عادت كرة القدم إلى دارها، شعار رفعه الاتحاد الإنكليزي وأحبه جمهورها واعتمده الاتحاد الأوروبي عندما قرر إقامة النهائيات للمرة الأولى عام 1996 في إنكلترا. وطلب الاتحاد الأوروبي من الدول المتقدمة لاستضافة البطولة اعتماد إقامتها بمضاعفة عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 16 منتخباً بدلاً من ثمانية. سارت البطولة نموذجية من يومها الأول وحتى نهايتها مع حضور جماهيري مكثف واحتفالات رائعة في المدرجات وروح رياضية في التشجيع لكل المنتخبات، ولكن الأمر المؤسف الوحيد في البطولة بالنسبة للإنكليز كان الخروج الباكر من نصف النهائي بركلات الترجيح أمام الألمان، وأكد الفائزون جدارتهم بإحراز اللقب وهزموا تشيخيا 2-1 في المباراة النهائية، وللمرة الأولى حسمت البطولة أو أي مسابقة عالمية كبرى بالهدف الذهبي الذي طبق وسط جدل طويل حول شرعيته وسلامته. للمرة الثالثة وبرقم قياسي كبير توج منتخب ألمانيا بطلاً لأوروبا، وظهر الألمان بتشكيلة جديدة مسحت صورتهم السيئة في نهائيات كأس العالم السابقة 1994، وسار المدرب بيرتي فوغتس على الدرب الذي سار عليه المدربون السابقون هيربرغر وشون وديرفال وبيكنباور بإحراز لقب عالمي أو أوروبي على الأقل. وضع قائد ألمانيا ماتياس سامر اسمه على كأس البطولة بحصوله على لقب نجمها الأول وتسلم كأسها من يدي الملكة إليزابيث الثانية وأخيراً بتتويجه بالكرة الذهبية لأحسن لاعب في أوروبا للعام 1996 وهو أول لاعب من ألمانياالشرقية ينال اللقب الذي احتكره أصحاب الأصول الألمانية الغربية باستمرار. التصفيات زاد عدد المنتخبات المشاركة ليصل إلى 48 منتخباً وزاد عدد المتأهلين إلى 15، وارتفع عدد المجموعات إلى 8 مجموعات ضمت 7 منها 6 منتخبات والأخيرة 5 منتخبات فقط، ونصت اللائحة على صعود الأول من كل مجموعة و6 منتخبات مباشرة من أصحاب المركز الثاني مع إقامة مباراة فاصلة في ملعب محايد بين المنتخبين الحاصلين على أقل ترتيب بين أصحاب المركز الثاني سواء في النقاط أو الأهداف. رومانياوفرنسا لعبا في المجموعة الأولى مع سلوفاكيا وبولندا وإسرائيل وأذربيجان، وظهرت ملامح المنتخب الفرنسي الذي نجح في الفوز في بوخارست على رومانيا 3-1 وسجل زيدان هدفاً، ولكن تعادلاتهم الكثيرة وبينها 4 سلبية أعطت رومانيا الصدارة بفارق نقطة واحدة. وباكتساح كبير تصدرت إسبانيا المجموعة الثانية برصيد 26 نقطة وهو رقم قياسي في التصفيات، وجاءت الدنمرك ثانية، واحتلت بلجيكا المركز الثالث. وتكرر التفوق في المجموعة الثالثة التي ضمت 5 منتخبات فقط، تصدرت سويسرا ثم تركيا، وسقطت السويد بنجومها إلى المركز الثالث بعد شهور قليلة من حصولها على برونزية المونديال. كما واجه منتخب إيطاليا ندية أكبر مما توقع من نظيره الكرواتي، ورغم تساويهما في رصيد النقاط في النهاية، إلا أن سوكير وزملاءه انتزعوا الصدارة من روبرتو باجيو ورفاقه. ولم يصدق أحد نهاية المجموعة الخامسة التي توقعها الجميع صدارة كاسحة لهولندا، ولكن تشيخيا أحرزت المركز الأول، واستفاد الهولنديون من فارق الأهداف واحتلوا المركز الثاني الذي كفل لهم مباراة فاصلة لاحقة مع آيرلندا. وتنزه البرتغاليون في المجموعة السادسة وتركوا آيرلندا والنمسا وآيرلندا الشمالية يتصارعون على المركز الثاني الذي كان من نصيب الآيرلنديين. أما ألمانيا فتوجت بطلة للمجموعة السابعة برصيد ضخم 25 نقطة وفرطت في تعادل واحد وهزيمة وحيدة من بلغاريا 2-3، وهو ما فتح الباب لبلغاريا لاحتلال المركز الثاني ولها 22 نقطة. وخاض منتخب روسيا مبارياته في المجموعة الثامنة وتصدرها برصيد 26 نقطة واصطحب اسكتلندا القوية ولها 23 نقطة، ولم يشفع لليونان 18 نقطة. النهائيات 16 منتخباً وصلت إلى النهائيات، القرعة قسمت على إيطالياوروسياوألمانيا وتشيخيا وأوقعتها في المجموعة الثالثة، وابتسمت للبرتغال والدنمرك وكرواتيا وتركيا أطراف المجموعة الرابعة، وهو الأمر الذي عكس صعود منتخب ألمانيا وتشيخيا معاً إلى المباراة النهائية بعد اجتيازهما لمجموعة الموت، وسقط أمامهما في ربع النهائي منتخبا البرتغالوكرواتيا متصدري المجموعة السهلة. 7 نقاط كانت رصيد المنتخب الفائز بصدارة المجموعات الأربع، الإنكليز أصحاب الملعب والجمهور تعثروا في مباراتهم الافتتاحية ضد سويسرا وتعادلوا 1-1 في ويمبلي أمام 77 ألفاً، ووجد الحكم الإسباني دياز فيفا الشجاعة لاحتساب ركلة جزاء لسويسرا قبل 8 دقائق من النهاية وتعادل منها توركيلماز بعدما تقدم ألان شيرر للمضيف. وتعادل الهولنديون والاسكتلنديون سلباً، ولم يقدم خوردي نجل الأسطورة يوهان كرويف شيئاً ورثه عن أبيه، ولكنه عاد وافتتح التسجيل لهولندا في مباراة اسكتلندا وفاز فريقه 2-صفر. وفي معركة الكرة البريطانية سجل المنتخب الإنكليزي فوزاً مهماً على الاسكتلندي 2-صفر سجلهما ألان شيرر وبول غاسكوين، وثانيهما قمة في الإبداع وأهدر قبله غاري ماكليستر ركلة جزاء لاسكتلندا احتسبها الإيطالي بايريتو وهي الثانية ضد إنكلترا في مباراتين. وتشكك الكثيرون في مباراة إنكلترا وهولندا الأخيرة لأن التعادل يكفل لهما التأهل معاً بغض النظر عن مباراة سويسرا واسكتلندا، وهي انتهت بفوز باهت 1-صفر لاسكتلندا. ووضح جلياً من البداية وجود خلافات بين لاعبي هولندا ما سمح للإنكليز بالتفوق والاختراق والتسجيل والفوز 4-1 والعجيب أن إنكلترا تقدمت 4-صفر وهو ما يعطي اسكتلندا فرصة التأهل على حساب هولندا بفارق الأهداف، ولكن الهولندي باتريك كلويفرت سجل هدفاً شرفياً لبلاده وكان سبباً في التفوق على اسكتلندا بعدما تساويا في النقاط. فرنسا تصدرت المجموعة الثانية وتبعتها إسبانيا ولها 5 نقاط ثم بلغاريا ولها 4 نقاط. منتخب إيطاليا افتتح المجموعة الثالثة بالفوز على روسيا 2-1 ولكنه سقط امام تشيخيا 1-2، وتصدر الالمان المجموعة بجدارة بفوزين كبيرين على تشيخيا 2-صفر وروسيا 3-صفر، وباتت مباراتهم الأخيرة ضد إيطاليا تحصيل حاصل. ولكن الإيطاليين كانوا يلعبون مباراة فاصلة والفوز هو الخيار الوحيد للتأهل، وامتلأ ملعب اولدترافورد في مانشستر عن آخره، وبادر الاكثر حماسة بالهجوم ونالوا ركلة جزاء مبكرة لمصلحة كازيراغي ضد الحارس كوبكة، ولكن الإيطالي زولا اهدرها، الامل الباقي للإيطاليين كان في فوز روسيا على تشيخيا، وهو ما اقترب جداً عندما تقدمت روسيا 3-2 حتى الدقيقة قبل الأخيرة وخلالها سجل سميتشي التعادل لتشيخيا وانتزع التأهل واحبط الإيطاليين. الدنمرك بطلة أوروبا لم تستحق التأهل في المجموعة الرابعة، واكتفت فقط بالفوز على تركيا الضعيفة التي خسرت كل مبارياتها. وتصدرت البرتغال مجموعتها قبل كرواتيا وهزمتها 3-صفر. ربع النهائي تحت شعار ركلات الترجيح صعدت فرنسا وإنكلترا، وشد المنتخب الألماني عن القاعدة وهزم كرواتيا 2-1 وتشيخيا فازت على البرتغال1-صفر. الإسبان أحرجوا الإنكليز وحرموهم من التسجيل عبر ساعتين من كرة القدم، وفي ركلات الترجيح فشل الأسباني هييرو مبكراً وسدد في العارضة، وفشل زميله المدافع نادال وأنقذها الحارس ديفيد سيمان وفازت إنكلترا 4-2. الفرنسيون وجهوا الشكر جزيلاً خلال مباراتهم ضد هولندا لحارسهم المتألق برنار لاما لانقاذاته المتتالية التي أنهت المباراة بالتعادل السلبي رغم الأداء المتدني للفرنسيين، وأكمل لامال تألقه في ركلات الترجيح وتصدى للركلة الهولندية الرابعة من سيدورف وفازت فرنسا 5-4. نصف النهائي العودة إلى ركلات الجزاء الترجيحية والفوز فيها 6-5 كان كلمة السر لمنتخبي ألمانيا وتشيخيا. الهنغاري شاندور بوهل حكم نهائي مونديال 1994 أدار باقتدار مباراة إنكلترا وألمانيا الملتهبة، وفي ربع الساعة الأول سجل سيرير وتعادل كونتز، ومرت 105 دقائق سلبية على الجانبين واحتكما للركلات، وسجل كلاهما كل ركلاته الخمسة الأولى، ودخل المدافع الإنكليزي غاريث ساوث غيت وأهدر ركلته وسجل اندرياس مولر وفازت ألمانيا وحزنت الجماهير على ضياع الكأس. وعجزت فرنسا عن إحراز هدف للمرة الثانية على التوالي وتعادلت سلباً مع تشيخيا، وفي ركلات الترجيح أهدر بيدروس الركلة السادسة وسجل كادليتش وخرج زين الدين زيدان وزملاؤه. المباراة النهائية ملعب ويمبلي في أجمل صورة رغم غياب المنتخب الإنكليزي، ومكاتب المراهنات ترفض قبول المراهنين لمصلحة ألمانيا الفرس القوي في النهائي ضد تشيخيا، وسبق لهما المواجهة في الدور الأول وفازت ألمانيا 2-صفر. الملكة اليزابيث الثانية في مقعدها الملكي في مقصورة الشرف في ملعب ويمبلي وبجوارها رئيس الوزراء البريطاني جون ميجور ورئيس الوزراء الألماني هيلموت كول والرئيس التشيخي فاكلاف هافيل ولفيف من كبار الشخصيات السياسية والرياضية والاجتماعية، وحولهم 73611 متفرجاً اكتظت بهم مدرجات ملعب ويمبلي الشهير في لندن. الرياح الباردة طافت بالملعب مساء 30 حزيران يونيو 1996 عندما تقدم الحكم الإيطالي بيير لويغي بايريتو إلى ارض الملعب ومعه الكرة وخلفه منتخبا ألمانيا وتشيخيا. افتتح الأهداف بيرغر من ركلة جزاء بعد 58 دقيقة، وسجل بيرهوف لألمانيا بعد 73 و 95 دقيقة.