ناقشت الشاعرة الناقدة التشكيلية في جريدة "الحياة" مهى سلطان أطروحة دكتوراه في جامعة الروح القدس - الكسليك، وهي بعنوان "الجيل الأول من رواد الفن التشكيلي في لبنان: القرم وسرور والصليبي". أشرف على الأطروحة أعضاء لجنة المناقشة الأب كرم رزق رئيس جامعة الروح القدس، وترأس اللجنة عميد معهد التاريخ طانيوس نجيم، وشارك كقارئ أول عبدالله الملاح، وكقارئ ثان أليكسي مكرزل عميد معهد الفنون الجميلة. ونالت الباحثة درجة جيد جداً بعلامة 17/20. تتألف الأطروحة من مجلدين، واستغرق العمل عليها، خمس سنوات بحثاً ودراسة وتحليلاً. تضم بين دفتيها ما يقارب 390 لوحة من نتاج جيل الفنانين الرواد، وهي تنتمي الى 160 مجموعة خاصة. وتسد ثغرة كبيرة في الحياة الثقافية اللبنانية، ناجمة عن عدم وجود متحف وطني للفن المعاصر، يجمع شتات الذاكرة التشكيلية المبعثرة والمجهولة أحياناً. تتحدث الأطروحة عن الجيل الأول من رواد الفن التشكيلي في لبنان، خلال الحقبة الممتدة بين 1870 و1938. وقدمتها الباحثة بلمحة موجزة عن تأثيرات الحقبة العثمانية على أعمال الفنانين العصاميين من رسامي المدرسة البحرية مصوري الوجوه. ومن هذه المقدمة انتقلت الى تحليل بعض ملامح الفنون الدينية التي تركت بصمات واضحة على بدايات داود القرم 1852 - 1930 وهو أول فنان لبناني يتوجه الى روما عام 1874 لدراسة فن النهضة الإيطالية. وتكشف الباحثة للمرة الأولى عن بقايا محترف هذا الفنان، علاوة على رسائله ومحفوظاته الخاصة، وتغوص في تحليل أعماله الدينية والمدنية، لتنتقل الى دراسة أعمال الفنان حبيب سرور 1863 - 1938 في مراحله وتحولاته وغزارة موضوعاته، وصولاً الى فن خليل الصليبي 1870 - 1928، الذي يعتبر الممهد الفعلي للمدرسة الانطباعية في الفن اللبناني. داود القرم وحبيب سرور وخليل الصليبي ثلاثة رواد كبار، أيقظوا في العيون نور الجمال، فأسسوا أولى اللبنات لنهضة الفن التشكيلي في لبنان بوجهيه الديني والمدني. ومن محترفاتهم خرج الجيل الثاني من الفنانين الذين دعوا بالانطباعيين مصطفى فروخ وقيصر الجميل وعمر الأنسي وصليبا الدويهي وسواهم. وان كان جل ما انتجوه هو صور الوجوه، فهذه الصور هي شهادات حية على التحولات الاجتماعية والحياتية التي رسمت المسار الانتقالي، من زمن المتصرفية الى مرحلة الانتداب الفرنسي وصولاً الى أعتاب الاستقلال. وفي هذا المضمار، استطاع هؤلاء الرواد الثلاثة أن يغرسوا الملامح الأولى، لفن وطني أصيل، حمل مزايا جمالية راقية هي من المآثر التي تفاخر بها الأجيال الفنية في لبنان.