أضاف السوريون الى باقة ممنوعاتهم الخاصة بالصحون اللاقطة قنوات "الفيديو كليب" العربية التي تداوم على عرض آخر الصرعات من دون التقيد بأي معايير لجهة ما يبث على شاشاتها، في خطوة احترازية بدا أنها جاءت رد فعل على ملازمة أطفالهم عروض تلك الفضائيات التي أطلق بعضهم عليها اسم "قنوات الستربتيز". وتزامن ذلك مع بدء العطلة الصيفية ورغبة الأهل في توجيه أطفالهم لشغل أوقات الفراغ بأشياء مفيدة، مثل إكسابهم مهارات مهنية أو بدنية وتزويدهم جرعات من العلوم الدينية في محاولة لتهذيب أخلاقهم، بدلاً من الاتكال على "الريموت كونترول" في إنجاز هذه المهمة. ولعل تسليط ضوء الفضائيات على الفيديو كليبات التي تستثمر جسد المرأة كأهم عنصر في رواجها ومداومتها على عرض الأغاني الهابطة وراء هذا التوجه الذي راح يتسع بعد أن تأصلت في أذهان الكبار قناعات راسخة وأحكام نهائية في آلية عمل القنوات وخططها البرامجية، وبخاصة تلك التي تركز على اجتذاب جمهور المراهقين. وناشد بعض أولياء الأمور القيّمين على الفضائيات العربية "التقدمية" إعادة تقويم المواد المعروضة على قنواتهم ووضع ضوابط اخلاقية ومهنية تحترم خصوصية المجتمع الشرقي وأعرافه الاجتماعية "حفاظاً على الذوق الفني للنشء الجديد ومنحه الفرصة للاطلاع على تراث آبائه وأجداده لتمييز الغث من السمين، بعدما استحوذت الفضائيات على حصة كبيرة من وقته لتغدو المكوّن الأول في تشكيل اهتماماته ووعيه وإحساسه الفني"، وفق قول أحدهم. وفيما مشاعر الإحباط تتمكن من الآباء ازاء السياسة التي تنتهجها بعض الفضائيات العربية في كسب ودّ رموز الإثارة بتكرار عرض نتاجاتهم الفنية المبتذلة، اضطر بعضهم الى "تشفير" تلك الفضائيات بعدما فشلت جهودهم في إقناع أطفالهم بمقاطعة وصلاتها وبرامجها. وقال منقذ العلي مهندس انه مستاء من ترديد أطفاله الصغار مقاطع من أغان هابطة ومحاولتهم تقليد الفنانات في طريقة أدائهن المخلة بالآداب والقيم الاجتماعية السائدة: "بتّ ألجأ الى العقاب البدني بحق أولادي كرمى لعيون نجلا وروبي وهيفا... حتى قررت مقاطعة الفضائيات التي تمتهن الإسفاف بذوق جمهورها، أوليس ما تروجه نوعاً من الفاحشة؟". والحال ان رواج الأقراص المدمجة، التي تنسخ الكليبات بصورة غير مشروعة، بين أيدي الأطفال السوريين حال دون اتمام الأهل لمقاصدهم: "نسدّ الباب في وجه الابتذال فيأتينا من النافذة... بات الحفاظ على حرمة بيوتنا وظيفة شاقة"، وفق قول حسن بابنسي ممرض الذي طالب وسائل الإعلام بتناول هذا الملف لإماطة اللثام عن سلبياته الكثيرة، وفي شكل خاص على الأطفال، منوهاً بأن العطلة الصيفية دفعت ببعض الأطفال الى قارعة الطريق لعرض بسطات ال"سي دي" المتخصصة بالكليبات "الحارة". ووضعت منى ربة منزل جملة من المعايير لتصنيف الفيديو كليبات لوضع "فيتو" على الفضائيات العربية التي تروّج لها: "يهمني كأم لخمسة أطفال أن تحتشم الفنانات في لباسهن وأن يبتعدن عن حركات الإثارة اضافة الى تناولهن جملاً مفيدة في أغانيهن"، وطالبت بمحاكمة بعض مخرجي الفيديو كليبات نتيجة اعتمادهم على تصوير مناطق حساسة من جسد المرأة مدخلاً لرواج أغانيهم. من جهته، فرض أحمد طويلو موظف حظراً نهائياً على الفضائيات العربية بإزالة طبق استقبالها المتخصص لالتقاط القمر العربي "عربسات": "وجدت ان من المفيد الاستغناء عن خدماته نكاية بفضائيات الفيديو كليب وبرامج تلفزيون الواقع التي لا تنسجم مع واقعنا في شيء إلا بالتسمية". وأشار الى أن قراره هذا جاء "تلبية لنداء بعض الدعاة بالابتعاد عن أسلوب حياة الغرب الذي تكرسه برامج بعض الفضائيات العربية. لاحظت شغف أطفالي وانبهارهم بطريقة العيش تلك، وكنت وضعت قائمة بالقنوات المشفرة التي تعرض أغاني رائجة مثيرة مصورة بطريقة الفيديو كليب".