بين ولاية تكساس الاميركية ودولة موزامبيق الأفريقية أكثر من طقس حار وصناعة لحوم، اذ يجمعهما اليوم صراع على كرسي السيدة الأولى في البيت الأبيض. تقود هذا الصراع كل من لورا والش بوش زوجة الرئيس جورج بوش المولودة في مدينة ميدلاند في تكساس، وتيريزا هاينز كيري، زوجة المرشح الديموقراطي جون كيري، المولودة في مابوتو عاصمة موازمبيق. تاريخياً، بدأ تقليد "السيدة الأولى" مع مارثا واشنطن عام 1789 قبل أن يتكرر 44 مرة مع نساء تركوا بصمات واضحة في تاريخ السياسة الأميركية مثل اليونور روزفلت التي كانت الساعد الأيمن لفرانكلين روزفلت خلال 12 سنة 1933 - 1945 في البيت الأبيض، أو الاعلامية المتألقة جاكلين كينيدي 1961 - 1963، او الممثلة نانسي ريغان 1981- 1989، وغيرهن ممن كانت لهن اليد الطولى في وصول أزواجهن ونجاحهم كرؤساء للولايات المتحدة. من هنا جاء تسليط اضواء الاعلام على زوجة المرشح وصورتها في الرأي العام الأميركي. فمن ناحية قد يضعف غيابها عن الساحة حظوظ المرشح، كما رأينا مع هوارد دين الذي لم ترافقه زوجته جودي خلال الحملة وفضلت مزاولة حياتها بعيداً عن الأضواء كطبيبة في ولاية فيرمونت، وانتهى به الأمر خارج السباق. ومن ناحية أخرى قد تؤذي مشاركة مبالغ بها رصيد المرشح، فالكثير من التفاخر كما رأينا مع هداسا ليبرمان في وصف زوجها جوزيف في انتخابات 2000 بال "المذهل والأفضل" لم يساعد على الاطلاق. وعليه تبدو لورا والش بوش وتيريزا هاينز كيري من الوجوه البارزة في الحملة الراهنة، مع اختلاف واضح في الآداء والأسلوب واللهجة الخطابية. فبينما تلتمس بوش الحذر في تعليقاتها وتبقيها ضمن اطار سياسي وديبلوماسي محدد، تخرق السيدة كيري هذه القواعد وتسمي الأشياء بأسمائها حتى لو فرض ذلك وصف سياسة الرئيس بأنها "غبية" أو ابلاغ الصحافيين بأنها تأخذ "جرعات بوتوكس التجميلية" وأن كيري كان يقضي حاجته عندما صدر نبأ فوزه في ولايتي أيوا ونيو هامبشير. العفوية والجرأة الكلامية تطغيان على أسلوب ماريا تيريزا تيرستين سيموز فيريرا، المولودة من أب برتغالي وأم أفريقية، وهي بالاضافة الى اتقانها خمس لغات عاشت وعملت في دول أوروبية قبل انتقالها الى الولاياتالمتحدة وزواجها السابق من جون هاينز عام 1961، مدير امبراطورية "هاينز" للكاتشاب، وقد قتل السناتور هاينز عام 1991 بحادث طائرة فوق ولاية فيلادلفيا، مورثاً عائلته ثروة تقدر ب550 مليون دولار. وتواجه شركة "هاينز" حملة من جمهوريين يهددون بمقاطعتها بسبب دعمها جون كيري، الذي تزوج تيريزا هاينز في العام 1995. واضطرت الشركة لإصدار بيان يوضح ان لا علاقة لتيريزا هاينز كيري بمجلس الادارة، وبالتالي لا علاقة للشركة بحملة كيري الانتخابية. اما السيدة الحالية للبيت الأبيض، والتي يتهمها البعض بالأداء السلبي والغياب عن الساحة السياسية، فبدت وجهاً ساهم في تهدئة الرأي العام بعد حوادث 11 أيلول سبتمبر 2001 بخطاب بعيد عن الهجومية خلافاً لخطاب زوجها الرئيس. ويصوّر البعض لورا بوش بأنها "مصدر ثبات وعطف" ضروريين في حملة بوش. لورا نشأت في ولاية تكساس وتخرجت من جامعاتها، قدمت الكثير للبيت الأبيض منذ العام 2000 خصوصاً في مجالات حقوق الطفل والتعليم. ومع أنها اليوم تتبع خطاباً سياسياً متقناً فيه الكثير من الديبلوماسية، إلا ان هناك إستثناءات قليلة، كرفضها استقبال شعراء كتبوا ضد الحرب العراقية في شباط فبراير 2003. وعلى رغم تأييدها لسياسة زوجها وآرائه السياسية "من حيث المبدأ"، إلا ان لديها "تحفظات" عن "بعض الممارسات"، كما لمحت في حديث الى صحيفة "شيكاغو تريبيون" من دون الدخول في التفاصيل. أما تيريزا هاينز كيري، الآتية من ماضٍ جمهوري معتدل الى الحزب الديموقراطي، فتبدو أكثر تطابقاً مع ميول كيري وتطلعاته السياسية. وتحتل السيدتان مكاناً بارزاً في استطلاعات الرأي، ما ينبىء بصيف تكساسي - موزامبيقي انتخابي حار.