ستتزين بلاد المغرب العربي خلال الصيف بفتيات آتيات من أوروبا، وستزيد الأطماع بين أبناء الجيران لعقد صفقات بين الكبار، لا تأخذ في الاعتبار رأي الصبايا. وتغرف ظاهرة الزواج القسري وقود استمرارها من بعض العادات والتقاليد ويتم تمريرها بتفاسير مغلوطة للدين. يخطئ من يظن أن الفتيات العربيات المقيمات في أوروبا لا يتعرضن للإكراه من عائلاتهن عندما يتعلق الأمر باختيار شريك الحياة. وقد صدر قبل شهرين تقريباً كتاب تضمن شهادة فتاة من أصول عربية تدعى ليلى، تروي فيه معاناتها مع زوجها الذي اختاره لها والدها. وبحسب ما روته ليلى، كانت تعيش حياة عادية ليست مختلفة كثيراً عن حياة رفيقاتها الفرنسيات، باستثناء بعض الرقابة على حركاتها بعد التحاقها بالمدرسة الثانوية. لكنها ستغرق في الجحيم بمجرد أن حل احد أبناء عمومتها ضيفاً على العائلة، آتياً من بلدها الأصلي. وكانت قبل ذلك قبلت على مضض تقديم الشاي لعائلة هذا الضيف بمناسبة العطلة الصيفية في "البلد". وكانت مراسم تقديم الشاي تعني أن العائلة موافقة على زواج ليلى من شاب لم يكن، بحسبها، مهتماً برأيها في الموضوع، بقدر ما كان يفكر في تحقيق حلمه المتمثل بالهجرة إلى فرنسا، بالاعتماد على هذا الزواج الذي تصفه ليلى بأنه صفقة للحصول على وثائق للإقامة شرعياً على التراب الفرنسي. وتغوص ليلى في سرد تفاصيل الاحتفال بالزواج، ثم انفصالها عن ابن عمها، وكيف تنكرت لها العائلة، باستثناء الأم، وهي تعيش الآن في مدينة مرسيليا في الجنوب الفرنسي. وتأسست جمعيات مختلفة في فرنسا للدفاع عن حقوق المهاجرات اللواتي تعرضن للزواج القسري. ومنها جمعية "نساء 2000" التي تعقد ندوات كثيرة في الأحياء التي تقطنها غالبية عربية ومسلمة. وتقول نجية إنها رافقت عائلتها إلى الجزائر الصيف الماضي، مثلما جرت العادة كل عام، وهناك شاهدت ان هناك تحضيرات لإقامة وليمة ما. لكنها أصيبت بالإغماء عندما اخبرها والدها أنها هي التي ستتزوج من احد الشبان القاطنين في المدينة نفسها. نجية استطاعت أن تفك أسرها وعادت إلى فرنسا، لكن نوال ما زالت في سجنها كما تقول والدتها أم الخير، وقد لا تغادره أبداً، بعدما لجأ والدها إلى حرق جواز سفرها، وبقيت كل الرسائل التي بعثت بها إلى السفارة الفرنسية في الجزائر، من دون رد، خصوصاً انها كانت تعيش في فرنسا بوثائق جزائرية، ولم تحصل على الجنسية الفرنسية. كما تستقبل الموظفات في جمعية "نساء2000" فتيات غير عربيات من كردستان العراق وتركيا ومن إفريقيا السوداء، مثل فاطيماتو المالية، التي اكتشفت ان هناك مخططاً لتزويجها من احد الماليين المرفهين، الذي يرغب في الاستقرار في فرنسا. وقد تم تقديم كل المعلومات لها لمساعدتها في النجاة من هذا الفخ. لكن فاطيماتو رفضت ان تبلّغ الشرطة، كي تحمي والدها من الملاحقة القضائية، لكنها باشرت الإجراءات للحصول على مسكن موقت للاستقلال عن عائلتها. وتصر نجوى على القول ان الغالبية من ضحايا هذه الظاهرة يعانين في صمت، خصوصاً إذا كانت المرأة غير مستقلة عن زوجها من الناحية المالية. كما نُشرت معلومات رسمية تتحدث عن إمكان ان تكون حوالى 300 ألف مغتربة ضحية لهذه الآفة الاجتماعية، على مستوى فرنسا كلها. واعتمدت هذه الإحصاءات على تقارير المؤسسات والأطباء و"المساعدات الاجتماعية".