قال رئيس البنك المركزي العماني حمود بن سنجور الزدجالي إن الأمور تسير بشكل طبيعي نحو العملة الخليجية الموحدة ضمن خطوات للاتحاد النقدي بين دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف في حديث خاص ل"الحياة"أنه لا يوجد اتجاه لتغيير مثبت العملة العمانية الريال من الدولار الى أي عملة أخرى، مؤكداً أن الدولار كمثبث للعملة الوطنية يحقق الاستقرار للاقتصاد العُماني ويسهل ويضبط عمليات السلطنة المالية ويُشجّع على جذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى السلطنة. وأكد أنه لم تحدث حالات اختراق للأمن النقدي في صوره المختلفة، لافتاً الى أن البنك المركزي يراقب هذا النشاط عن كثب بالتعاون مع البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية المرخصة من قبله وكذلك شرطة عُمان. ويتم توجيه البنوك والمراقبين بأخذ الحيطة والحذر في هذا المجال من وقت لآخر. وفي ما يأتي نص الحديث: أين وصلت جهود المتابعة لاعتماد العملة الخليجية الموحدة بين أقطار دول مجلس التعاون الخليجي، وهل هناك من عقبات بدأت تظهر على السطح، وماذا ما تحقق بين دول المجلس على هذا الصعيد؟ - في الواقع أن الأمور تسير بشكل طبيعي نحو الهدف المنشود وهو العملة الخليجية الموحدة في ظل الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي من المتوقع أن يتحقق على مراحل بإذن الله في الموعد المحدد. وكما هو معروف فإن المرحلة الأولى تمثلت بإقامة الاتحاد الجمركي بين دول المجلس، الذي بدأ تطبيقه والعمل به منذ أول كانون الثاني يناير عام 2003، وما تم اتخاذه في إطار المجلس من اجراءات لتذليل ما اعترضه من صعوبات، وإتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتسهيل انسياب حركة السلع وإزالة أي معوقات تُحد من ذلك. ولهذا الغرض وافق المجلس الأعلى على إقامة مركز المعلومات الجمركي في مقر الأمانة العامة الذي يربط إدارات الجمارك بدول المجلس آلياً ويسهل تنفيذ متطلبات الإتحاد الجمركي في هذا المجال. هناك اعتماد كبير على الدولار كمثبت لسعر صرف الريال العُماني، مع ظهور اليورو وتذبذب سعر صرف الدولار، هل من خطة للاتجاه نحو عملة أوروبا الموحدة أم أن العقبات أكبر من الرغبة في التغيير؟ - من المعروف أن نظم أسعار الصرف تتمثل في نظامين أساسيين، أولهما نظام سعر الصرف الثابت، وثانيهما نظام سعر الصرف المرن الذي يتغير في ظله سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية طبقاً لعوامل العرض والطلب. وطبقاً لنظام سعر الصرف الثابت، فإن العملة الوطنية تكون مرتبطة بمثبت ما يكون مقياساً لسعر صرفها. وهذا المثبت يكون عملة واحدة أو سلة من عملات عدة. ولا يوجد مثبت نموذجي مثالي وإنما يتم اختيار المثبت على ضوء اعتبارات عدة خصوصاً في ظروف كل دولة على حدة. وعلى رغم أن الين الياباني واليورو بدأت أهميتهما في الزيادة في الآونة الأخيرة، إلاَّ أن أهميتهما في إجمالي التجارة والمدفوعات الدولية أقل من الدولار الأميركي. إن التذبذب المستمر أصبح سمة مميزة لأسعار الصرف، ليس فقط للدولار الأميركي بل كل العملات في العالم. وهذا يعني أن اختيار مثبت للعملة عبارة عن اليورو أو"سلة عملات"سيخضع أيضاً للتقلب في قيمته من وقت لآخر بسبب تذبذب أسعار صرف العملات المكونة لهذه السلة. ومن هنا، فإن سلطنة عُمان وكذلك باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية رأت أن أفضل مثبت لعملتها الوطنية في الوقت الحاضر هو الدولار الأميركي، فذلك المثبت يحقق الاستقرار للاقتصاد العُماني ويسهل ويضبط عملياتها المالية وحساباتها في الداخل فضلاً عن تعاملها مع دول العالم المختلفة، كما يُشجّع على جذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى السلطنة. وعليه، فإنه لا يوجد اتجاه في الوقت الحاضر لتغيير مثبت سعر صرف الريال العُماني إلى اليورو أو لغيره من العملات للأسباب المتقدم ذكرها. هل هناك حسابات مشبوهة تم ضبطها، وما هي آلية المراقبة لديكم؟ - قام البنك المركزي العُماني بتعميم قائمة الأسماء التي أصدرتها الأممالمتحدة بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر عام 2001 على البنوك العاملة في السلطنة، وذلك للتأكد من عدم وجود تلك الحسابات لدى البنوك العُمانية. كما قام البنك بإصدار توجيهاته إلى البنوك العاملة بالبلاد لتوخي الحيطة والحذر عند فتح حسابات لجهات يعتقد المسؤولون في البنك المعني أن لهم نشاطاً مشبوهاً أو غير مشروع، وذلك في إطار سعي البنك المركزي لمكافحة ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالتنسيق مع الجهود التي تبذلها الجهات الدولية المعنية في هذا الشأن. ينظر المواطن العُماني بقلق إلى أسعار الفائدة على القروض الاستهلاكية ويقارنها بدول أخرى، كدول الجوار مثلاً، كيف تنظرون للأمر، وما هي استراتجيتكم للحد من هذه القروض وفي الوقت نفسه التخفيف من الأعباء التي تفرضها مثل هذه القروض على كاهل المواطن؟ - لقد قام البنك المركزي العُماني، في إطار سياسته الإصلاحية، بتحرير أسعار الفائدة على القروض والودائع، باستثناء القروض الشخصية، وتشمل القروض الإستهلاكية، التي حدد لها حداً أقصى سقف لسعر الفائدة، قام بتخفيضه تدرجاً من 13 في المئة إلى 12 في المئة ثم 11 في المئة وأخيراً 10 في المئة في السنة اعتباراً من أول كانون الثاني سنة 2004، على أن يُترك للبنوك حرية تحديد أسعار الفائدة على ضوء الظروف السائدة في السوق المحلية وكذلك أسعار الفائدة العالمية. ومن الواضح أن هدف البنك المركزي العُماني من تخفيض سقف سعر الفائدة على القروض المذكورة، على هذا النحو، هو التخفيف من عبء المديونية على كاهل المواطن العُماني، وترك المجال للبنوك في المنافسة على تقديم خدماتها إلى العملاء بأفضل الشروط الممكنة. ومن جانب آخر، فإنه إذا اعتقد بعض المقترضين أن سقف سعر الفائدة على القروض الشخصية الذي يبلغ 10 في المئة في السنة ما زال يعتبر كبيراً، فلعل ذلك يدفعه إلى التريث والتفكير الجدي قبل الإقدام على الحصول على قرض شخصي بحيث لا يقدم على ذلك إلا عند الضرورة القصوى لتحاشي الآثار السلبية المترتبة على الاقتراض بدون مبرر قوي وحاجة ملحة. كيف تقوّمون الوضع الاقتصادي العالمي مع ما يحدث من هزات مالية وسياسية؟ وهل أنتم قلقون على الاقتصاد العُماني، وبالتالي على العملة الوطنية؟ - يُعتبر الوضع الاقتصادي العالمي بمثابة مرآة تعكس الأوضاع الاقتصادية في مختلف دول العالم. ومن المعروف أن دول العالم تتفاوت من ناحية حجم اقتصاداتها ودرجة تقدمها، وبالتالي يختلف مدى تأثير الوضع الاقتصادي العالمي بما يحدث فيها من تطورات. من هنا، فإننا نجد أن الوضع الاقتصادي العالمي يكون أكثر تأثراً بما يحدث من تطورات في الدول الكبرى المتقدمة، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة الأميركية، أكبر مستهلك ومستورد للنفط في العالم، والاتحاد الأوروبي واليابان وأخيراً الصين التي بدأت تبرز كقوة اقتصادية كبرى مؤثرة في العالم اليوم. ولقد بدأ الاقتصاد العالمي يشهد تطورات اقتصادية إيجابية في الآونة الأخيرة نتيجة لزيادة معدل النمو الاقتصادي في الولاياتالمتحدة ومعظم دول العالم مصحوباً بزيادة الطلب العالمي على مختلف السلع والخدمات، ومنها النفط الذي ما زال يشهد سعره ازدياداً مطرداً، ومن المتوقع أن يستمر هذا التحسن الاقتصادي العالمي خلال الفترة المتبقية من هذه السنة. ولقد تأثرت سلطنة عُمان إيجابياً بهذه التطورات الاقتصادية العالمية المواتية، الأمر الذي يعكسه ارتفاع متوسط أسعار نفط عُمان من 23 دولاراً للبرميل عام 2001 إلى 24.29 دولار للبرميل 2002 و27.84 دولار للبرميل عام 2003 ثم إلى 30.61 دولار للبرميل، متوسط الفترة أول كانون الثاني الماضي الى 30 نيسان ابريل الماضي. أما في ما يتعلق بالريال العُماني فلا خوف عليه على الإطلاق، فهو عملة مستقرة سعرها ثابت مقابل الدولار الأميركي، ويدعمها احتياط كبير من النقد الأجنبي لدى السلطنة. الوضع النقدي في السلطنة بما يشمله من الودائع والاحتياطات وغيرها كيف تنظرون إليه مع الوضع الاقتصادي العالمي؟ - استمرت التطورات النقدية والمصرفية المواتية، التي تمثلت في مستوى مرتفع من السيولة لدى البنوك وانخفاض أسعار الفائدة، في دعم النمو الاقتصادي في البلاد. ولقد كان نمو السيولة المحلية متماشياً مع نمو القطاعات غير النفطية، وتوضح الموازنة الإجمالية للبنوك التجارية العاملة في السلطنة أن الإجماليات الرئيسية شهدت نمواً ملحوظاً خلال فترة التحليل. فقد زاد إجمالي أصول موجودات هذه البنوك بنسبة 4.4 في المئة في المئة ليصل إلى 4565.7 مليون ريال عماني في نهاية آذار مارس الماضي، حيث زاد إجمالي الإئتمان الذي منحته تلك البنوك بنسبة 0.9 في المئة ليصل إلى 3289.6 مليون ريال عماني بالمقارنة بمستواه في نهاية آذار عام 2003. ولقد زاد الإئتمان الممنوح للقطاع الخاص بنسبة ضئيلة بلغت 0.7 في المئة وذلك نتيجة لاستمرار البنوك في اتباع سياسات تتسم بالحيطة والحذر عند منح الإئتمان. ونتيجة لتوافر السيولة، زادت استثمارات البنوك التجارية بدرجة ملحوظة، وبصفة خاصة في الأوراق المالية الحكومية، إذ زادت قيمة استثماراتها في أذون الخزانة من 59 مليون ريال عماني في آذار عام 2003 إلى 146 مليون ريال في آذار سنة 2004، أما حيازاتها من سندات التنمية الحكومية فقد زادت من 120 مليون ريال في نهاية آذار 2003 إلى 139.6 مليون ريال في نهاية آذار 2004، وبلغت قيمة استثماراتها في شهادات الإيداع التي يصدرها البنك المركزي العُماني 174.1 مليون ريال في نهاية آذار 2004، وذلك بدافع رغبتها في توظيف فائض السيولة لديها في أدوات مالية مربحة. وعلى الجانب الآخر، بلغ إجمالي الودائع لدى البنوك التجارية 2930.3 مليون ريال عماني في نهاية آذار 2004، اذ زادت ودائع القطاع الخاص بنسبة 4.2 في المئة لتصل إلى 2404 ملايين ريال عماني في نهاية آذار 2004، أما بالنسبة لأسعار الفائدة، فقد استمرت عند مستواها المنخفض نسبياً تماشياً مع أسعار الفائدة العالمية. أشرتم في تعميمات سابقة إلى حالات اختراق للأمن النقدي، كالاحتيال والتزوير وغيرها. ما هي جهودكم للحد من ذلك، وهل تراجعت ظاهرة الشيكات المرتجعة مع اشتداد الحملة عليها؟ - في الواقع لم تحدث حالات اختراق للأمن النقدي في صوره المختلفة، والبنك المركزي العُماني يراقب هذا النشاط عن كثب بالتعاون مع البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية المرخصة من قبله وكذلك شرطة عُمان السلطانية، ويتم توجيه البنوك والمراقبين بأخذ الحيطة والحذر في هذا المجال من وقت لآخر. أما فيما يتعلق بظاهرة الشيكات المرتجعة فهس كما لا يخفي ظاهرة عالمية موجودة في كل دول العالم من دون استثناء، وفي سلطنة عُمان فإن الأجهزة المعنية في الدولة بما فيها البنك المركزي العُماني تتصدى لهذه الظاهرة بكل حزم ويتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحجيم هذه الظاهرة إلى أدنى حد ممكن حفاظاً على سلامة النظام المالي في البلاد.