اخذت تداعيات استقالة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية جورج تينيت منحى مثيراً امس عندما لمحت عضوة مجلس الشيوخ الاميركي هيلاري كلينتون الى ان مؤيدي رئيس "المؤتمر الوطني العراقي" احمد الجلبي داخل ادارة الرئيس جورج بوش "مسؤولون" عن اطاحة مدير الاستخبارات. وقالت كلينتون انها "صعقت" بتوقيت استقالة تينيت "بعد تفاقم الجدل الذي اثير حول الجلبي واتهامه وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي بأنها وراء متاعبه". واضافت ان "كثيرين من انصار الجلبي لا يزالون في اعلى المناصب في الادارة". الى ذلك، استغل المرشح الديموقراطي الى الانتخابات الرئاسية جون كيري استقالة تينيت ليدعو بوش الى تحمل نتائج الاخطاء التي ارتكبتها ادارته، وعدم الاكتفاء بتحميل تينيت كل المسؤولية. وافادت صحيفة "نيويورك تايمز" امس ان تقريراً سرياً لمجلس الشيوخ الاميركي ينتقد بشدة عمل وكالة الاستخبارات بشأن العراق قد يكون عجّل باستقالة مديرها تينيت. وقالت ان التقرير الواقع في 400 صفحة ينتقد خصوصاً معلومات "سي آي اي" عن اسلحة الدمار الشامل العراقية. ونسبت الى مسؤولين اطلعوا على التقرير الذي ستنشر نسخة منه قبل نهاية الشهر انه ينتقد "الوكالة" في مجالات عدة مثل الجمع غير الكامل للمعلومات والتحليل المنقوص ومصادر غير موثوق بها. ومن الواضح ان تينيت اراد باستقالته ان "يقفز من المركب" قبل اغراقه بهذا التقرير، والسؤال الذي طرح في واشنطن امس هو: هل قفز أم أن أحداً دفعه؟ ورجح المراقبون أنه قفز فعلاً لكن أياً من الآخرين لم يحاول ثنيه عن ذلك. وفي لندن نفى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان يكون تينيت استقال بسبب اخفاقات الجهاز الاستخباراتي المتعلقة بهجمات 11 ايلول سبتمبر والحرب على العراق، مشدداً على "الاسباب الشخصية" للاستقالة، كما أعلن الرئيس الاميركي جورج بوش، قائلاً: "لقد قال ذلك بشكل واضح جداً جداً". أما في موسكو فربطت الصحافة الروسية الاستقالة بضعف عمل الوكالة في الملف العراقي والانتخابات الرئاسية المرتقبة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل فيما امتنعت اجهزة الاستخبارات الروسية عن الادلاء بأي تعليق. وكان الجلبي حمّل تينيت مسؤولية قرار اقتحام مقره ومنزله في بغداد ومصادرة وثائق واجهزة كومبيوتر قبل اسبوعين. كما اتهمه بإعطاء معلومات غير صحيحة الى وسائل الاعلام الاميركية عن تمريره معلومات استخبارية سرية الى ايران. وتحدى الجلبي تينيت بأن يواجهه امام الكونغرس لتبيان الحقائق في تلك الاتهامات. وتعرض الجلبي، الذي يحظى بدعم البنتاغون ونائب الرئيس ديك تشيني، لاتهامات بأنه نقل الى الادارة معلومات استخبارية خاطئة عن برنامج اسلحة الدمار الشامل في العراق لإقناع واشنطن بشن حرب لإطاحة النظام العراقي.