كلف الجنرال بول كيرن الاشراف على التحقيق في فضيحة تعذيب السجناء العراقيين في "ابو غريب" في حين شدد وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد على ان الولاياتالمتحدة "لا تشارك في التعذيب كسياسة"، منتقداً تغطية وسائل الاعلام لهذه القضية، ومتهماً اياها ب"التضخيم". وفشلت مساعٍ بذلها الديموقراطيون لدفع اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الى التصويت على قرار يلزم وزير العدل جون آشكروفت بتسليم الكونغرس وثيقة "تبرر" اشكالاً من التعذيب لمكافحة الإرهاب. أعلن سلاح البر الاميركي ان احد كبار ضباط الجيش الاميركي الجنرال بول كيرن، كلف الاشراف على التحقيق في عمليات التعذيب التي مارسها جنود اميركيون بحق معتقلين عراقيين في سجن "ابو غريب". وعين الجنرال كيرن بدلاً من قائد القوة المتعددة الجنسية في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز في مهمة التحقيق. وأفاد بيان انه سيشرف على تقصي الاتهامات بسوء معاملة المعتقلين الموجهة الى افراد اللواء 205 في الاستخبارات العسكرية. وأمر سانشيز بالتحقيق بعد تقرير للجنرال انطونيو تاغوبا الذي اكد ان عسكريين في الاستخبارات دفعوا حراس السجن الى "تحضير" المعتقلين العراقيين للاستجواب. ويجري التحقيق في القضية الجنرال دورج فاي مسؤول الاستخبارات في سلاح البر. وكان سانشيز طلب عدم الاشراف على التحقيق بعدما اشير الى دور له في القضية، ما سيسمح للمحققين باستجوابه. إلى ذلك اعلن الوزير دونالد رامسفيلد في وقت متقدم ليل الخميس ان الولاياتالمتحدة لا "تشارك في التعذيب كسياسة" وانه لا يعلم بوجود اي مسؤول بارز انحرف عن مبدأ معاملة السجناء على نحو انساني. وظهرت الاسبوع الماضي مذكرات كان نشرها محظوراً جادل فيها محامون من الادارة الاميركية بأن الرئيس جورج بوش لا يتقيد بالقوانين الدولية والاميركية المناهضة للتعذيب واعترضوا على ان بعض الاعمال "القاسية وغير الانسانية او المذلة" قد لا يرقى الى مستوى التعذيب. وانتقد رامسفيلد تغطية وسائل الاعلام للقضية. وقال في افادة امام البنتاغون ان "هناك ايحاء بأن حكومة الولاياتالمتحدة تشارك في التعذيب كسياسة، وهذا ليس صحيحاً". وزاد: "الرئيس قال ان الناس سيعاملون على نحو انساني وكانت هذه هي الاوامر". واعتبر أن تغطية وسائل الاعلام "تضخم" قضية التعذيب، مشيراً الى انها قد تربك القوات الاميركية وتعطي الناس في بلاد مثل العراق وافغانستان "انطباعاً غير دقيق" والاعداء الذين يعتقلون اميركيين في المستقبل "مبرراً لتعذيب افرادنا". وتخضع معاملة السجناء بما في ذلك سبل الاستجواب للتحقيق بعد فضيحة التعذيب في سجن "ابو غريب"، وقال مسؤولون في البنتاغون ان القوات الاميركية سمح لها في بعض الحالات باستخدام تقنيات استجواب تختلف عن المعايير الاميركية العسكرية. وأشار رامسفيلد الى وجود عدد من التحقيقات في شأن طريقة احتجاز السجناء واستجوابهم "ولكن لديّ ثقة كبيرة بأنني لم أرَ أي شيء يوحي بأن هناك مسؤولاً أميركياً عسكرياً أو مدنياً كبيراً تصرف بطريقة غير متوافقة مع طلب الرئيس بأن يعامل كل شخص على نحو انساني". وتابع ان المسؤولين الاميركيين لم يشتركوا في عمل "يمكن وصفه بأنه أمر بالتعذيب او اقراره او اعمال ليست متوافقة مع التزامنا المعاهدات الدولية او قوانيننا وقيمنا". وخلصت مذكرة كتبها محامون من الادارة وقدموها لرامسفيلد في آذار مارس 2003 الى ان بوش باعتباره القائد العام للجيش لم يتقيد بعمليات الحظر على التعذيب التي يكفلها القانون الاميركي والمعاهدات الدولية وفقاً ل"سلطة الرئيس الكاملة على ادارة الحرب" وبينها عمليات الاستجواب. في غضون ذلك، حاول الديموقراطيون في الولاياتالمتحدة من دون جدوى دفع اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الى التصويت على قرار يلزم وزير العدل جون آشكروفت أن يسلم الكونغرس وثيقة تفيد وسائل الاعلام الاميركية انها تبرر بعض اشكال التعذيب في اطار مكافحة الارهاب. وأوضح السناتور باتريك ليهي الذي اقترح منح اللجنة سلطة ارغام آشكروفت على تسليم الوثيقة قبل التصويت، ان الادارة لن تسلم الكونغرس طوعاً وثائق مربكة او يمكن ان تدينها. وتابع ليهي ان "اخفاء هذه الوثائق مؤشر اكيد إلى محاولة اخفاء شيء ما". ورأى الجمهوريون ان التفويض الذي طلبه الديموقراطيون فضفاض جداً، مؤكدين ان ادارة بوش وعدتهم بالتعاون في هذه القضية. واعترفوا ايضا بأن على البيت الابيض ان يعطي مزيداً من المعلومات حول السياسة التي ساهمت في افساح المجال امام عمليات التعذيب في سجن "أبو غريب". وقال رئيس اللجنة القضائية السناتور اورين هاتش ان آشكروفت ابلغه انه لا يملك سلطة تسليم الوثيقة الى الكونغرس، لكنه سيتحدث الى البيت الابيض. والوثيقة هي ذاتها المذكرة التي طلبها غونزاليس رداً على اسئلة من وكالة الاستخبارات المركزية في شأن القواعد التي يجب اتباعها في عمليات الاستجواب. وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" ان الوثيقة التي تقع في 56 صفحة ترى ان القوانين الدولية المناهضة للتعذيب "يمكن ان تكون غير دستورية اذا طبقت في عمليات الاستجواب" التي تجري في اطار "الحرب على الارهاب".