تتجه قلوب السوادنيين في كل انحاء العالم صوب نيفاشا، حيث سيحدد مستقبل السودان إما الى سلام وحكم قانون ووحدة، واما الى حروب وتشتت وديكتاتورية وضياع. ومن ضمن النقاط المختلف عليها امر القضاء. ان لاستقلال القضاء مكانة خاصة. فله دوره في استتباب السلام القادم، والحكم في النزاعات القانونية التي تنشأ بين اطراف الاتفاقية. وضمان حكم القانون، وعدم تدخل سلطة في سلطة اخرى. كما ان دوره الاشراف على الانتخابات القادمة، وضمان نزاهتها مهم جداً، والاشراف على الاستفتاء على تقرير المصير. ولن يستطيع القضاء ان يقوم بذلك اذا لم يكن محايداً. وهو قد فقد حياده بعد انقلاب 1989، وأفرغ من المحايدين وأصحاب الكفاءات في مذابح متتالية. وتم تعيين قضاة من الموالين للنظام الحاكم، لم يسعوا حتى لاخفاء ولائهم. فانتظموا في صفوف الدفاع الشعبي. وحارب بعضهم في الجنوب، وشرعوا في مسيرات كانت تشق شوارع العاصمة بزاد المجاهد. فكيف سيركن اليهم الشعب السوداني، ويثق فيهم للاشراف على اجراء الانتخابات الديموقراطية القادمة؟ او لتفسير الدستور؟ او للحكم في نزاع بين الحكومة والحركة، وهم حاربوا الحركة من قبل بالسلاح ساعين لدخول الجنة عن طريق قتل منتسبيها؟ وحتى منصب رئيس القضاء لم يسلم من الاستقطاب. فتم تعيين الاستاذ حافظ الشيخ الزاكن رئيساً للقضاء وهو رئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الاسبق عن الجبهة الاسلامية، ومرشحها في انتخابات الخريجين. وتعيين اصحاب الولاء ادى لتردي العمل القضائي. وأشارت لذلك المحكمة الدستورية والتي تم تعيينها بواسطة الحكومة. والغريب هو ان المحاكم الادنى تمتثل الى امر المحكمة العليا، فتقوم بتعديل اصل الحكم، على رغم انها لا تملك صلاحية لذلك. ان قرارات نيفاشا ينبغي ان تتضمن نصاً واضحاً على استقلال القضاء. وهذا لن يتأتى الا في اعادة تكوين الهيئة القضائية، واعادة المعتدلين، وتعيين المرأة في العمل القضائي، بعد ان منعت من ذلك منذ العام 1990. وأقول لقرنق: انك مطالب بالوفاء بالعهود والمواثيق التي وقعتها في مؤتمر القضايا المصيرية، في اسمرا، والتي تتضمن الالتزام باستقلال القضاء. واذا قبلت بالحلول المائعة في أمر القضاء فستفقد مصداقيتك. أميركا - محمد الحسن محمد عثمان قاضٍ سوداني سابق