قوة جذب لملايين الزوار والمصطافين من كل أنحاء العالم، أولئك الذين يبحثون عن مفاتن الطبيعة ومعالم التاريخ الحضاري العريق. ولأنها تحتضن العديد من الآثار الحضارية ذات القيمة المعمارية النفيسة، فقد أدرجتها منظمة "اليونيسكو" التابعة للأمم المتحدة في قائمة المدن الخاضعة لحمايتها. ولم يكن اسم المدينةالتشيكية بعيداً عن ذاكرة الأجيال السابقة من أبناء الريف والبوادي في شرق البلاد العربية، إذ ارتبط منذ نحو قرنين من الزمن تقريباً ببندقية "برنو" الشهيرة التي راجت تجارتها في العالم العربي آنذاك، واعتبرت في بعض مناطق العراق الجنوبية جزءاً من تراث الفروسية العربية، وكانت تعادل ثروة كبيرة في ذلك الزمن، وتقدم في أحيان كثيرة كبديل لمهر العروس. وفي وقت لاحق اكتشفت شرائح من المجتمعات العربية ان تلك المنطقة التي انتجت البندقية الشهيرة تتمتع بحضور سياسي وحضاري متميز، وحاول بعضهم البحث عن علاقة هذه المنطقة بالعرب عموماً، فتبين أن أول من وصل إلى مورافيا في العصر الوسيط هم العرب الذين وصفوها وصفاً دقيقاً في رحلاتهم الطويلة، منهم الرحالة العربي الشهير يوسف بن اسحق المقدسي الذي تجول بين المدن التشيكية ومنها برنو الواقعة في مقاطعة مورافيا، ووصف جمالها الطبيعي الخلاب وصفاً متميزاً، وترك وراءه مخطوطات تتناول سياحته في هذه المنطقة ما زالت موجودة في المكتبة الوطنية في براغ. ووصل العرب في ما بعد، مع الجيوش العثمانية، إلى تخوم مورافيا واحتلوا بعض اجزائها. ومن آثارهم هناك قصر المنارة الموجود في مدينة ليدنتيسه المورافية القريبة من برنو. ففي هذا القصر المبني على الطراز العربي يوجد جامع صغير تنتصب فوقه منارة مبنية بالآجر ومزينة بآيات قرآنية، وتحمل الأسماء العربية للعمال الذين بنوها. ويعتبر هذا القصر، الذي يضم واحداً من أشهر البيوت الزجاجية في أوروبا، من أبرز المعالم الحضارية والسياحية في مورافيا، وتوجد فيه نباتات ومزروعات جلبت من الشرق من بينها النخلة العربية وأشجار الفاكهة والقهوة اليمنية وغيرها. برنو هي العاصمة الجنوبية لمورافيا، وهي مركز جغرافي وتاريخي مهم، وتضم مركزاً للدراسات العليا المورافية والتشيكية. وفيها أيضاً المركز الأوروبي للدراسات والمشاريع وجامعة ماساريك والجامعة التكنولوجية وجامعة مندل الزراعية وجامعة البيطرة وجامعة الصيدلة وأكاديمية ياناجكا للفنون الموسيقية والأكاديمية العسكرية. وربما تكون المدينةالتشيكية الوحيدة التي تُنظم عدداً هائلاً من المعارض، فنسبة المعارض التي تقام فيها سنوياً تزيد على 50 في المئة من مجموع المعارض في عموم جمهورية التشيك. كما أنها تعتبر العاصمة الثقافية الثانية في تشيخيا بعد براغ، وتقدم كل يوم تقريباً عدداً من الفعاليات الثقافية المتنوعة لمواطنيها ولزوارها. وتؤكد المشاريع الاستثمارية الكبيرة التي أنجزت أو تلك التي هي قيد الانجاز، بأن المدينة تتجه نحو الازدهار على مختلف الأصعدة خصوصاً في القطاعات الأساسية ومن ضمنها قطاع السياحة. يوجد في برنو عدد كبير من مرافق السياحة والاستجمام والاصطياف، إضافة إلى المعالم التاريخية المدهشة، منها مرصد الأجرام السماوية "ميكولاش كوبرنييك" الواقع في متنزه "كرافي هورشة" أو ما يسمى ب"مرتفع الابقار". وفي قمة مرتفعات برنو توجد حقول الاصطياف السياحية الفاخرة "باسوهلافكي" التي يمكن التنقل في ما بينها بواسطة الدراجة الهوائية أو وسائل النقل الاخرى، وتقع في مناطق خضراء منبسطة في سلسلة متصلة يمكن التنقل بينها بواسطة الباخرة أيضاً عبر نهر "الدوناي". ومن خلال السفرة البحرية هذه يمكن رؤية معالم برنو ومواقعها التاريخية وغاباتها الكثيفة. من أمتع الجولات في المدينة سياحة الأنفاق المتشابكة تحت جبال برنو والتي تخترقها الزوارق والسفن الصغيرة. وتعتبر هذه الانفاق أو المغاور الكريستالية من أشهر المناطق السياحية في العالم، وتعج سنوياً بعشرات الآلاف من الزوار. وتعتبر برنو أيضاً مدينة المهرجانات والاحتفالات التي تقام عادة في المنتزه الكبير الذي يضم قلعة برنو او "قلعة شبيلبرغ". وهناك كذلك القصور التاريخية والقلاع القديمة التي تضم متاحف مختلفة خصوصاً المتاحف العسكرية للجيوش الامبراطورية. وهناك "الحي الصخري" وهو شارع يضم بيوتاً قديمة جداً كانت عبارة عن منازل للفقراء، لكن عمارتها البسيطة اكسبتها جاذبية سياحية خاصة، فتحولت مركزاً سياحياً بارزاً. هذه هي برنو المليئة بالمرافق السياحية والحضارية المتميزة، وهي من المناطق التي تغري السائح الأجنبي بمفاتنها الكثيرة. وفي العقود الأخيرة ارتفع معدل الزوار العرب ما يدل على أهميتها السياحية العالمية.