في مؤتمر صحافي عقده فاروق الشرع، وزير الخارجية السوري، مع نظيره اللبناني جان عبيد، اعتبر الشرع أن وضع مسألة الاصلاحات الديموقراطية على جدول أعمال القمة، كأولوية، هو لحجب الأولويات الأساسية العربية، سواء فلسطين أم العراق. ثم عاد ليؤكد قوله لرئيس البرلمان البلجيكي، هيرمان دوكرو، فقال: ان أي أطر مطروحة، أو اقتراحات في شأن الاصلاح في المنطقة، لا نتوقع أن تتعامل الدول العربية معها بجدية إذا لم تضمن حلاً عادلاً وشاملاً للصراع العربي الاسرائيلي والقضية الفلسطينية. إذا كان لا بد من تصنيف لمشاكلنا ولقضايانا، وترتيبها بحسب الأولويات، فكل مشاكلنا أولويات أساسية، ولا يجوز القفز فوق واحدة، وحرق مراحلها لحل أخرى. كما لا يجوز الفصل بينها، فكل مشاكلنا عبارة عن حلقات متصلة تشكل في مجموعها سلسلة طويلة لا يجوز تأجيل حلولها. وإذا كانت قضيتا فلسطينوالعراق من الأولويات الأساسية، فحلهما بحسب قراءة الواقع الحالي مرتبط برزمة من الاصلاحات تشكل، في مجموعها، حلولاً متحدة متكاملة هي العصا السحرية لحل كل مشكلة من مشاكلنا المستعصية. وأولها قوة الإرادة. نعم! الارادة في التغيير، الارادة في الإصلاح، وعلى رأسه الاصلاح السياسي، ثم الاصلاح الاداري، وتغيير دوائره المترهلة، والإصلاح الاجتماعي، واستئصال أمراضه المزمنة، والاصلاح الاقتصادي، وتطوير وسائل الانتاج، والاصلاح التربوي، ابتداءً من دور الحضانة حتى الجامعة. كيف يمكنك أن تقطن بيتاً مع أسرة بين أم مريضة، وابن لا يملك ثمن دواء لعلاجها وابن عاطل عن العمل، وبنت نصف أميّة، من دون اصلاح هذا البيت؟ وإلا هبط على رأسك، ورأس الجميع، وأصبح أطلالاً. فما بالك إذا كان هذا البيت وطناً تسكنه أمة، لا بل أوطاناً تقيم فيها أمم؟ ثم أن الإصلاح ليس للمساومة على قضية، أو مسألة، أو مشكلة. فهو ليس سلعة للتبادل في الأسواق السياسية، وليس صفقة أو معاهدة تجارية تُعقد بين طرفين. كما أنه ليس رهينة ينتظر الافراج عنها من أجل قضية أو أخرى، مهما كانت أهميتها، لا بل يجب الافراج عنه كي لا يبقى معتقلاً الى الأبد. وبالافراج عنه يعني الافراج عن أمة كاملة متكاملة تعاني من الجهل والفقر والمرض والتخلف. ثم ان الإصلاح شأن داخلي لا يعني الغرب الأميركي، ولا الغرب الأوروبي، كما لا يعني مصالحه، بل يعنينا ويهمنا نحن العرب. فهو المفتاح الوحيد لفتح أبواب مستقبل الأجيال التي تأمل في غد مشرق نرجو أن لا يبقى حلماً. وإذا كان القيمون على الأنظمة العربية لم ينجحوا في تحقيق الاصلاح الذي تنشده الشعوب العربية، منذ عشرات السنين، فما عليهم الا ان يحذوا حذو محمد فريد حسنين، النائب في البرلمان المصري، عن دائرة طوخ في محافظة القليوبية شمال القاهرة، الذي استقال من منصبه كنائب، لأنه فشل في التخفيف من آلام المواطنين الذين يمثلهم، ويئس من استجابة الحكومة لدعاوى الإصلاح. فهل بقدَّم المسؤولون العرب، في مؤتمر القمة العربية المؤجل، استقالاتهم لأنهم فشلوا في تحقيق الاصلاح وتخفيف معاناة هذه الشعوب؟ ولن نتردد في قبولها لحظة! فرنسا - عادل محبوبة