تعريف منطقة أبيي بأنها منطقة مشايخ نقوك التسعة الذين ألحقوا بكردفان، في عام 1905، وان المسيرية والرحل الآخرين لهم حقهم التقليدي في رعاية الماشية والحركة عبر منطقة أبيي. يلغي الوطن الواحد، ويلغي كذلك حق المواطنة المكتسب في المنطقة منذ مئات السنين للمسيرية وغيرهم. أعطى الاتفاق سكان أبيي، وهم بحسب التعريف السابق الدينكا، حق المواطنة في المدة الانتقالية غرب كردفان، وأغلب سكانها عرب مسيرية وحمر، بينما حرم المسيرية حقهم في المواطنة في أبيي وهي جزء من كردفان، منذ مئة عام والمسيرية فيها منذ ثلاثة قرون. أبيي ستدار بواسطة مجلس تنفيذي يختاره مواطنوها. ومن المؤكد ان هذا سيحرم المسيرية من المشاركة في مجلس هذه المنطقة. فهم لا يحق لهم ان يدلوا برأيهم بعلاقاتها الادارية الخاصة مع الشمال، أو بحر الغزال. ويمكننا ان نلاحظ شطارة الأميركان في هذه السياقة: "علاقة خاصة مع الشمال وجزء من بحر الغزال"، لكي يتأكد الأميركان من ان حكومة السودان التي يعرفون ان همها الأول هو البقاء في السلطة حتى اذا شاركها فيها الشيطان، تنازلت تماماً عن أبيي للجنوب، جاء في الفقرة 1-4 ان الخط الفاصل بين الشمال والجنوب في كانون الثاني يناير 1956 محافظ عليه، ما عدا في أبيي. وهذه الفقرة جاءت لتوضيح ضم أبيي للجنوب في صورة لا لبس فيها. مع ان تعريف منطقة أبيي بأنها منطقة الدينكا التي ألحقت بالشمال عام 1905 يوضح، ويبين ان المنطقة التي اضيفت الى الشمال في ذلك العام معروفة تماماً للذين وقعوا الاتفاق. ولكن تكوين لجنة لتحديد الحدود يدل بغير ذلك، ويجعلنا نشك في نوايا وأطماع الذين اخذوا كل ما يريدونه بقوة السلاح. ونتساءل: أين تضع اللجنة خط الحدود؟ هل هو شمال أو جنوب مدينة المجلد؟ وهل حقنا التقليدي في رعاية الماشية عبر منطقة أبيي سيكون محفوظاً بعد انفصال الجنوب؟ ويبدو لي ان دار المسيرية المعروفة للسودانيين وغيرهم منذ قرون ستقسم ارضها: جزء منها سيذهب الى جبال النوبة التي قررت القيادة فيها، في مؤتمرها الذي انعقد في تيما وحضره 12111 شخصاً، منهم قيادات كبيرة في الحركة الشعبية وأبناء الجبال، ان غير النوبة غير مرغوب فيهم في جبال النوبة، وبقية الأرض ستكون من نصيب دينكا نقوك. في اعتقادنا ان هذه الاتفاقية تجاهلت تماماً وجود المسيرية في هذه المنطقة. ويعرف الجميع ان المنطقة من تشاد الى النيل الأبيض تسكنها قبائل تشترك مع المسيرية في الجذور والمصالح، ولا ترضيها الحلول التي لا تراعي مصالحها. مكة المكرّمة - جبريل حسن أحمد سوداني مقيم