"حان الوقت لتفتتحوا ابوابكم للاستثمار في سورية... الوقت يسير ضدكم"تلك كانت نصيحة احد الخبراء الاجانب للمسؤولين السوريين المعنيين بالاستثمار في لقاء جمعهم على مدى ثلاثة ايام بحضور مستثمرين اجانب من دول الاتحاد الاوروبي و"شبكة وكالات تشجيع الاستثمار في دول حوض المتوسط"انيما لمناقشة كيفية تشجيع الاستثمار في سورية. وجاء في نصيحة اخرى قدمها مغترب سوري شارك في اللقاء"ليس على سورية ان تنتظر لتكون البلد الآخير في العالم الذي يفتح ابوابه"منتقداً"لغة مسؤوليها التي لا تزال تتمحور حول السين والسوف". واجمل المستثمرون المشاركون في اللقاء مشاكل الاستثمار في سورية بنقاط عدة تتمحور حول غياب الحماية القانونية للمستثمر مؤكدين ان قانون الاستثمار رقم 10 لا يعطي الحماية الكافية التي تشجع المستثمرين على القدوم، وعدم وجود سوق اوراق مالية، علماً ان سورية احدى الدول العربية الست التي لا توجد فيها سوق للاوراق المالية حتى الآن، وهي جيبوتي والصومال وليبيا وموريتانيا واليمن، وعدم قابلية العملة السورية للتحويل رسمياً وذلك فيما يتعلق بتحويل الارباح المحققة للمستثمرين العرب والاجانب، والتأخر في انجاز واستكمال المدن الصناعية، وضعف التمويل المصرفي، وطول اجراءات التقاضي والفصل وعدم وجود قضاء مستقل، والبيروقراطية والفساد والافتقار الى خارطة استثمارية ومكاتب خدمات وارشاد وترويج استثمار داخليا وخارجيا، وعدم وضوح التوجهات والسياسات الاقتصادية الرسمية المعلنة للمرحلة المقبلة، وتفوق المغريات والحوافز التي تقدمها البلدان الاخرى على ما هو متاح حاليا في سورية اضافة الى الاوضاع الاقليمية السائدة وقانون محاسبة سورية. وتميز اللقاء بالصراحة من قبل الجانبين مسؤولين ومستثمرين اذ حدد وزير الصناعة محمد صافي ابو دان التحديات التي تواجه الصناعة المحلية بثلاثة مجالات اولها: اعادة تأهيل قسم من المنشآت الصناعية القائمة ليصمد امام المنافسة اثر الانفتاح التجاري الذي اعتمدته سورية من خلال مناطق التجارة الحرة في الاطار العربي ومع الاتحاد الاوروبي، وثانيها زيادة مساهمة الصناعة التحويلية في اجمالي الناتج المحلي من اقل من 10 في المئة الى نحو 20 في المئة خلال فترة ترواح بين 8 و10 سنوات، وثالثها دعم النسيج الصناعي السوري وتطويره سواء بالاستغلال الامثل للمزايا المقارنة التي يتمتع بها كاستكمال السلسلة التكنولوجية للقطن لانتاج الالبسة الجاهزة مع ما يعنيه ذلك من صناعة 140 الف طن من القطن المحلوج التي تصدر الآن الى غزول اقمشة وكذلك تحويل 70 الف طن من الغزول المصدرة الى اقمشة قطنية ايضا وبذا يكون اجمالي هذه الاقمشة التي يجب ان تتحول الى البسة جاهزة 200 الف طن سنوياً او بايجاد صناعات جديدة بمحتوى تكنولوجي ارفع وقيمة مضافة اعلى كصناعة المكونات الالكتروميكانيكية والالكترونية. واكد ابو دان ان مواجهة التحديات التي تفرض على الصناعة السورية تستلزم حجماً هائلاً من الاستثمارات المحلية والاستثمارات الخارجية التي يأتي بها المغتربون السوريون والعرب والاجانب، لافتاً الى أنه في حال توافر مناخ الاستثمار المناسب"يمكن للاستثمارات الوطنية ان تتالى وللاستثمارات الاجنبية ان تتدفق". وشدد على"ان النجاح في اجتذاب وتعبئة الاستثمار الداخلي شرط لا بديل منه في اجتذاب الاستثمارات الدولية". واعاد معاون وزير الصناعة فؤاد اللحام قسماً مهماً من الصعوبات والعقبات التي حالت دون تحقيق الاهداف المتوخاة من اصدار قانون تشجيع الاستثمار الى"الفهم المجتزأ لمفهوم مناخ الاستثمار الذي لايمكن حصره بصدور قانون او منح مزية او اعفاء". ورأى"ان مناخ الاستثمار اوسع واعقد من ذلك فهو يشمل النواحي الادارية كافة والتنظيمية والقانونية والتشريعية والسكانية والبنية التحتية والموارد الطبيعية والسياسة الاقتصادية". ولفت الى ان الجهات المعنية في سورية ادركت هذه الحقيقة بعد اعوام من التجربة وبدأت تعمل من اجل استكمال النواقص وسد الثغرات التي تحول دون اقدام المستثمرين المحليين والعرب والاجانب على سورية بالمستوى المأمول، منوهاً ب"القرارات التي اتخذتها سورية اخيراً لتشجيع الاستثمار ومنها تعديل سعر الصرف الرسمي وافساح المجال امام القطاع الخاص والمشترك في اقامة المشاريع التي كانت محصورة بالقطاع العام والانضمام الى المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار والغاء القانون رقم 24 الخاص بالتعامل بالعملة الاجنبية وافتتاح المصارف الخاصة". وفي قراءة لما حققه قانون الاستثمار رقم 10 وتعديلاته بعد ثلاثة عشر عاماً على صدوره تفيد الارقام:"بلغ عدد المشاريع الاستثمارية 3407 مشاريع كلفتها الاستثمارية 502.25 بليون ليرة سورية ستوفر في حال تشغيلها نحو 136.6 الف فرصة عمل". وبلغ متوسط عدد المشاريع المشملة سنوياً، بعد الغاء المشاريع الملغاة، 262 مشروعاً وتحتل مشاريع النقل المرتبة الاولى من حيث العدد بنسبة 64 في المئة لكنها لا تشكل الا 15.4 في المئة من اجمالي التكاليف الاستثمارية للمشاريع المشملة. بينما تحتل المشاريع الصناعية المرتبة الثانية من حيث العدد بنسبة 33 في المئة الا انها تستأثر بنسبة 78 في المئة من اجمالي التكاليف الاستثمارية للمشاريع المشملة بالقانون اذ يبلغ وسطي التكاليف الاستثمارية للمشروع الصناعي نحو 351 مليون ليرة سورية بينما يبلغ 267 مليوناً في المشاريع الزراعية و35.4 في المئة مليون في مشاريع النقل. وتلاحظ غلبة المشاريع الفردية وشركات الاشخاص على المشاريع المشملة ويبلغ مجموعها 3189 مؤسسة تشكل 94 في المئة من المشاريع المشملة في حين لم يتجاوز عدد شركات الاموال 218 شركة منها 77 شركة مساهمة وتركز هذه المشاريع في المدن الرئيسية. كما يلاحظ انخفاض عدد المشاريع المشملة التي تضم شركاء عرباً واجانب. وتحت عنوان"ماذا عن سورية"عقدت جلسة نقاش جماعية ترأسها الخبير الاوروبي فرانك افيس الذي طلب اقتراحات لزيادة الاستثمارات الى سورية. سان لوران وتمحورت اقتراحات مدير مكتب الاستثمار الدكتور مصطفى عبدالله الكفري حول امرين اولا الطلب من احد الخبراء المشاركين ونسبته الى سان لوران ان يدعو اقرباءه ايف سان لوران لفتح فروع في سورية بعدما شهدت افتتاح فروع لوكالات عالمية"بينيتون"و"ناف ناف"و"بيست مونتاين"وغيرها، اما اقتراحه الثاني فكان الطلب من الاوروبيين عقد ورشات عمل للمستثمرين الاوروبيين مع مؤسسات تشجيع الاستثمار العربية لايضاح مناخ وفرص الاستثمار في سورية. وكان الكفري اقر"ان سورية غير قادرة على اقامة انواع المشاريع وهي بحاجة الى استثمارات خارجية مباشرة"محملاً الاوضاع المتوترة في المنطقة"مسؤولية ضعف الاستثمارات في بلاده ومنطقة المتوسط". وقال الكفري ل"الحياة"ان قانون الاستثمار رقم 10 قيد التعديل مؤكداً"ان بلاده انتهجت سياسة واضحة لتشجيع الاستثمار المحلي والاجنبي ووفرت الفرص الاستثمارية والضمانات المناسبة". واشار رئيس بعثة المفوضية الاوروبية في دمشق فرانك هيسكه الى ان احدى المشاكل التي تواجه عمليا جميع الدول المتوسطية الشريكة هي محدودية الاستثمارات الخارجية المباشرة، موضحاً ان"منطقة المتوسط لم تتوصل الى الاستثمارات المباشرة التي تستحقها من قبل دول الاتحاد وان دول اوروبا الشرقية كانت اكثر جذبا للاستثمارات الخارجية المباشرة". يُشار الى ان التقرير الدولي للاستثمار المعد من قبل مؤتمر الاممالمتحدة عن التجارة والتطوير اوضح ان منطقة المتوسط وصلت الى ادنى مستوى لها عام 2002 التي كانت في ذلك العام 5.15 بليون يورو أي نصف الاستثمارات مقارنة مع عام 2001. لكن التقرير اشار الى ان الاستثمارات الخارجية المباشرة من قبل الاتحاد الى منطقة المتوسط ارتفعت قليلا في عام 2002 ووصلت الى 2.7 بليون يورو. واكد هيسكه ان اكثر المستثمرين نشاطاً في المنطقة هي شركات الاتحاد الاوروبي وينطبق ذلك على مصر ولبنان والمغرب وتونس وتركيا وسورية لافتاً الى ان المملكة المتحدة وهولندا وفرنسا تعتبر المزودين الاساسيين للاستثمارات الخارجية المباشرة في المنطقة. وحذر"ان المنافسة لاهوادة فيها وعلى الدول المتوسطية ان تتحسن بشكل ملحوظ مقارنة بالماضي من اجل الارتقاء بموقعها في هذا الصراع الدولي لتحصل على حصة اكبر من تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة"معتبراً"سوق سورية المكونة من 17 مليوناً مستهلكاً جديراً بالاهتمام"علماً ان المتوسط السنوي للاستثمارات الخارجية المباشرة الى سورية خارج قطاع النفط ارتفعت من 57 مليون يورو قبل قانون الاستثمار رقم 10 الى 138 مليون يورو بعد اطلاقه.