ارتكب صدام حسين ومارس من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ما يستحق معه ان يواجه المحاكمة، ولكن هل هو المجرم الوحيد؟ العدالة للجميع تعني ان يحاكم مجرم الحرب آرييل شارون قبل صدام حسين، لأن جرائمه سبقت جرائم الرئيس العراقي، فلو انه عوقب على مجزرة قبية في الخمسينات، او قتل الجنود المصريين الأسرى في الستينات والسبعينات، او مجزرة صبرا وشاتيلا في الثمانينات، لما وصلنا معه الى قتل المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ في التسعينات وحتى اليوم. وكما اتهم صدام حسين بمخالفة قرارات دولية، فإن شارون، بصفته رئيس وزراء اسرائيل، مسؤول عن مخالفة اضعاف ما خالف صدام من قرارات دولية، ويكفي هنا ان نشير الى ذهاب وزير خارجيته سيلفان شالوم الى الولاياتالمتحدة هذا الأسبوع ليعلن في شكل مسبق رفض موقف محكمة العدل الدولية من الجدار العنصري في اراضي الفلسطينيين، ودعم الإدارة الأميركية هذا الموقف ما يجعلها شريكاً في جرائم اسرائيل ضد الفلسطينيين، وفي مخالفة القرارات الدولية من مجلس الأمن الى المحكمة في لاهاي. أطالب تحقيقاً للعدالة ان يحاكم آرييل شارون ومجرمو الحرب النازيون في حكومته وحولها. غير انني انطلقت من صدام حسين والوضع العراقي فأطالب بمحاكمة مماثلة لهؤلاء: - جورج دبليو بوش بتهمة المسؤولية عن شن حرب على العراق لأسباب ثبت نهائياً كذبها، فالعراق لم يكن يملك اسلحة دمار شامل، وبالتالي لم يهدد الأمن الأميركي، او أمن العالم كله. والعراق لم يكن على علاقة بالقاعدة ولم يحاول شراء يورانيوم من النيجر. الرئيس بوش مسؤول بالتالي عن مقتل ألف شاب اميركي وأكثر من عشرة آلاف عراقي، ومئات آخرين في حرب غير مبررة اطلاقاً. وبما انني اعتقد ان صدام حسين يجب ان يحاكم كذلك بتهمة تدمير البيئة، بعد تجفيف الأغوار، فإنني اعتقد كذلك ان التهم ضد جورج بوش يجب ان تشمل الخروج من معاهدة كيوتو وتهديد البيئة العالمية لا بيئة بلد واحد. وربما حوكم الرئيس بوش بتهمة التعذيب، ففي موضوع المعتقلين في خليج غوانتانامو عمل الرئيس الأميركي بنصح محامين من وزارة الدفاع، يتلقون رواتبهم من إدارته، وهؤلاء قالوا: "ان للرئيس الصلاحية الدستورية في الموافقة على استعمال التعذيب"، وجاءت المحكمة العليا اخيراً لتبدي رأياً مخالفاً في موضوع استمرار احتجاز الناس من دون تهمة. - نائب الرئيس ديك تشيني، فقد ثبت انه كان رئيس عصابة الشر من المحافظين الجدد التي خططت للحرب على العراق، وأقنعت الرئيس الجاهل بها. وتشيني لم يقل فقط ان صدام حسين يملك اسلحة دمار شامل، بل كرر التهمة بعد ان نفتها لجنة تحقيق اميركية رسمية، ثم قال: "إن هناك علاقات مع القاعدة إلا اننا لم نثبتها بعد". أليس في هذا نفس صدامي، فشن حرب قبل ثبوت التهمة، مثل قتل صدام حسين المتهمين ثم محاكمتهم؟. الغريب في موضوع تشيني ان يطالب بإزالة السرية عن وثائق رسمية يزعم انها تثبت علاقة صدام حسين بالقاعدة، وهي لو كانت موجودة لأفرجت عنها الإدارة حتماً. والغريب كذلك ان يحارب والإدارة حرباً من دون هوادة لإبقاء السرية على وثائق تعود الى لجنة خاصة بسياسة الطاقة ترأسها قبل الانتخابات. وموضوع الطاقة يطرح تهمة اخرى هي الفساد في شركته هالبرتون، ودورها في العراق والعمولات على العقود. - وزير الدفاع دونالد رامسفيلد لإدارة الحرب على العراق، ولكل الأسباب كما في قضية تشيني من دون الفساد الشخصي. - عصابة اسرائيل في الإدارة الأميركية التي يترأسها نائب وزير الدفاع بول وولفوفيتز، فهذا الرجل هو اول من دعا الى حرب على العراق بعد ارهاب 11/9/2001، ودم ألوف الأبرياء على يديه وأيدي بقية اعضاء العصابة، وهم يزيدون عدداً على "حواريي" صدام حسين المتهمين معه، إلا انني اسجل اسماء لويس ليبي ودوغلاس فايث وجون بولتون وديفيد وورمزر، وأترك للمحققين اضافة اسماء من تثبت التهم عليهم خلال التحقيق. - ريتشارد بيرل، بكل التهم السابقة، ومعها تهمة الفساد، ومحاولة الإثراء الشخصي. وإذا حوكم بيرل، فالشاهد الرئيسي عليه سيكون الصحافي المشهور سايمور هبرش الذي فضحه في "نيويوركر" في آذار مارس من السنة الماضية عندما كشف محاولته ربط شركته تراريم مع مستثمرين على رغم وجود تضارب مصالح بصفته في ذلك الوقت رئيس مجلس سياسة الدفاع الذي استقال منه تحت وطأة التهم في وقت لاحق. - وليام كريستول وبقية المحرضين في وسائل الإعلام من انصار اسرائيل الذين سعوا للحرب وشجعوا عليها، وكذبوا في سبيلها بالتواطؤ مع المحافظين الجدد الآخرين في الإدارة. وأخيراً، فكرت في ان ازيد على القائمة احمد الجلبي، إلا انني كتبت عنه ما يكفي في الأسابيع الأخيرة، ولا اريد ان اعود إليه اليوم، على رغم سهولة اتهامه بما يتهم به وولفوفيتز او بيرل او اصدقاؤه الآخرون من اعداء العرب والمسلمين، ما يعني بالنسبة إليه تهمة التعامل مع العدو، وهذا من دون الإتيان على تهم الفساد السابق والجديد.