ربما ما يجعل كرة القدم لعبة شعبية ومميزة، هو عدم القدرة على توقع نتائج مبارياتها، أو معرفة هوية الفائز إلا بعد مرور 90 دقيقة، ومن هنا جاءت التكهنات والتوقعات بناء على تحليلات الفرق ولاعبيها وتاريخها وصولاً إلى اضيق الاحتمالات الممكنة حتى يمكن القول: أراهن على أن هذا الفريق سيكسب. وعشية انطلاق "يورو 2004"، ثاني أكبر مسابقة عالمية بعد كأس العالم، فإن الجماهير العربية ستأخذ مقاعدها إلى جانب الاوروبيين في تشجيع المنتخبات المشاركة. ولن تخلو منافسات الدور الأول من عدد من مباريات "الدربي" التي يسودها تاريخ مرير ومنافسات تقليدية حامية وثأرية، أبرزها وأشرسها بين هولنداوألمانيا، إلى جانب الدربي الإسكندنافي بين السويد والدنمرك، وأيضاً البرتغال ضد إسبانيا، ولكن أشوقها سيكون بين فرنسا وإنكلترا، إذ سيلعب هنري وبيريس وفييرا وويلتورد ضد زملائهم في أرسنال سول كامبل وآشلي كول، كما يواجه زيدان زميله في ريال مدريد بيكهام، فضلاً عن مواجهة سيلفستر وساها ضد سكولز والأخوين نيفيل وبات مانشستر يونايتد، ومكاليلي ودوسايي وغالاس ضد لامبارد وجو كول وجون تيري تشلسي. وعملياً، يمكن تقسيم حظوظ الفرق على مجموعات عدة: أولها مجموعة المنتخبات ذات الماضي والتاريخ، والتي تكون مرشحة لإحراز اللقب مهما كانت إمكانات لاعبيها، ومهما عانت من هزات وإخفاقات، وتضم ألمانياوإيطاليا. فألمانيا لم تعد بقوتها الماضية، ولا يبرز منها عالمياً سوى صانع ألعابها مايكل بالاك، لكن هذا الكلام قيل عنها قبل بدء نهائيات كأس العالم السابقة، ووصلت إلى المباراة النهائية. وكذلك الحال بالنسبة لإيطاليا التي تعتمد على طريقة 4-2-3-1 الدفاعية، والمواكبة لوتيرة اللعب في الأندية الإيطالية، ولكن نصيبيهما من الكعكة يبقى دائماً محفوظاً. والمجموعة الثانية، هي "الأبطال على الورق"، وتضم فرنساوهولندا اللتين من دون شك تضمان مجموعة من أفضل اللاعبين في العالم، ففرنسا لديها زيدان وهنري وتريزيغيه وفييرا وبيريس ومكاليلي، لكن خطها الدفاعي، ورغم أنه لم يسمح باستقبال مرماه أهدافاً طوال عام كامل إلا أن عامل السن في دوسايي 34 عاماً وليزارازو 34 عاماً وتورام 32 عاماً سيؤثر بالتأكيد على أدائهم في النهائيات وأمام مهاجمين أكثر مهارة ممن قابلوهم خلال مرحلة التصفيات. وللتذكير فإن غالبية التشكيلة الفرنسية الحالية هي نفسها التي خرجت من الدور الأول في المونديال السابق ضمن مجموعة عادية إن لم تكن ضعيفة. أما الهولنديون، فعدوهم الأول هو أنفسهم" فالفريق الذي يضم نيستلروي وكلايفرت ودافيدز وأوفرمارس، تجتاحهم الروح الانقسامية والعدائية دائماً خلال الاستعدادات للبطولات الكبيرة. وعادة ما ينقسم اللاعبون إلى معسكرين، الأول للبيض والثاني للسمر، لكنهم يبقون نجوماً لهم وزنهم، على رغم من أن المنتخب يمر بمرحلة انتقالية و"تغيير جلد"، لكن البدلاء دائماً جاهزون، فيبرز شنايدر 19 عاماً وفاندر فارت 21 عاماً وفاندر مايده 24 عاماً وروبن 20 عاماً. وهناك مجموعة الواعدين الخافقين، وهما إسبانيا والبرتغال، فالأول يعد دائماً بالكثير ويفاجئ نفسه ومشجعيه والمتابعين بإخفاق تلو الإخفاق، على رغم من وجود نجومه راؤول وموريينتس وفاليرون وباراخا والصاعد توريس، لكن شهرة أنديتهم ريال مدريد وبرشلونة وقوة الدوري الإسباني يعطيان انطباعاً مخادعاً لقدرة المنتخب الإسباني الحقيقية. أما البرتغاليون فسيكون الجمهور وعامل الأرض أكبر حافز لهم مثلما هما عاملا ضغط هدام. علماً بأن المدرب البرازيلي سكولاري يعرف شيئاً أو اثنين عما هو مطلوب للفوز ببطولة كبيرة بعدما قاد البرازيل للفوز بالمونديال السابق. أما أبناء مخترعي اللعبة، الإنكليز، فهم مؤهلون لأي من هذه المجموعات السابقة الذكر، فالتاريخ والماضي يدل على فوزهم بكأس العالم 1966، ويملكون من المواهب ما يكفي بيكهام وسكولز وأوين وروني وجيرارد، وهم أيضاً ممن يعدون بالكثير ويخفقون في قفز الحواجز الأخيرة من السباق. ولكن مشكلتهم الأولى هي الدفاع الذي يغيب عنه ريو فيردناند وساوثغيت وودغيت، فيما البديل جون تيري يعاني من إصابة يأمل المدرب إريكسون أن يتخلص منها قبل أن تشتد المنافسات. ولكن مع التركيز على مواهب بيكهام وأوين وسكولز، فإن القلب النابض ورابط خطوط الفريق هو ستيفن جيرارد، مع التوقع ببروز الصاعد واين روني 18 عاماً. وتأتي الآن مجموعة الأحصنة السوداء، وعادة ما تكون حصاناً واحداً، ولكن البدهي هو المنتخب التشيخي الذي تتعدد فيه المواهب أمثال نيدفيد وكولر وباروش وروسيكي وبوررسكي والحارس الواعد بتر تشيخ المنتقل حديثاً إلى تشلسي. والأهم أن نتائجه أمام الفرق الكبيرة دائماً إيجابية، مثلما كانوا مفاجأة يورو 1996 بوصولهم إلى المباراة النهائية. أما الحصان الأسود الثاني فهو الدنمرك الذي جاء من تحت الأنقاض ليفوز بيورو 1992 فيما اعتبر أكبر مفاجأة في تاريخ المسابقة. وتبرز مجموعة القادرين العاجزين، وهي المجموعة التي تستطيع منتخباتها الفوز على أي من الفرق الكبيرة لكنها عاجزة عن شد الأنفاس حتى النهاية، وتشمل السويد وروسيا وكرواتيا. وفي حين تتطلع بلغاريا واليونان وسويسرا إلى إحداث مفاجأة باقتناص نقطة أو أكثر في الدور الأول وحفظ ماء الوجه فإن المنتخب اللاتفي سيكون سعيداً ليسجل التاريخ مشاركته في النهائيات، وربما سيلعب دوراً كبيراً في تحديد هوية المتأهلين من المجموعة الرابعة باحتساب عدد الأهداف التي ستستقبلها شباكه. مكاتب المراهنات توقعت مكاتب المراهنات أن تكون "يورو 2004" أكبر مسابقة يقبل عليها المراهنون في تاريخ كرة القدم. وقدرت شركة "ويليام هيل" للمراهنات أن ينفق المراهنون نحو 250 مليون جنيه على توقعاتهم بنتائج المباريات، وبدأها مراهن بدفع 50 ألف جنيه متوقعاً فوز إسبانيا باللقب، فيما دفع مراهن آخر ألفي جنيه متوقعاً فوز إنكلترا على فرنسا في افتتاح المجموعة الثانية. لكن كل مكاتب المراهنات أجمعت على أن المرشح الأول هو فرنسا يليها إيطاليافالبرتغال وإنكلترا وهولنداوألمانيا ومن ثم إسبانيا.