قلل رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الأميركي آلان غرينسبان من احتمالات ظهور ضغوط تضخمية حادة في السوق الأميركية في الفترة المقبلة في تأكيد جديد على أن رفع سعر فائدة الأموال الفيديرالية الفائدة الأميركية، التي يتوقع على نطاق واسع أن تأتي خطوتها الأولى في نهاية الشهر الجاري، سيكون"متدرجاً ومحسوباً". لكن غرينسبان، الذي أدلى بشهادة أمام لجنة الشؤون المصرفية في مجلس الشيوخ أول من أمس ضمن مراسيم اعادة ترشيحه لفترة رئاسية خامسة، شدد على أن لجنة السوق المعنية بالسياسة النقدية، خصوصا تحديد مستويات سعر الفائدة، لن تتردد في اتخاذ خطوات أكثر"هجومية"في حال تبين بأن توقعاتها في شأن التضخم ليست صحيحة. وقال ان"انطباعنا العام هو أن الضغوط التضخمية من غير المحتمل أن تكون مصدر قلق جدي في الفترة المقبلة وعليه فهناك احتمال كبير في أن تكون اجراءات السياسة النقدية التي سيتم اتخاذها في الفصول المقبلة، محسوبة". لكنه قال أيضا ان"التوقعات عرضة للخطأ وفي حال تكشف لنا بأن توقعاتنا لمسار الاقتصاد والتضخم جانبت الصواب فاننا سنغير حساباتنا". وأبرزت تصريحات غرينسبان، الذي يقود مجلس الاحتياط الفيديرالي منذ رشحه الرئيس الأسبق رونالد ريغان لهذا المنصب عام 1987 تباينا بين غالبية من المحللين تتوقع رفع سعر الفائدة بخطوات متتابعة وبمقدار لا يزيد على 25 نقطة أساس في كل مرة وبين اقتصاديين توقعوا زيادات كبيرة قد تصل احداها الى نصف نقطة مئوية. وتعتقد غالبية المحللين بأن زيادات بمقدار ربع نقطة مئوية ليست المقصودة بالخطوات"المحسوبة"وحسب بل تشكل الاحتمال الأقوى بعد تراجع أسعار المواد الأساسية وكذلك أسعار الطاقة، بالمقارنة مع مستوياتها القياسية في بداية الشهر الجاري، علاوة على اعلان وزارة العمل تطورات هزيلة في أهم مؤشرات التضخم وهي أسعار المستهلك الأساسية التي ارتفعت بنسبة 0.2 في المئة في أيار مايو الماضي. وسبق أن أكد صندوق النقد الدولي بأن رفع سعر الفائدة الأميركية تدريجاً يتيح للأسواق الدولية، سيما الناشئة، فرصة ثمينة للتأقلم لكن اقتصاديين لفتوا الى أن مؤشرات تضخمية كثيرة بدأت بالتشكل ومن شأنها أن تدفع بمجلس الاحتياط للتحرك بخطوات أسرع مما توحي به كلمة"محسوبة"متوقعين رفع سعر الفائدة الأميركية بمقدار 100 نقطة أساس في الفترة الباقية من السنة وبمقدار 125 نقطة أساس السنة المقبلة. وحذر اقتصاديون في منتدى الاقتصاد العالمي في نيويورك من التقليل من أهمية الضغوط التضخمية التي يمكن قراءتها في مجموعة من المؤشرات أهمها انتقال الاقتصاد الأميركي من مرحلة الانتعاش الى النمو القوي في النصف الأول من السنة واحتمال ارتفاع المعدل السنوي لنموه الى نحو 5 في المئة في النصف الثاني وكذلك تقلص نسب الطاقات الانتاجية المعطلة لدى الشركات الأميركية وارتفاع كلفة الوحدة الانتاجية في الآونة الأخيرة بسرعة أكبر مما كان متوقعا حتى في الشهر الماضي. وتركز توقعات المحللين والاقتصاديين على أن المصرف المركزي الأميركي سيبدأ بتعديل سياسته النقدية في الاجتماع الدوري الذي ستعقده لجنة السوق في 29 و30 من الشهر الجاري ما سيعني بأن الفائدة الأميركية، التي تعتبر مؤشراً مهماً لمجموعة كبيرة من أسعار الفائدة التجارية، ستكون بقيت سنة كاملة عند واحد في المئة و27 شهراً متواصلا دون مستوى 2 في المئة. ومن شأن انتقال المركزي الأميركي لتشديد سياسته النقدية أن يكشف عدداً من المجاهيل خصوصا مدى تأثر التدفقات الاستثمارية المقومة بالدولار الى الأسواق الناشئة وكذلك أسعار الأسهم وأسعار صرف الدولار بارتفاع كلفة الاقتراض كنتيجة محتملة لرفع سعر الفائدة بعد فترة طويلة من الجمود. ويعتقد كثير من المحللين أن أسواق المال تحسبت لخطوة من هذا النوع لكنه من السابق لأوانه الحديث عن التدفقات الاستثمارية وأسعار الصرف.