بيروت - "الحياة" - من رواد النهضة الفنية في لبنان، اختارت مهى عزيزة سلطان الفنان حبيب سرور 1863 - 1938 موضوعاً لرسالتها التي أعدتها بإشراف الأب د. كرم رزق، لنيل شهادة دبلوم دراسات معمقة في الآثار وتاريخ الفن من معهد التاريخ كلية الآداب في جامعة الروح القدس - الكسليك لبنان. جمعت الرسالة شتات ذاكرة الفنان، تلك الذاكرة التي طالما كانت مفقودة ومنسية، وذلك من خلال البحث عن انتاجه الفني المتنوع المراحل والمواضيع والتقنيات، ومن ثم دراسته وتحليله. وقد تم حصر ما يفوق 150 لوحة زيتيات وباستيل هي من مقتنيات 46 مجموعة خاصة تعود الى مؤسسات رسمية ودينية وروحية وعائلات لبنانية وتجار فن وأصحاب غاليريات، فضلاً عن المجموعات الخاصة بعائلة الرسام وأنسبائه. عكفت الدراسة وهي تقع في تسعة فصول على التحقيق في انتاج الفنان الذي استغرق جمعه عاماً ونيفاً. واعتمدت أسلوب المقارنة والتحليل لمعرفة التغييرات التي رافقت مراحله الفنية، وذلك على ضوء المعلومات التي تم العثور عليها في المكتبات والأرشيفات الخاصة، ومن قصاصات الصحف والمجلات التي تعود الى أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. ولعل من أبرز الانجازات التي قدمتها الباحثة، هي أنها كشفت للمرة الأولى غلالة الإبهام التي كانت تحيط بحياة حبيب سرور الخاصة، ولا سيما انها تقاطعت بين لبنان وايطاليا ومصر. ورافقتها خفايا وأسرار وتقلبات عاشها الفنان ما بين زمن المتصرفية والانتداب الفرنسي، ما انعكس على مساره الفني، لذلك هو يعتبر بحق شاهد عصره. وحبيب سرور هو مصوّر وجوه بلا منازع. معلم ومجدد في الكلاسيكية. أسس دعائم النهضة الفنية في لبنان - التي بدأت أولى خطواتها مع داوود القرم 1852 - 1930 - على مبادئ الجمال والعطاء وحب الأرض والانسان. لبى طلبات النخبة البرجوازية اللبنانية في سعيها لتخليد ذكراها وذكرى أحبائها. جمع بين الفن الديني والفن المدني، آمن بهما كضفتي حياة. أطلق موضوع الطبيعة الصامتة على نطاق واسع. جاهر برسم المرأة العارية. استوقفته طويلاً وجوه البدويات والفلاحين البسطاء ومظاهر الورع في وجوه الكهنة والرهبان. جالت ريشته في القرى والأرياف فقطفت منها حلاوة الأمكنة ورحابتها. فتح قلبه قبل محترفه لطلاب الفن. فاكتشف موهبة جبران خليل جبران 1883 - 1931. تتلمذ عليه جيل من الفنانين الذين أُطلق عليهم تسمية الجيل الانطباعي. فكان من ألمع تلاميذه مصطفى فرّوخ 1901 - 1957 وصليبا الدويهي 1912 - 1994 ورشيد وهبي 1917 - 1993 وسواهم