تثير قضية الانفاق الاميركي لأموال"صندوق تنمية العراق"جدلاً واسع النطاق في العراق، وتصف اوساط سياسية مستقلة هذا الانفاق بأنه"تبديد وتبذير غير مسؤول لا يعبر عن نظرة موضوعية تحترم القانون الدولي وقرارات الاممالمتحدة وحقوق شعب تعرض لمحنة ظالمة تعصف بحقه في الحياة الحرة الكريمة". وتقول مصادر رسمية وصفت نفسها بانها على اطلاع تام:"ان الانفاق من اموال النفط العراقي والارصدة المجمدة مستمر على قدم وساق، وعلى نحو احيط بسرية تامة". وبرر مسؤول في الادارة المدنية لقوات التحالف ذلك بان قوات الاحتلال"تواجه مشكلات بيروقراطية عرقلت الجهود المبذولة لصرف مبلغ 18 بليون دولار خصصها الكونغرس لإعمار العراق". ويعلق خبير اقتصادي عراقي على ذلك:"العراقيون يعرفون، ومنذ البداية، ان ما قالته اميركا بصدد تخصيص مبلغ 18 بليون دولار للعراق مجرد وهم، وكذلك الأمر بالنسبة لموضوع الديون وموضوع المانحين الذي لم يحصل العراق على أي شيء منهما، غير انه ظهر أمام العالم برمته ان أغرب شحاذ في العالم، يمتلك اكبر احتياطي في العالم، ويمد يده شحاذاً عندما اثلج منظره صدور الكثيرين". وتفيد المعلومات، التي امكن الحصول عليها، ان اميركا رصدت مبلغاً إضافياً قدره 500 مليون دولار من عائدات نفط العراق لمواجهة ما أسمته بمرحلة ما بعد تسلم السلطة. وقال مصدر عراقي مسؤول ان اميركا اقرت المبلغ بعدما"صار الأمن اكثر المخاوف التي تمثل ضغوطاً على السلطة". وذكر المصدر نفسه ان المبلغ"سيُصرف على انشاء قوة جديدة للحماية ومنشآت حديثة في اطار تحصين موقف الحكومة في مواجهة الارهابيين". ويشير مصدر آخر إلى تحول العنف في العراق إلى وسيلة جديدة من وسائل استنزاف الثروات العراقية، منبهاً الى ان هذا المبلغ يضاف إلى مبلغ آخر 5.42 مليون دولار أُنفق في نيسان ابريل الماضي على شراء مصفحات وتصفيح عدد من المركبات الحديثة. ويقول خبير عسكري عراقي ان"الصناعات العسكرية في الولاياتالمتحدة هي الوحيدة التي ترى انها ينبغي ان تستفيد دون ان ينعكس ذلك ايجاباً لصالح تقدم ونمو العراق اقتصادياً او علمياً، والى جانب ان الاسلحة المباعة هي من فائض الانتاج ومن المواصفات الفنية القديمة، ليس لتلك الاسلحة قيمة هجومية او دفاعية". وأكد خبير اقتصادي عراقي ذلك، مشيراً إلى ان مجموع الاموال العراقية في"صندوق تنمية العراق"يبلغ اكثر من 25 بليون دولار تم انفاقها بالكامل، ويتواصل العمل على انفاق اموال الصندوق بشكل احيط بسرية تامة منذ وقت ليس بالقصير. وأشار الخبير العراقي إلى ان ذلك تم في ضوء موافقات من الادارة الاميركية، رغم ان هذه الاموال هي اموال عراقية كان ينبغي الاحتفاظ بها إلى حين حصول العراق على سيادته، مؤكداً تخصيص مبالغ من الصندوق لفرق عسكرية اميركية اشتهرت في العراق بالدفع الفوري للمقاولين الاميركيين برزم من الاوراق النقدية فئة 100 دولار عبر مصرف"البنك الفيديرالي"في نيوجرسي. وأوضح الخبير الاقتصادي العراقي، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، ان"عائدات العراق من النفط للفترة الماضية بلغت اكثر من 11 بليون دولار بزيادة 1.3 بليون دولار عما كان متوقعاً نتيجة ارتفاع اسعار النفط". وذكر ان"صندوق تنمية موارد العراق"لم يفعل أي شيء لتبرير الاسم الذي يحمله، مفيداً ان الواقع يؤكد انه مفتوح لاعمال النصب والاحتيال، مؤكداً ان الادارة الاميركية انفقت في النصف الاول من السنة الحالية اكثر من 11 بليون دولار من دون أي رقابة أممية. ويفصل مبلغ ال25 بليون دولار التي تجمعت لدى الصندوق على النحو التالي: 11 بليون عائدات النفط لهذا العام، اضافة الى 8 بلايين دولار كانت لدى الأممالمتحدة متبقية من برنامج النفط مقابل الغذاء، و4 بلايين دولار مبالغ عراقية مجمدة في اميركا منذ عام 1991، من دون ان يتمكن مجلس الرقابة والاستشارة الذي يفترض به ان يقوم بأعمال التحقيق المالي من معرفة مصير تلك الاموال التي قيل انها أُنفقت على اعمال مجابهة العنف والارهاب. وذكر مصدر عراقي مسؤول ان الحكومة العراقية اصبحت هي المشرف على الصندوق والمخولة بأعمال الانفاق والصرف بوصاية الاممالمتحدة وعن طريق اشرافها. وبذلك، يقوم العراق بمتابعة عمليات الانفاق السابقة واللاحقة والتحقق من الحفاظ على ثروة العراق والعمل على عدم تبديدها أو انفاقها في غير أماكن انفاقها الحقيقية.