بانسجام عالمي.. السعودية ملتقىً حيويًا لكل المقيمين فيها    محافظ الأحساء يستقبل الرئيس التنفيذي المعين لشركة مطارات القابضة    إيلون ماسك يحصل على "مفتاح البيت الأبيض" كيف سيستفيد من نفوذه؟    "ماونتن ڤيو " المصرية تدخل السوق العقاري السعودي بالشراكة مع "مايا العقارية ".. وتستعد لإطلاق أول مشاريعها في الرياض    "البحر الأحمر السينمائي الدولي" يكشف عن أفلام "روائع عربية" للعام 2024    أمانة الشرقية: إغلاق طريق الملك فهد الرئيسي بالاتجاهين وتحويل الحركة المرورية إلى الطريق المحلي    الطائرة الإغاثية السعودية ال 20 تصل إلى لبنان    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    مشاريع تنموية تنفذها بلدية شري لتعزيز العمل البلدي لعام 2024م    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    محافظ جدة يشرف أفراح آل بابلغوم وآل ناصر    «الإحصاء»: ارتفاع عدد ركاب السكك الحديدية 33% والنقل العام 176%    السعودية بصدد إطلاق مبادرة للذكاء الاصطناعي ب 100 مليار دولار    أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة على عدد من المناطق    هاريس تلقي خطاب هزيمتها وتحض على قبول النتائج    الذهب يقترب من أدنى مستوى في أكثر من 3 أسابيع    إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام بلدة اليامون    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    العام الثقافي السعودي الصيني 2025    الإعلام السعودي.. أدوار متقدمة    المريد ماذا يريد؟    هل يظهر سعود للمرة الثالثة في «الدوري الأوروبي» ؟    الإصابات تضرب مفاصل «الفرسان» قبل مواجهة ضمك    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    «البيئة» تحذّر من بيع مخططات على الأراضي الزراعية    ترمب.. صيّاد الفرص الضائعة!    القبض على مخالفين ومقيم روجوا 8.6 كيلو كوكايين في جدة    أربعينية قطّعت أمها أوصالاً ووضعتها على الشواية    ترمب.. ولاية ثانية مختلفة    صمت وحزن في معسكر هاريس.. وتبخر حلم الديمقراطيين    «الزكاة»: تنفيذ أكثر من 14 ألف زيارة تفتيش في 30 يوماً    «بنان».. سفير ثقافي لحِرف الأجداد    اللسان العربي في خطر    بقعة صحافة من تلك الأيام    الاتحاد يصطدم بالعروبة.. والشباب يتحدى الخلود    ربَّ ضارة نافعة.. الألم والإجهاد مفيدان لهذا السبب    الجلوس المطوّل.. خطر جديد على صحة جيل الألفية    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    الإصابة تغيب نيمار شهرين    التعاون يتغلب على ألتين أسير    الدراما والواقع    يتحدث بطلاقة    سيادة القانون ركيزة أساسية لازدهار الدول    التعاطي مع الواقع    درّاجات إسعافية تُنقذ حياة سبعيني    العين الإماراتي يقيل كريسبو    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    تقاعد وأنت بصحة جيدة    الأنشطة الرياضية «مضاد حيوي» ضد الجريمة    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    تطوير الشرقية تشارك في المنتدى الحضري العالمي    فلسفة الألم (2)    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخوخة ليست مرادفاً للعزلة كبار السن أمام إمتحان التقاعد
نشر في الحياة يوم 22 - 05 - 2004

إذا كان اكتئاب الشبان او الذين هم في منتصف اعمارهم يحدث نتيجة قلة الخيارات الحياتية المناسبة او تفاوت هذه الخيارات او الاضطرار لقبول انماط من العمل او العيش لا تكون مقنعة للذات وإمكاناتها الحقيقية او المتوهمة، فالحال تبدو مختلفة بالنسبة الى كبار السن الذين غالباً ما يكون اكتئابهم عائداً الى انعدام الخيارات لا الى تفاوتها. فكبار السن عادة يتعودون على طريقة محددة في العيش والعمل وتحقيق الأهداف ويصرفون اثناء ذلك الجزء الأكبر والأكثر طاقة وحيوية من اعمارهم ولذلك يصعب عليهم التكيّف والانسجام مع تقدمهم في العمر وبلوغهم سن التقاعد إذا كانوا موظفين، ويصعب عليهم ان يجدوا انفسهم على الهامش بينما كانوا طوال حياتهم محتلين المتن.
المصدر الأول للاكتئاب موجود في نفسية كبار السن انفسهم ومزاجهم، فأكثر هؤلاء يظنون ان تقدمهم في السن يعني، في الوقت نفسه، تضاؤل فرصهم في المحافظة على نمط حياة مقنع وممتع، ويعني ايضاً انحسار فاعليتهم وتأثيرهم في ما يجرى حولهم. اما اذا كان كبير السن يعاني مرضاً ما فإن ذلك يزيد من عزلته وهامشيته. وفي معظم الحالات يلجأ الأهل الى ترك المسن وحيداً أو تعيين خادمة تهتم به او الاكتفاء بزيارته من وقت لآخر. بالنسبة الى مجتمعاتنا يعتبر هذا الحل الأفضل للحفاظ على سمعة العائلة بينما تفضّل العائلات في اوروبا والغرب عموماً ايداع المسنين دوراً متخصصة برعايتهم وإعادة دمجهم في نظام حياتي يخضع لبرنامج داخلي وخارجي مناسب. وقد لا ينجو المسنون في الحالين من الاكتئاب او الشعور بالفراغ والعزلة والرغبة في مغادرة العالم.
المتخصصون في طب الشيخوخة غالباً ما يركزون على ضرورة استعداد المسن لهذه المرحلة من العمر، وضرورة إلغاء فكرة ان الحياة تعاش في الشباب فقط. والمطلوب من العائلة والأبناء بخاصة التعامل مع المسن على انه رأس العائلة وأهمية اخذ رأيه في القضايا الأساسية. والحال ان المجتمعات القديمة تتفوق على المجتمعات الأحدث في هذا السياق إذ تُظهر الدراسات والإحصاءات الأنتروبولوجية ان المسنين سواء أكانوا آباء ام اجداداً يحصلون على الاحترام والتقدير بسبب الروابط العائلية والعشائرية التي تعطيهم مرتبة خاصة وأساسية. اما في المجتمعات الحديثة وما بعد الحديثة فإن كبار السن تتضاعف معاناتهم وتزداد اسباب تعرضهم للاكتئاب بنوعيه العضوي والاجتماعي. الحياة في هذه المجتمعات تزداد فردية وأنانية ونسبة عالية من الآباء يفقدون السيطرة على عائلاتهم كما ان معظم الأبناء من جيل الشباب يمتلكون رغبات قوية لخلق انماط حياتية خاصة بهم وغالباً ما تتعارض هذه الأنماط مع الأشكال السائدة في العائلة.
لكل مرحلة متعتها
الشيخوخة أمر لا بد منه ولا يمكن منع التقدم في السن ولكن طب الشيخوخة اليوم يحاول ان يحسّن نوعية الحياة التي يمكن ان يعيشها كبار السن. وهذا لا يتم إلا بالكف عن التفكير في ان التقدم في العمر ينبغي ان يترافق مع توديع الحياة والغرق في الفراغ المتزايد الناشئ عن التقاعد وتراجع الصحة الجسدية والقوة البدنية. صحيح ان الشيوخ لا يمكنهم في هذه المرحلة القيام بالأعمال نفسها التي مارسوها وهم شبان وبالإيقاع نفسه ولكن يجب ان نعلم ان لكل مرحلة من العمر متعتها ولذتها، الاكتئاب قد ينشأ من دون هذه الأسباب وقد ينجح علاجه بالأدوية ولكن المتخصصين الاجتماعيين يعطون الدور الأهم لقدرة الكبار في السن على الاندماج في الحياة والمحافظة على الصداقات والروابط القديمة وخلق علاقات جديدة مناسبة. وهذا كله يحتاج الى استعداد ذهني وبدني مسبق بأن الحياة انواع وأن هناك اساليب عيش تليق بكبار السن وهي لا تقل متعة وأهمية عن الأساليب التي سبق وعاشوها. والأرجح ان افتقاد كبار السن لهدف ما في الحياة هو العامل الأهم في معاناة هؤلاء من الفراغ والاكتئاب ويأتي، بعد ذلك، غياب الهوايات وعدم القدرة على استيعاب حقائق الشيخوخة والتكيف.
الشيخوخة مرحلة مثل غيرها من مراحل العمر، الفرق انها تأتي في نهاية عمر الإنسان وهذا ما يجعل الكثيرين يعتقدون ان التقدم في السن يعني الاستعداد للنهاية. الاختصاصيون يحاولون ان يثبتوا خطأ هذا الاعتقاد وأن كل لحظة من الحياة تستحق ان تُعاش، وأن الأمراض النفسية والاكتئاب من بينها لا تنشأ فقط من الفراغ والتقاعد وتضاؤل النشاط الاجتماعي، فالإحصاءات، على العكس، تشير الى ان الشبان هم الأكثر عرضة للمشكلات النفسية التي غالباً ما تكون حادة ومفاجئة وتؤدي احياناً، الى الانتحار او الاستسلام للمخدرات والكحول.
لا يتسع المجال هنا لعقد مقارنات من هذا النوع ولكن من المؤكد ان التقدم في السن اذا لم يكن مصحوباً بالرضا عن الذات والإنجازات الشخصية فإنه قد يتحول من مرحلة عمرية عادية الى فترة حرجة يمكن ان تجعل من الإنسان كائناً اشد هشاشة وضعفاً فلا يكون الاكتئاب سوى العنوان الذي يخفي تحته طبقات اخرى من المعاناة والآلام غير المرئية وغير المصرح بها. والأرجح ان رواية "الحب في زمن الكوليرا" لغابرييل غارسيا ماركيز تصلح مثالاً عن الحب والحياة بعد السبعين، فقد اراد حامل نوبل للآداب ان يبرهن ان الأحاسيس في الربع الأخير من العمر لا تقل رهافة وشغفاً عن كل المراحل الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.