شاخ سكان العالم، ويتوقع أن يزداد العالم شيخوخة مع مرور الوقت. وإذا كانت كلمة «شيخوخة» تثير مشاعر القلق لدى البعض بسبب أمراضها وأعبائها، وتسبب ضغطاً لدى آخرين بفعل الصورة النمطية للمسنّ والعجوز، فقد آن الأوان لتغيير ذلك، ليحظى مسنُّو الأرض وعجائزها بحياة مريحة. ففي الخامس من الشهر المقبل، تحتفل منظمة «الصحة العالمية» بيوم الصحة، فيما يزداد متوسط أعمار السكان بنسب ملحوظة، فمتوسط العمر الذي كان حتى بضعة عقود مضت لا يتجاوز الخمسين، بات يتجاوز حالياً في بعض البلدان ال80. وبدلاً من أن يكون التقدم في العمر وصمة، ثمة مجال لتمكين سكان الأرض المسنين من أن يحظوا بفرصة لم تتهيأ لأسلافهم، وهي الاستمرار في العيش جنباً إلى جنب مع أبناء أحفادهم. وبلغة الأرقام، بين كل عشرة أشخاص يعيشون في عالمنا اليوم، شخص تجاوز الستين. وفي غضون ثلاثة عقود سيكون من بين كل أربعة، شخص قد تجاوز الستين، ما يعني تنامي ظاهرة شيخوخة السكان التي يتغير معها الهرم السكاني الموزَّعة عليه الفئات العمرية، ونزول كبار السن من على قمة الهرم (الأقل عدداً). ويُتوقّع أن يصل عددهم بحلول عام 2050 إلى بليوني نسمة، أي 22 في المئة من مجموع سكان العالم. لكن نزول كبار السن من على قمة الهرم يجب أن تواكبه ظروف حياتية أفضل، وهو ما يشير إليه مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط (مقره القاهرة) علاء الدين العلوان، ويقول إن «الحاجة ماثلة إلى جهود متضافرة وتعاون شامل لاستجابة متطلبات شيخوخة السكان، إذ ستكون هناك حاجة إلى بذل جهد في كل المجالات، لتقديم رعاية متكاملة على المستويات: الصحي والاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الدعم الأسري». وتوصي منظمة الصحة العالمية بتضافر الجهود من أجل توفير حياة أفضل لمسنِّي العالم، من خلال تعزيز أنماط الحياة الصحية في مختلف مراحل الحياة، ووضع السياسات والبيئات المناسبة التي تسمح بانخراط المسنِّين من الجنسين فيها، وجعل الرعاية الصحية الأولية مراعية للسن. ويتطلب هذا الأمر تضافر جهود كل من صانعي القرار وراسمي السياسات ومقدّمي الرعاية الصحية وقوى المجتمع المدني والإعلاميين والأكاديميين والأفراد والمسنِّين أنفسهم. وتأتي على قمة الأولويات ضرورة القضاء على الخرافات المرتبطة بالشيخوخة، وأبرزها أن الشيخوخة مرض، خصوصاً أن هذه الأخبار تساهم في تشكيل الوصم الذي قد يحرم كبار السن حقهم في أن يحيوا حياة طبيعية ونشطة ومنتجة، يتمتعون فيها بالكرامة ويواصلون الاندماج في عائلاتهم ومجتمعاتهم. ومن أبرز الأوراق البحثية التي سيتم إطلاقها لمناسبة يوم الصحة، ورقة عنوانها «من الوصمة إلى الشيخوخة المفعَمَة بالنشاط وحفظ الكرامة» وتعتمد على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينصّ على أن «الكل يولد حراً ومتساوياً في الكرامة والحقوق»، وتؤكّد أن هذه المساواة لا تتغير بالتقدُّم في العمر، فالمسنُّون والمسنَّات لهم الحقوق نفسها التي يتمتع بها الجميع في أي مرحلة عمرية أخرى. ويتخذ الاحتفال شعار: «الصحة الجيدة تضيف حياةً إلى السنين»، ويكشف العلاقة الوطيدة بين جودة الحياة الصحية واستمرار الإنسان في أداء أدواره في الحياة باستقلالية، ومن دون وصاية، أو استبعاد أو ازدراء.