حضّ الملك عبدالله الثاني حكومته على "إعادة النظر في خدمة العلم" العسكرية الإجبارية، للتصدي لمعضلة البطالة المزمنة في سوق العمل الأردنية، داعياً اياها إلى وضع "خطة للوعظ والإرشاد الديني" تركز على "وسطية الإسلام واعتداله"، في مواجهة "الفهم المغلوط" الذي روّجت له الحرب على الإرهاب، و"الخطابة المثيرة" في المساجد. وفي رسالة وجهها ليل أول من أمس إلى رئيس الوزراء فيصل الفايز، وأُعتبرت بمثابة كتاب تكليف جديد لحكومته التي شكِلت في تشرين الأول اكتوبر الماضي، شدد الملك على أن "البطالة مشكلة تقض مضاجع المواطنين، ولا بد من إيجاد الحل المناسب، ولو أدى الأمر إلى إعادة النظر في خدمة العلم ضمن أطر جيدة وتحت شعار "خدمة الوطن"، بالتعاون مع القوات المسلحة". وألزم قانون خدمة العلم الذي طبق عام 1976، الأردنيين بالانتساب إلى الجيش سنتين، قبل أن يُجمّد العمل به عام 1991، وقال مسؤولون ل"الحياة" إن الحكومة ستطرح "مشروعاً للخدمة المدنية بدلاً من الخدمة العسكرية للمساهمة في تخفيف حدة البطالة" التي تزيد نسبتها على 16 في المئة. إلى ذلك، أكد العاهل الأردني أن "التطورات الاجتماعية والاقتصادية والديموقراطية التي تشهدها البلاد، تستدعي وضع خطة للوعظ والإرشاد الديني تأخذ في الاعتبار المتغيرات الجديدة، وتظهر سماحة الدين الإسلامي وصورته النقية البعيدة عن الفهم المغلوط، وتؤكد أن المسلمين والإسلام ليسوا مسؤولين عن سوء الفهم، سواء عن قصد أو عن جهل". ودعا الواعظين في المساجد إلى "نبذ الخطابة المثيرة". وتعين وزارة الأوقاف الإسلامية في الأردن خطباء المساجد، واستبعدت في السنوات الماضية قادة جماعة "الإخوان المسلمين" عن إلقاء الدروس الدينية، بموجب قانون أصدرته الحكومة بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، يحظر تسييس الوعظ والإرشاد. وطالب الملك خطباء المساجد ب"بذل كل ما في إمكانهم لشرح جوهر الإسلام السمح والمتسامح مع جميع البشر والأديان، وتعزيز الوسطية في النهج والاعتدال في الفكر والتوازن في السلوك والتصرفات وردود الفعل والإقلاع عن أحادية الأسلوب والمنهج التي تسيطر على الوعظ والتثقيف، وقبول التنوع في الفكر والتفاعل مع الرأي المخالف". وقال الأمين العام لحزب "جبهة العمل الإسلامي" المظلة السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" الأردنية حمزة منصور ل"الحياة" إن "أي خطة للوعظ والإرشاد ينبغي أن تتوخى الارتقاء بهذه المهمة، وانتقاء مؤهلين لها من خيرة العلماء والدعاة، من دون استثناء أصحاب التوجهات السياسية". وأشار إلى أن "منع خطباء الحركة الإسلامية المسيسة من اعتلاء المنابر وإلقاء الدروس في المساجد تشكّل استفزازاً للذين يريدون الوقوف على رأي العلماء إزاء الأحداث السياسية في البلاد العربية والإسلامية". وزاد ان حزبه "طالب الحكومة مرات بالسماح للرموز الإسلامية بالخطابة في المساجد، لكننا منذ أكثر من ثلاث سنوات ما زلنا ننتظر تنفيذ الوعود". وأمل بأن "يكون تطوير الوعظ والإرشاد لمصلحة إطلاق الحريات والانفتاح، وليس من أجل منح غير المؤهلين فرصة للحديث في شؤون المسلمين وقضاياهم".